بقلم الأستاذ: إبراهيم الهادفي متابعة لما ورد بالحلقة السابقة من هذا الركن فإن عمرو بن معد يكرب الزبيدي قد واصل إجابتهُ لسيدنا عمر بن الخطاب الذي سأله عن أشجع من لقي في حياته حيث انتهى به الحديث عن شجاعة الحرث بن سعد فارس الشهباء الذي اختطف جارية وأردفها وانطلق لا يلوي على شيء ولمّا لحق به أبوها وأخوانِ لها استطاع قتل الأخوين وعندها قال له الشيخ أبوها: خلِّ عن الظعينة يا ابن أخي فإني لستُ كمنْ رأيتَ، فأجابه الحرث لن أخليها ولا لهذا كانت غايتي فقال له الشيخ نازلني إذن وأنشد يقول: ما أرْتجي عند فناءِ عمري سأجعلُ التسعين مثلَ شهرِ تخافني الشجعانُ طول دهري إن استباح البيضُ قصمَ الظهرِ وأقبل عليه الحرث وهو ينشدُ: بعد ارتحالي ومطالِ سَفري وقد ظفرتُ وشفيتُ صدري فالموتُ خير من لباس الغدرِ والعارُ أهديهِ لحيّ بَكْرِ فقال له الشيخ يا ابن أخي إن شئتَ ضربتكَ فإن أبقيتُ فيك بقية فاضربني وإن شئت فاضبرني فإن أبقيتَ فيّ بقية ضربتكَ فقال الحرث أنا أضربك أولا فقال الشيخ هاتِ ما عندك فاشهر الحرث يده بالسيف ضاربا ورأى الشيخ أن السيف واقع على رأسه فضرب الحرثَ بطعنة على بطنه أخرج بها أمعاءهُ ووقع السيف على رأس الشيخ فسقط الاثنان ميتين وهنا أخذ راوي القصة أربعة أفراس وأربعة أسياف وأقبل على الجارية ليأخذها فقالت له مهلا يا عمرو فلستُ لك بصاحبة وإن كنتَ أنت لي صاحبا فأعطني سيفا أو رمحا وبارزني فإن غلبتني كنتُ لك وإن أنا غلبتك قتلتك ولمّا سمع عمرو مقولتها شعر بالخوف والرهبة وهو الذي شاهد بعينيه شجاعة أبيها وأخويها فرفض أن يُعطيها سلاحا ربما يكون سببا في قتله ولما رأت رفضه تمكينها من سلاح أقبلت عليه منشدة: أبعد شيخي ثم بعد إخوتي يطيبُ عيشي بعدهم ولذّتي وأصحبنَّ من لم يكن ذا همّة هلاّ تكونُ قبل ذا منيّتي ثم انقضّت على الرمح الذي كان بيد عمرو وكادت أن تفتكه من يده فخاف إن هي انتزعته منه أن تقتله به فسدد به طعنة قاتلة إليها فسقطت تتخبّط في دمائها وقد فارقت الحياة. يقول عمرو بن معد يكرب الزبيدي بعد سرده لذه القصة: هذا يا أمير المؤمنين أشجع من رأيتُ في حياتي فعجب سيدنا عمر بما سمع وشكر عمرا على حديثه الطريف الغريب. الشرح: أردفها: أركبها خلفهُ الظعينة: هنا بمعنى الجارية نازلني: قابلني محاربا البيضُ: السيوفُ