ارتفاع أسعار الأضاحي بهذه الولاية..    صفاقس: ولي يعتدي على معلّم.. والمربون يحتجّون    الموت يفجع حمدي المدب رئيس الترجي الرياضي    إحداث خزان وتأهيل أخرين واقتناء 60 قاطرة لنقل الحبوب    وزير الفلاحة : أهمية تعزيز التعاون وتبادل الخبرات حول تداعيات تغيّر المناخ    عاجل/ آخر المستجدات في ايران بعد وفاة "رئيسي": انتخاب رئيس مجلس خبراء القيادة..    عاجل : قتلى وجرحى في غرق ''ميكروباص'' بنهر النيل    كوبا أمريكا: ميسي يقود قائمة المدعوين لمنتخب الأرجنتين    وفاة نجم منتخب ألمانيا السابق    البطل العالمي والبرالمبي وليد كتيلة يهدي تونس ذهبية ويتوج بطلا للعالم    لأول مرة: إطارات تونسية تصنع الحدث .. وتقود نادي سان بيدرو الإيفواري إلى التتويج    دورة رولان غاروس الفرنسية : عزيز دوغاز يواجه هذا اللاعب اليوم    حاول اغتصابها فصدته: 20 سنة سجنا لقاتل قريبته..    مناظرة انتداب عرفاء بسلك الحماية المدنية    مفزع/ حوادث: 22 حالة وفاة و430 مصاب خلال 24 ساعة..    فظيع/ هلاك كهل بعد اصطدام سيارته بشجرة..    في الملتقى الجهوي للمدراس الابتدائية لفنون السينما ..فيلم «دون مقابل» يتوج بالمرتية الأولى    الكاف ..اختتام الملتقى الوطني للمسرح المدرسي بالمرحلة الإعدادية والثانوية    توزر ..تظاهرة إبداعات الكتاتيب «طفل الكتاب إشعاع المستقبل»    إختفاء مرض ألزهايمر من دماغ المريض بدون دواء ماالقصة ؟    اصابة 10 أشخاص في حادث انقلاب شاحنة خفيفة بمنطقة العوامرية ببرقو    بدأ مراسم تشييع الرئيس الإيراني ومرافقيه في تبريز    نقابة الصحفيين تحذر من المخاطر التي تهدد العمل الصحفي..    مقرر لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان معلقا : ''كابوسا وانزاح''    صلاح يُلمح إلى البقاء في ليفربول الموسم المقبل    رئاسة الجمهورية السورية: إصابة أسماء الأسد بسرطان الدم    وزارة الفلاحة: '' الحشرة القرمزية لا تُؤثّر على الزياتين.. ''    هام/ هذا عدد مطالب القروض التي تلقاها صندوق الضمان الاجتماعي..    الرابطة المحترفة الأولى (مرحلة تفادي النزول-الجولة 11) : مواجهات صعبة لفرق أسفل الترتيب    عاجل/ تركيا تكشف معطيات خطيرة تتعلق بمروحية "الرئيس الإيراني"..    وزير الأعمال الإيطالي يزور ليبيا لبحث التعاون في مجالات الصناعة والمواد الخام والطاقة المتجددة    كان يتنقل بهوية شقيقه التوأم : الاطاحة بأخطر متحيل عبر مواقع التواصل الاجتماعي ...    الحماية المدنية التونسية تشارك في عملية بيضاء لمجابهة حرائق الغابات مع نظيرتها الجزائرية بولايتي سوق أهراس وتبسة الجزائريتين    سامية عبو: 'شو هاك البلاد' ليست جريمة ولا يوجد نص قانوني يجرّمها    البرلمان يعقد جلستين عامتين اليوم وغدا للنظر في عدد من مشاريع القوانين الاقتصادية    عمرو دياب يضرب مهندس صوت في حفل زفاف.. سلوك غاضب يثير الجدل    الدورة 24 للمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون تحت شعار "نصرة فلسطين" و289 عملا في المسابقة    سليانة: معاينة ميدانية للمحاصيل الزراعية و الأشجار المثمرة المتضرّرة جراء تساقط حجر البرد    قبلي: تخصيص 7 فرق بيطريّة لإتمام الحملة الجهوية لتلقيح قطعان الماشية    49 هزة أرضية تثير ذعر السكان بجنوب إيطاليا    طقس الثلاثاء: الحرارة في انخفاض طفيف    وزير الدفاع الأميركي: لا دور لواشنطن بحادثة تحطم طائرة رئيسي    منوبة.. إيقاف شخص أوهم طالبين أجنبيين بتمكينهما من تأشيرتي سفر    تنبيه/ تحويل ظرفي لحركة المرور ليلا لمدة أسبوع بهذه الطريق..    