بقلم: عبد الرحمان مجيد الربيعي مازالت أخبار المنطقة العربية تصيب المواطن العربي بالفزع. نعم، فزع لم يعشه شعب قبلنا، فالسودان يجري نحره أمام الأعين وبإصرار ويصبح رئيسه متهما أمام محكمة الجنايات الدولية في ظاهرة غير مسبوقة إلا بما حصل في العراق بعد أن أطاح الأمريكان بالحكم الوطني فيه وقدموا قادته لمحاكمات هزلية تمّ ذبحهم بعدها بدءا من الرئيس الشرعي للبلد، وها هو الرئيس البشير مطلوب لمحكمة رغم أن أمريكا لم تعترف بها إلا أنها توظّفها للاقتصاص من خصومها السياسيين ولكنها تغضّ الطرف في الآن نفسه عن المجرمين الحقيقيين الذين ارتكبوا جرائم بحق الانسانية أمثال قادة الكيان الصهيوني، وقد قرأنا أخيرا أن بريطانيا حامية الديمقراطية تنوي تغيير قوانينها حتى لا يصبح بمقدور أي كان أن يقيم دعاوى قضائية ضد قادة اسرائيل وإلقاء القبض عليهم وتسليمهم للعدالة! ماذا كانوا يريدون من الرئيس البشير؟ هل كانوا يريدون منه أن يترك العصابات تعبث بأمن البلد بدعم من جهات معادية للوطن العربي وعلى رأسها اسرائيل؟ هذا سؤال بسيط بعد أن ثبت أن كبرى العصابات في إقليم دارفور لها مكاتب في اسرائيل وتعمل بدعم منها، ولا يتوانى «زعماء» هؤلاء المتمردين المشبوهين عن تأكيد علاقتهم القوية بهذا الكيان الذي قام هو نفسه على اغتصاب أرض شعب آخر وبدعم من القوى العظمى في العالم. أما جنوب السودان فهو جاهز للانفصال غير عابئ بكل ما يطرح على «سيلفا كير» والزعماء الجنوبيين الآخرين من مقترحات، بل وتمّ تحديد يوم 9 جانفي 2011 ليكون يوم استقلال الجنوب، ولم يكونوا قادرين على فعل هذا لو لم يحصلوا على الدعم والمساندة من أمريكا وأوروبا واسرائيل التي أعلنوا أنهم سيقيمون علاقات كاملة معها بعد «الاستقلال» مباشرة. وقد وعدهم حلفاؤهم بوضع قوات فصل دولية بين شمال السودان وجنوبه علما أن هناك تداخلا بين الأسر والقبائل الموزعة بين الشمال والجنوب نظرا الى كون أبنائها مواطنين في بلد واحد موحّد. أما اليمن فلهم في كل يوم حكاية فيه، حركوا الحوثيين لا حبّا بهم أوحرصا عليهم بل لإقلاق الحكم المركزي، كما حركوا الجنوبيين رغم أنهم أي قوى الغرب كانوا يكرهون نظام الحكم الماركسي فيه، نعم، كل هذا لا يفعلونه حبا بالجنوبيين الذين نعرف فيهم رموزا وطنية وثقافية مهمة ساهمت في بناء وحدة اليمن وتدعيم أركان الدولة الموحدة، يفعلون هذا لإضعاف الدولة المركزية. ولكن حصل أن أفعالا كهذه جعلت من بعض مناطق اليمن ما يشبه الحاضنة لتنظيم «القاعدة» الذي له معركته المفتوحة مع أمريكا ابتداء من أفغانستان فالعراق، حتى العراق الذي لم تكن ل«القاعدة» رائحة فيه، وصولا الى إفريقيا فبلدان أخرى. وهذه المنظمة أي القاعدة صارت تتفنّن في أدوات حربها المفتوحة مع أمريكا لتبدأ حرب الطرود التي أثارت الرعب في العالم كله، وهو أمر مرفوض جدا من كل البشر، فحقّ الحياة حقّ عظيم، لكن الذين اعتدوا على هذا الحق لم يعرفوا أنهم زرعوا بذور الشرّ والدمار وحولوا العالم الى ساحة لتصفية الحسابات فكأننا نعيش في فيلم رعب مخيف دام. هذا العراق أمام أنظار العالم يقدم الدروس ونتائجها فبعد أكثر من سبع سنوات على احتلاله لم يقدم الديمقراطية الموعودة، بل تحول الى محرقة، ووثائق «ويكي ليكس» فضحت المستور، ثم ها هي التفجيرات والاقتحامات التي لم يسلم منها حتى المصلون الآمنون من مسيحيّي العراق في كنيسة القلب الأقدس ببغداد. وكانت عملية اقتحامها الهوجاء من قبل ميليشيات ارتدت ثياب عساكر غير مدربين على هكذا عمليات قد تحولت الى كارثة تحوّل فيها المصلون والمقتحمون ومن أرادوا إنقاذهم الى ضحايا.. لماذا؟ لماذا لا يرفعون أيديهم عن الوطن العربي؟ لماذا لا يتركون الانسان العربي يقرّر مصيره بنفسه؟ لماذا حوّل الغزاة في فلسطين والعراق أرضنا العربية الى محرقة؟ لماذا جلبوا الخوف الى شعوبهم وجعلوها تعيش حالة رعب لم تعرفها؟! لماذا يا أسياد العالم؟! خذوا ديمقراطيتكم الملغومة، ودعونا نعيش وفق إخائنا الجميل؟