صدرت، في الليلة الفاصلة بين السبت والأحد الماضيين، الاحكام في ما عرف بقضية منظّمي «الحرقة»، التي راح ضحيتها 17 شابا هلكوا غرقا، وقد تورّط فيها ستة أشخاص، أدانتهم الدائرة الجنائية الرابعة بابتدائية تونس وقضت بسجنهم بأحكام تراوحت بين العشرين والأربعين سنة سجنا، وخطايا ب200 ألف دينار. وحسب ملفات القضية، فإن وقائعها تعود الى شهر جانفي الماضي، عندما نظّم المتهمون رحلة سرية انطلاقا من شاطئ ڤمرت للابحار خلسة في اتجاه ايطاليا. بعد خروج الزورق الذي كان على متنه 30 شابا، وفي عرض البحر اضطربت الامواج فدمرت مركبا بالكاد يتسع لنصف من عليه، وقلبته ثم أغرقته في البحر. تمكن بعض الشبان من السباحة، الى حين قدوم دورية للحرس البحري، فيما لم يتمكن 17 شابا من مقاومة عنف البحر الهائج، فاستسلموا لمصيرهم ولقوا حتفهم. تدخلت فرق للحرس البحري والحماية المدنية وأمكن انتشال بعض الجثث، فيما نقل بعض الناجين الى المستشفى حيث تم إسعافهم ومعالجتهم، ثم نقلوا إثر ذلك الى التحقيق، وتبيّن أثناء عمليات التحري بأن المركب كان ملكا لامرأة، صرّحت بأنه سرق منها، واستطاع المحققون الكشف عن هوية منظم الرحلة ومشاركيه والوسطاء، وألقي على جلهم القبض وتم إبلاغ ممثل النيابة العمومية الذي أذن بالقيام بكافة الابحاث والتحريات. اعترف المتهمون كلّ بما نسب إليه وبدوره في الجريمة. وتوصل المحققون الى ستة متهمين، ظل اثنان منهم بحالة فرار فيما أبقي الثالث بحالة سراح وصدرت بطاقات إيداع بالسجن ضد ثلاثة آخرين. أحال الباحثون المتهمين وملفات القضية على أنظار أحد قضاة التحقيق بابتدائية تونس، الذي أصدر ضدهم بطاقات إيداع بالسجن فيما أبقي على متهم بحالة سراح واعتبر متهمان بحالة فرار، وقرر أن يوجّه لهم المشاركة في وفاق وتكوين وتنظيم يهدف الى إعداد وتحضير وارتكاب أفعال الارشاد والتدبير والتسهيل والمساعدة والتوسّط والتنظيم لمغادرة أشخاص خلسة عبر البحر للتراب التونسي وإيواء الاشخاص المغادرين وتخصيص مكان لذلك وتوفير وسيلة نقل لارتكاب الجرائم المذكورة ونقل أشخاص بغاية إخراجهم من التراب التونسي خلسة. ويأتي ذلك في إطار معاضدة المجهود الدولي لمقاومة ظاهرة الهجرة السرية وظاهرة تكوين العصابات لهذا الغرض. أيدت دائرة الاتهام قرار ختم البحث الصادر عن قاضي التحقيق، وقررت إحالة المتهمين، كل حسب الحالة التي هو عليها على أنظار الدائرة الجنائية المختصة لمقاضاتهم من أجل ما نسب اليهم. مثل المتهمون الموقوفون أمام هيئة المحكمة، وتراوحت تصريحاتهم بين الاعتراف جزئيا ببعض التهم وإنكار تهم أخرى، وطلب الدفاع إما التحقيق أو القضاء بعدم سماع الدعوى، فيما تمسك ممثل النيابة العمومية بالمحاكمة طبقا لفصول الاحالة ونصوصها القانونية. بعد أن استمعت المحكمة الى كافة أطراف القضية قررت حجزها للمفاوضة والتصريح بالحكم، لتقضي في ساعة متأخرة من الليلة الفاصلة بين السبت والاحد بثبوت إدانة المتهمين وسجن اثنين منهم لمدة أربعين عاما وثلاثة متهمين لمدة ثلاثين عاما ومتهم واحد لمدة عشرين عاما مع خطايا مالية ب200 ألف دينار. القضية تتضمن وقائع مثيرة من داخل المركب قبل أن يغرق وتفاصيل أكثر عن القضية سوف نأتي عليها لاحقا.