هل فينا من يجزم بكيف سيكون الغد ...؟؟... عبد الكريم قطاطة    أغنية لفريد الأطرش تضع نانسي عجرم في مأزق !    تقرير يتّهم بريطانيا بالتستر عن فضيحة دم ملوّث أودت بنحو 3000 شخص    رئيس منظمة إرشاد المستهلك يدعو رئيس الجمهورية الى التدخّل لتسريع تسقيف اسعار اللحوم الحمراء    الشاعر مبروك السياري يتحصل على الجائزة الثانية في مسابقة أدبية بالسعودية    نحو الترفيع في حجم التمويلات الموجهة لإجراء البحوث السريرية    الاهلي المصري يعلن اصابة علي معلول بقطع جزئي في وتر اكيلس    تونس تتوج ب 26 ميداليّة في المسابقة العالميّة لجودة زيت الزيتون في نيويورك    تحذير من موجة كورونا صيفية...ما القصة ؟    4 تتويجات تونسية ضمن جوائز النقاد للأفلام العربية 2024    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءات: «أنا من راود التحنان» للشاعر خالد درويش
نشر في الشروق يوم 07 - 10 - 2010

لم يعد الشاعر الليبي خالد درويش بغريب عن المشهد الشعري في تونس من خلال حضوره تظاهرات ثقافية مختلفة ومن خلال نصوصه وهو من الأسماء النشيطة التي تحمل رسالة الجيل الشعري الجديد في ليبيا، هذا الشاعر أصدر مؤخرا عملا جديدا عنوانه «أنا من رواد التحنان» وهو عنوان يحمل بعدا نفسيا وصوفيا...
ينخرط درويش في موجة النصوص الشعرية المعاصرة التي تحاول أن تطمس خطاباتها وتثريها بما توفره الثقافة من أفق للمبدع وذلك في إطار الابتعاد عن الخطاب اليومي وقد خيّر في هذا العمل أن يلقي بنصه في تخوم بعيدة محاولا الاستفادة من الرموز التراثية والتاريخية لكن مهما ابتعد الشاعر عن الواقع وعن الذات فشعره هو رؤية ما للراهن وهو تجل من تجليات الذات الشاعرة... وقد استقرت في ذهني بعد قراءاتي الأولى لهذا العمل ثلاث ملاحظات وهي لا تنفصل عموما عما عرفته عن تجربة خالد درويش الشعرية
1) يطرق خالد درويش في هذا العمل باب التصوف الشعري فيكثف من مفردات المتصوفة في أغلب القصائد كما يردد بعض مواقفهم وجواهرهم وتحديدا الإحساس بالفناء والتوحد مع المحبوب وهذا ما سنحاول إبرازه من خلال بعض القصائد
أ) طواسين
افتتحت المجموعة بهذا النص الملغم بمفردات الصوفية وتوترهم فكان معجمهم حاضرا بكثافة وحضرت مصطلحاتهم التي نسبت إليهم:
الطير أنهار الروح الدم الموت الكأس فاض التاع...
وحضر التوجع والتألم الصوفي من ذلك قوله:
جفّت أنهار الروح بكفيه
ففاض الحزن المورق والتاع الطين
دب الصبح بأنفاس معانيه انكفأت
وطغى قلب سدته مساكين ص7
2 تعالي يا امرأة الروح
في هذه القصيدة نهل من مصطلحات الصوفية ومعاجمهم (راح الظلمة روحي شغاف القلب أحداقي أشواقي يشرف شراب فناء...)
كما نجد الكثير من المنماخات الصوفية ومن أهمها التوحد بالمحبوب والتواصل الروحي معه... تلك الدرجة الرفيعة من الحب الصوفي التي تتجلى في سطور شعرية كثيرة والتي تقوم على التخلص من الجسد وتحديه باعتباره قيدا ومصدر دنس حسب الثقافة الإسلامية التي تميل إلى الروح مقابل الجسد.
