... مخدرات... علب ليليلة... مشاهد جنسية، شابات شبه عاريات... شباب منحرف... عقوق... وكلام بذيء وأشياء أخرى... هذا ما يمكن اختزاله في العمل الفني الجديد للمخرج محمد علي النهدي والذي تم عرضه صباح أمس الجمعة بقاعة أفريكارت ويحمل عنوان: «Il était une fois à l›aube» هذا الشريط القصير يعدّ العمل الثاني للنهدي بعد «المشروع». ولئن سررنا في بداية عرض الشريط بطريقة التصوير والاضاءة والصوت فكل الجوانب التقنية كانت تؤكد اجتهاد الفريق التقني وإصابته في شد عين المشاهد إلا أن الصدمة كانت قاسية بل مقززة ومفزعة حين يتحوّل السينما الى وسيلة لترويج الكلام البذيء... عنف لفظي بأتم معنى الكلمة أراد به النهدي أن يعبّر عن واقع شبابنا كما صرح فصوّر مجموعة من الشباب المنحرف... حياته منحصرة بين العلب الليلية واستهلاك المخدرات والممارسات اللاأخلاقية... إن هذه الفئة التي أراد أن يبرزها محمد علي النهدي في فيلمه ليست إلا فئة شاذّة تحفظ ولا يقاس عليها. كما أن هذا الموضوع الذي طرحه النهدي ليس بالجديد عن السينما التونسية وحتىالعربية بل هو موضوع مستهلك ملّه المشاهد وتجاوزته الاحداث... إلا أن الجديد في طرح النهدي لهذا العمل ترويج أكثر ما يمكن من عبارات منافية للحياء وحركات مخجلة كان يستعملها ملك البوب الراحل مايكل جاكسون في رقصاته لكنه كان أمريكي والنهدي تونسي عربي... كلام مدروس... النهدي صرح أن الكلام البذيء في شريطه لم يكن مسقطا لكن في الحقيقة لو تخلّى عنه لارتقى هذا العمل الى المستوى الجيد. إن الرسالة التي أراد مخرج العمل أن يبلّغها للمشاهد هي عاقبة الشباب المستهتر الذي ينساق وراء مغريات الحياة... ونتيجة غياب الأب عن العائلة لكن السؤال المطروح هنا لمن يتوجّه النهدي بهذه الرسالة؟ أجاب مخرج العمل أن الرسالة متوجهة للشباب وللاولياء حتى يعرفون مستوى الحوار الذي يتعامل به أولادهم في الشارع. لكن هل من الممكن أن يشاهد الأباء والامهات هذا الشريط؟ هذا ما لا يمكن أن يضمنه النهدي. أسلوب مخجل ولئن أراد مخرج «Il était une fois à l'aube» تعرية الواقع من خلال هذا العمل السينمائي فكان من واجبه معالجته بطريقة فنية راقية وليس بأسلوب مخجل قد يساهم في مزيد تعميق الازمة لا إصلاحها. وبالرغم من أن الشريط عالج مجموعة من المواقف نعيش على وقعها اليوم ك«المعاملات» أو ما يعبّر عنها ب«الأكتاف» (حتى وإن كان ذلك مخالفا للقانون) والادمان وما ينجرّ عنه... إلا أن رداءة الحوار أفسدت متعة المشاهدة. تناقضات ما لم يتفطن له النهدي أيضا تلك المفارقة بين أحداث الشريط التي تعود الى سنة 1991 من ناحية وصور السيارات الحديثة والهواتف الجوالة التي لم تظهر إلا في السنوات الاخيرة، من ناحية أخرى. ترغيب أو ترهيب؟! اللغة الطاغية في الشريط كانت الفرنسية وإن كان مبالغا فيها فإن صاحب الفيلم قال إنه أراد من ذلك وضع الاصبع على مكمن الداء وإبراز مدى طغيان اللغة الفرنسية في حوارنا اليومي... لكن هل أن المقصد من ذلك الترهيب من طغيان هذه الظاهرة أو الترغيب في استعمالها...؟! الشريط في أيام قرطاج السينمائية وسوف يشارك شريط محمد علي النهدي في أيام قرطاج السينمائية وفي المسابقة الوطنية وبطلب من مديرة الدورة السيدة درة بوشوشة حسب تصريح صاحب العمل. الفيلم هو من تمثيل الفنانة سعاد محاسن والممثلة ليلى الشابي في دورين ثانويين ومجموعة من الشباب من اكتشاف النهدي.