بمجرّد الحديث عن نقاط ضعف الترجي الرياضي يتبادر الى الأذهان المتاعب التي عادة ما تواجه خطّه الخلفي الذي ظهر وكأنه أوهن من خيط العنكبوت منذ أن غادره الثنائي الصلب خالد بدرة وراضي الجعايدي. هذا الأمر شكّل كابوسا حقيقيا صلب العائلة الترجية وهو ما جعل المدرب فوزي البنزرتي يتخذ التدابير الكفيلة بإعادة الهيبة لخط دفاع الترجي بالرغم من أن محاولاته في البداية لم تكن ناجحة على عكس بداية هذا الموسم عندما استعاد الترجي عافيته الدفاعية والأرقام والمعطيات الخاصة بدفاع الأصفر والأحمر تؤكد ذلك: تعزيزات دفاعية بحتة على عكس المواسم الماضية فإن فريق الترجي أولى عناية خاصة بخطه الخلفي واتضح ذلك من خلال انتداب الثنائي وليد الهيشري ومحمد الباشطبجي ويتمتع الأول بخاصيتين: الخبرة والحيوية فوليد الهيشري من مواليد 1986 لكنه لعب لفائدة الافريقي واستفاد من تجربة احترافه خارج تونس أيضا والأمر نفسه ينسحب على الباشطبجي (30 عاما) ولكنه يتمتع أيضا بعنصر الخبرة وبإمكان فوزي البنزرتي أن يجعل منه العنصر الأكثر حيوية في تشكيلة الترجي بالرغم من تقدمه في السن وخير دليل على كلامنا هذا ما فعله المدرب نفسه مع المهاجم السابق الهادي البياري عندما أشرف على تدريبه صلب النادي الافريقي وأعاد إليه تألقه ونضارته عندما كان على أبواب الاعتزال! مفاجأة لم يتوقعها أحد شكل المدافع الصاعد محمد علي بن منصور(من مواليد 1988)مفاجأة سارة للعائلة الترجية فهذا اللاعب تلقى تكوينه صلب فريق باب سويقة لكنه كاد يصبح نسيا منسيا قبل أن يتدخل الاطار الفني في الوقت المناسب ويرسمه في التشكيلة الأساسية للفريق خلال المقابلات الماضية وساهم من موقعه في استعادة دفاع الأصفر والأحمر لصلابته التي افتقدها طيلة المواسم الماضية. المنافسة وخط الوسط وحارس المرمى توجد عدة عوامل أخرى ساهمت بدورها في القوة الدفاعية التي أضحى عليها فريق الترجي وتتمثل بالخصوص في المنافسة الحقيقية التي أوجدها فوزي البنزرتي ومساعده ماهر الكنزاري صلب الفريق بدليل أن الثنائي زياد الدربالي وصيام بن يوسف اضطرّا لملازمة بنك الاحتياطيين في عدة مناسبات وأصبح من الصعب على جماهير الترجي معرفة ثنائي محور الدفاع الذي سيمثل الفريق في مقابلاته الرسمية. نقطة أخرى ساهمت في استعادة فريق الترجي لصلابته الدفاعية وتمثلت بالخصوص في العمل الجبّار لثنائي الوسط خالد القربي ومجدي تراوي على مستوى قطع الكرات ووأد العمليات الهجومية للمنافس في مهدها ومؤكد أن هذا الجانب سيكون أفضل بكثير لو ساهم الثنائي الدراجي والمساكني مع رفيقيهما على مستوى افتكاك الكرة أيضا، أما النقطة الثالثة والبارزة التي كان لها دور حاسم في تأمين الخط الورائي للأصفر والأحمر فهي بدون شك تألق الحارس وسيم نوارة الذي اشتدّ عوده واكتسب عنصر الخبرة بالمقارنة مع الموسم الماضي ولا بد أن تواجد تيزيي صلب الفريق الأول ساهم في صقل موهبة نوارة وجاء التحاقه بالفريق الوطني ليؤكد قيمة هذا الحارس. البنزرتي يوازن بين الدفاع والهجوم وهذا الدليل لئن لاحظ البعض إن الفكر التدريبي لفوزي البنزرتي يتجه بالخصوص نحو لعب الهجوم استنادا الى أسلوب الضغط العالي (بثلاثة لاعبين فأكثر) فإن الأرقام أثبتت أنه عادة ما يقوم بتحقيق التوازن بين الدفاع والهجوم وأكبر دليل على ذلك موسم 1993 1994 الذي لم تتلقّ خلاله شباك الترجي سوى 12 هدفا في الوقت الذي ضرب فيه خط هجوم الترجي آنذاك بقوة وسجل 52 هدفا (أفضل دفاع وأفضل هجوم في سباق البطولة التي توج بلقبها الترجي آنذاك). والأمر نفسه تكرّر مع المدرب فوزي البنزرتي عندما أشرف على حظوظ النجم الرياضي الساحلي عندما فاز معه بلقب البطولة أيضا خلال موسم 2006 2007 (أفضل دفاع ب18 هدفا وأفضل هجوم ب43 هدفا) وهو ما يؤكد أن المدرب فوزي البنزرتي بقدر ما يراهن على المجازفة ولعب ورقة الهجوم فإنّه يفكر أيضا في الخط الورائي. هدف وحيد بعد 6 جولات وموسم 2000 2001 في البال لم تتلقّ شباك الترجي في سباق البطولة سوى هدف وحيد أمام النادي الرياضي الصفاقسي وذلك بعد مرور 6 جولات كاملة وهو ما يؤكد صلابة الخط الورائي لدفاع الترجي بالمقارنة مع المواسم الماضية حيث كانت الأرقام مخجلة ولا تليق بفريق عرف بأنه مدرسة عريقة وبارزة في إنجاب وتكوين أبرز المدافعين على غرر خالد بن يحيى وعبد الحميد الكنزاري وتوفيق الهيشرى ومحمد علي المحجوبي وخالد بدرة وراضي الجعايدي وغيرهم.. ومؤكد أن الترجي لو واصل تألقه على مستوى الدفاع فسيكون بإمكانه تحطيم الرقم المميز الذي نحته أبناء يوسف الزواوي آنذاك خلال موسم 2000 2001 (6 أهداف طيلة هذا الموسم). الى حدّ هذه اللحظة اعتقد البعض أن الصلابة الدفاعية لفريق الترجي اقتصرت على البطولة المحلية في الوقت الذي تؤكد فيه الأرقام أن دفاع الترجي حاليا حقق في مسابقة رابطة الأبطال الافريقية رقما أفضل من ذلك الذي حققه الفريق عندما فاز بهذا اللقب في نسخته القديمة عام 1994 حيث دخلت شباك الفريق آنذاك 7 أهداف في 10 مقابلات (من الدور السادس عشر الى حدود الدور النهائي) أما الفريق الحالي للترجي فقد تلقت شباكه 6 أهداف في 8 مقابلات وأمامه امكانية كبيرة ليبقى دفاعه أفضل من دفاع فريق 1994 لو تمكن زملاء وليد الهيشري من عدم قبول أي هدف أمام مازمبي الكونغولي (ذهابا وإيابا). ماذا قال المحجوبي وعبد الحميد الكنزاري لا يختلف اثنان في الصلابة الدفاعية التي ميّزت فريق الترجي خلال هذا الموسم ولكن ذلك لن يحجب وجود عدة نقائص ينبغي على دفاع الفريق تجاوزها خاصة إذا تعلق الأمر بمسابقة رابطة الأبطال الافريقية التي قد يستحيل خلالها تدارك الهفوات الدفاعية على عكس المسابقات المحلية مثلا وفي هذا السياق تحدثنا الى اللاعبين عبد الحميد الكنزاري ومحمد علي المحجوبي بحكم أنهما كانا من أبرز المدافعين الذين تقمصوا أزياء النادي فأكدا ما يلي: محمد علي المحجوبي: «شخصيا لاحظت أن دفاع الترجي الرياضي قدم مردودا متميزا خلال هذا الموسم مقارنة مع الموسم الماضي وخاصة على صعيد البطولة وذلك في ظلّ الحذر الذي تتوخاه الفرق المنافسة كلما واجهت الترجي وعادة ما تكتفي بالزجّ بمهاجم واحد أما في سباق رابطة الأبطال فالأمر مختلف تماما في ظلّ قوّة الفرق التي واجهها الترجي في هذه المسابقة وشخصيا أعجبني المدافع وليد الهيشري الذي يتمتع بعدة خصال مثل الضربات الرأسية سواء في الدفاع أو أيضا عندما يساند الخط الأمامي ويقوم بتمريرات سليمة باتجاه رفاقه ولكن الاشكال الوحيد الذي ينبغي على هذا اللاعب تجازوه يتمثل في فقدانه للتركيز التام أثناء بعض الفترات من المقابلة مع العلم أنني أفضل رؤية الهيشري ووليد بن منصور في محور دفاع الفريق لأنهما الأكثر انسجاما وتكاملا». عبد الحميد الكنزاري: «شخصيا لم أستوعب الى حدّ اللحظة كيف أقدم النادي الافريقي على التفريط في مدافع بقيمة وليد الهيشري الذي مثل صمّام أمان في دفاع الترجي خلال هذا الموسم ولن أبالغ إذا قلت انه بحوزته عدة خصال تشبه تلك التي كانت بحوزتي خاصة منها الحيوية وربح الحوارات الفضائية والروح الانتصارية العالية وإذا أقدم الاطار الفني على إضافة اللاعب اليساري وليد بن منصور الى جانب الهيشري فأظن أنه سيصبح من الصعب جدا اختراق دفاع والأصفر والأحمر».