«اتحرر من وهم الجسد الملعون
واكسر أطراقي»
كما يبحث الشاعر عن حالات من الحب العميق هي في النهاية تجليات للحب الصوفي
نعثر على هذه الرغبة في قوله
«من تلك تراها تدخلني
من تستكشف طرقي
من تسبح في عمقي»
كما نورد مقطعا آخر يعبر عن هذه الرغبة الصوفية
« تشعل هذا الصدر
وتموت على عنقي
جسدي ومضة نار
روحي مشرعة فاخترقي
ثم شيء في هذا الصدر» ص19
2) أما الملاحظة الثانية فتتعلق بميل الشاعر إلى توظيف التراث في نصوصه الشعرية وهو ما سمح بتناص مع القص الديني والتراث الأدبي والشعري فالنص الشعري لدرويش متلبس بالتراث وهو يعيد تشكيل الماضي ويختطف منه بعض الصور الشعرية ليقحمها في السياق اليومي المعاصر وقد حافظ الشاعر على هذا التوجه في مختلف أعماله الصادرة مثل زقزقة الغراب أو بصيص حلق أو أنا الليبي متصل النشيد.
وقد استنتج عدد من الكتاب هذه الخصوصية من ذلك ما أورده رامز النويصري «درويش يتخلى عن هذا اليومي قبالة التاريخ العربي متتبعا حوادثه حافظا خطب سلاطينه وأحكام ولاته».
فالشاعر يلقي بدلوه في التاريخ العربي المعترف به وفي الأساطير والنصوص القديمة ويغترف لنا بعض ما يوقد الذاكرة ويروي ظمأها هذا الغرام تجدد في هذا العمل الذي بين أيادينا وهو عمل تتخلله إشارات للتاريخ وللنص الديني واستعادة لبعض الرموز.
ولكن هذه الصور الشعرية المتصلة بالنص الديني ترتطم بالواقع اليومي وتلتحم به.
«المادون حرب واستدار لفافتين من تبغ رديء
يا صاحبي السجن ملهاة ومنجاة
وبوصلة الرجوع وغارة الدوري فوق
أسلاك قريتنا ولم يحصنا
الآخرون ونبكي
ولا يذهبون فهل نحن باقون يا يوسف
الرؤيا بلا تفسير والعزيز على شفا دبابتين...» (ص11)
ويستدعي الشاعر نصوصا أخرى
لها مرسم في الحانة المغرمة
سوار دقيق يعود
لتاريخ حوقل الخارجي
لها قيمة كشعر الوليد كسيف نبي
لها خاتم من جراح معتق وشارع في
حي موزارت
تسكنه الغابة المظلمة
هي مستودع للبلاط وأجرة من خبرة الفاطمي الأخيرة ص16
وأما في قصيدة ديار سلمى فالشاعر يتجه إلى الشعر العربي القديم ويستثمره في ثوب حداثي
يا دار غيرك البلاء
يا دار ماذا خلف ذيلك الطلل
وعليك منه بلا وهق وجل...
ماذا عليك إذا الرؤى
سيف ورمح وافتخار
ماذا عليك إذا المباهج كلها كلمى بنار... ص44
لكن هذه النصوص القديمة مسربلة بالحب والغزل والتصوف والألم فثمة من الحب الكثير ومن الكآبة أكثر
3 يخيم على هذا العمل نوع من الكآبة... والشاعر هنا قد عاج لكآبة الرومنطيقيين وانزعاجهم وتألم ذواتهم من ذلك قوله
«أجر دفاتر أيامي بسطور كآبة» ص30
أو «رحل المرفأ والسفن وكل الأحباب
والليل عذاب والليل عذاب» ص36
أن الشاعر تأسره حالة الكآبة... وحالة الألم والجراح
غادرت مروحة الطقوس بلا دليل
وعدت مجروح الاهاب
يرمقني الوبيل
ان كان شوق العاديات يلفني
فإني من مدادك استقيل ص50
ختام هذه العمل أن نص خالد درويش قابل للحفر... فهو نص ثري يحرص صاحبه على أن يكون متنوع المناخات الشعرية فهو نص التراث والدين والتصوف والرومنطيقية وهو نص الواقع اليومي والذات الشاعرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.