لا يهمني ان كان بعض الظن اثما وبعضه الآخر حقا ما دمت أقف بين البعضين جنبا لجنب مع اليقين. أنا متيقن وكلي ثقة في يقيني من أن مقاولات تقليع الأشجار من حواشي الطرقات هي المقاولات التي تكاد أن تكون الوحيدة التي تنهي أشغالها قبل الآجال المحددة لها واسرعها تنفيذا لتعهداتها ناهيك أن غابات من الأشجار التي زرعناها في عيدها وطبلنا وزمرنا وزغردنا فرحا بالغرس وايمانا بنعمته تبات شامخة وتصبح «في خبر كان هنا شجر وخضرة وظلال». ولا عزاء لنا فيها، ولا في الكاسحات التي اكتسحتها، ولا في الجرافات التي جرفتها ولا في الماسحات التي مسحتها و«امسح مات» الشجر وتعرى الدرب واتضحت الرؤيا على أكثر من موت وأكثر من عزاء. أما اليوم وقد تعرت أكثر من طريق في أكثر من منطقة وأكثر من معتمدية وأكثر من ولاية من شموخ الشجر ونعمة اخضراره ولين ظلاله وطيب نسائمه ودفعنا من المال ما دفعنا على أن يتحقق العراء المعرة فابحث معنا لا عن قاتل الشجرة ولا عمن أغراه بالقتل ولا عن وسائل الجريمة من كاسحات وجرافات وماسحات فذاك أمر «امسح مات» وانما عن جواب لهذا السؤال هل نرى يوما مقاولات تغرس شجرا وتغطي ما تعرت من حواشي طرقاتنا وتعيد الى الشجرة حقها في الحياة الذي يقره الشرع والقانون والاقتصاد والبيئة والمحيط والمناخ والطير والدواب؟ أخشى ما أخشاه أن نكتفي بالقول لطرقاتنا التي عرتها المقاولات: «غط روحك» ب«البك» طبعا. في انتظار الجواب وبعيدا عن كل ظن وشك لن أقول: «يحيا البك».