مثلت الاجراءات التي تم الاعلان عنها أول أمس اثر لقاء الرئيس زين العابدين بن علي والسيد البغدادي علي المحمودي أمين اللجنة الشعبية العامة بالجماهيرية الليبية والمتعلقة برفع كل القيود عن تنقل الافراد والبضائع بين تونس وليبيا، قرارات تاريخية في نظر التونسيين، جاءت لتعزز علاقات الأخوة والتعاون بين حكومتي وشعبي البلدين... ولقيت القرارات المعلن عنها ترحيبا منقطع النظير منذ الاعلان عنها مساء أول أمس، لدى مختلف الأوساط التونسية، من مواطنين وتجار ورجال أعمال ومستثمرين ومصنعين وموردين ومصدرين، ومسديي خدمات من بنزرت الى بن قردان، أجمعوا أنه لا يمكن تصور علاقات ناجحة بين تونس وليبيا دون حرية تنقل الأشخاص والسلع والخدمات والاستثمارات في الاتجاهين في حدود ما يضبطه القانون طبعا. تاريخية... واستثنائية خلال مختلف اللقاءات المشتركة التي تجمع باستمرار قائدي البلدين أو مسؤولي الحكومتين، سواء أثناء تبادل الزيارات الرسمية أو بمناسبة أعمال اللقاءين السنوي ونصف السنوي للجنة العليا التنفيذية المشتركة أو أثناء التظاهرات الاقتصادية (المعارض لقاءات رجال الأعمال...)، يستعرض الجانبان التونسي والليبي باستمرار ما مرت به العلاقات بين البلدين على مر التاريخ من تحابب وتقارب وشراكة وشعور بالتضامن وبوحدة المصير بدءا بالحقبة الاستعمارية ووصولا الى بلوغ ذروة غير مسبوقة في التبادل الاقتصادي خلال الثلاث سنوات الأخيرة، مرورا بالفترة الاقتصادية الصعبة التي عاشها القطر الليبي خلال فترة الحظر الجوي ومن جهة أخرى، ما انفك الجانبان التونسي والليبي يؤكدان في كل مناسبة على أن العلاقات الثنائية في شتى المجالات هي استثنائية سواء على الصعيد الدولي أو على الصعيد المغاربي، وهو ما ذكره مثلا السيد رضا بن مصباح وزير التجارة والصناعات التقليدية في أفريل الماضي بمناسبة حضوره بتظاهرة معرض طرابلس الدولي وأكده آنذاك نظيره الليبي السيد جمال اللموشي أمين الهيئة العامة للتمليك والاستثمار بالقول إن علاقات البلدين هي نموذج مثالي للعلاقات الثنائية. فاضل الطياشي بن قردان: فرحة عارمة وأمل في عودة الروح الى السوق المغاربية تونس «الشروق»: عرفت السوق المغاربية بمدينة بن قردان مساء أمس الأول فرحة شعبية كبيرة مباشرة بعد الاعلان عن رفع كل القيود عن تنقل الأفراد والبضائع مع ليبيا وبعث منطقة اقتصادية حرّة بين بن قردان وزوارة. وقال تجار في السوق التي عرفت أكثر بسوق ليبيا إن فرحة أمس الأول كانت أكبر من الفرحة المسجلة خلال شهر أوت الماضي والتي جاءت بعد إعادة فتح الحدود بين البلدين عقب اغلاقها لمدة فاقت الأسبوع. هذه الفرحة عبّر عنها السيد لزهر العريّض التاجر بالسوق قائلا ان القرارات العليا جاءت في وقت مناسب لتحريك العجلة الاقتصادية بالسوق وتخليصه من حالة الركود التي استمرت لأشهر والتي صاحبتها موجة من ارتفاع الأسعار نتيجة قلّة حجم البضاعة وهو ما قلص من اقبال الحرفاء وتراجع مردودية التجار الذين اضطر قرابة نصفهم الى غلق محلاّتهم. عودة الحركية هذا الرأي عبر عنه تقريبا زميله في السوق السيد فتحي الحداد الذي كان متفائلا بعودة الحركية الى السوق ودعا الى الاسراع في تطبيق القرار على أرض الواقع لتسريع نسق دخول البضائع واستعادة حجم تدفق الحرفاء من كل المناطق. وعبر السيد فتحي الحدّاد عن أمله في بعث مشاريع ومؤسسات في المدينة لخلق مواطن شغل اضافية وحتى لا تبقى السوق الملاذ الوحيد. تراجع الأسعار ومن جهته قال السيد صالح بوكلش وبعد أن شكر قائدي البلدين على القرارات الرائدة إن المنطقة الاقتصادية الحرّة التي تقرّر بعثها ستكون فضاء هاما لتوريد وتصدير البضائع ولاحتضان مؤسسات مشتركة توفر مواطن الشغل خاصة لأصحاب الشهائد العليا. وقال بوكلش ان تحرير المبادلات التجارية سيفيد التجار والمتسوقين الذين سيجدون بضائع أكثر تنوعا وبأقلّ سعر وهو ما سيعيد الى السوق حيويتها التي افتقدتها منذ أكثر من ستة أشهر. مشاريع ولم يتم إلى حدّ ظهر أمس معرفة تفاصيل وآجال انشاء المنطقة الاقتصادية الحرة والتي أعلن أنها ستقام بين بن قردان وزوارة، وعن المشاريع التي ستقام بها وحجم مواطن الشغل التي يتوقع احداثها بها. وفي المقابل، فإن مشروع إقامة مصفاة النفط بمدينة الصخيرة والذي كانت شركة قطر للنفط أعلنت عن انشائها قبل أن تتراجع في ذلك ستبلغ كلفتها ملياري دولار وطاقة انتاجها بين 120 و150 ألف برميل من النفط يوميا وستشغل عمالا وفنيين تونسيين. نجم الدين العكّاري المديرة العامة للتعاون الاقتصادي والاجتماعي بوزارة التجارة: قرارات دعّمت التعاون بين البلدين وانتظروا المزيد من الاجراءات تونس (الشروق): قالت السيدة سعيدة حشيشة المديرة العامة للتعاون الاقتصادي والاجتماعي بوزارة التجارة والصناعات التقليدية في تصريح ل«الشروق» إن قرارات وإجراءات بهذا الشكل وبهذا الحجم لابد لها أن تلقى كل الترحيب والاستحسان لدى كافة المتدخلين في الشأن الاقتصادي بالبلدين... وأضافت حشيشة أن الاصداء الطيبة لهذه القرارات لدى مختلف الاطراف المعنية بها في تونس، من رجال أعمال ومستثمرين وتجّار وحتى المواطنين العاديين، ظهرت منذ الاعلان عنها مساء أول أمس إثر لقاء الرئيس بن علي بالسيد أمين اللجنة الشعبية العامة بالجماهيرية الليبية. ومن جهة أخرى، أكدت المتحدثة أن بمثل هذه القرارات التاريخية والرائدة لقيادتي البلدين، فإننا نتّجه نحو إزالة كل المعوقات التي تحول دون انسياب السلع والخدمات بين البلدين بلا قيود، بحيث يصبح تنقّلها (السلع والخدمات) من تونس الى ليبيا أو من ليبيا الى تونس عبارة عن تنقّلها داخل البلد الواحد... وقالت مديرة التعاون الاقتصادي والتجاري إن الأمر لن يتوقف عند هذا الحد، بل ستتبعه إجراءات وقرارات أخرى في ظل الاجواء المتميزة والتفاهم الكبير الذي يسود علاقات البلدين خاصة على مستوى أعمال اللقاءات السنوية ونصف السنوية للجنة العليا التنفيذية التونسية الليبية المشتركة وأيضا على مستوى بقية لقاءات الشراكة والتعاون بين مختلف مسؤولي الحكومتين وبين رجال الأعمال ومختلف الهياكل والمنظمات... حيث يوجد حرص كبير من الطرفين على مزيد استنباط الحلول والاجراءات في المستقبل لدعم هذه العلاقة الاستثنائية والمتميزة على الصعيد العالمي والعربي والافريقي والمغاربي والتي تعدّ اليوم نموذجا مثاليا لبقية الدول... وذلك ببذل أقصى المجهودات لرفع حجم المبادلات التجارية والاقتصادية والخدماتية والسياحية بين البلدين في قادم السنوات. وتحدثت السيدة سعيدة حشيشة عن بعض مميزات العلاقة الاقتصادية التونسية الليبية التي لا توجد مع أي بلد آخر ومن ذلك مثلا انسياب السلع الحاملة لعلامة الجودة التونسية أو الليبية في الاتجاهين دون أدنى قيود، بحيث لا تخضع لأية تحاليل أو مراقبة فنية عند التوريد وتدخل مباشرة الى وجهتها وتروّج في السوق الداخلية. وأكدت في الختام أن كل هذا سيتعزّز بفضل القرارات الأخيرة المعلن عنها.