انتقدت زعيمة حزب «كاديما» تسيبي ليفني بشدة أداء الحكومة الاسرائيلية متهمة في الأثناء وزير الخارجية المتطرف أفيغدور ليبرمان بالانفصام السياسي. وليست هذه هي المرة الأولى التي تهاجم فيها ليفني زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» ليبرمان بسبب حديثه عن استحالة السلام مع سوريا وتخريبه المفاوضات مع الفلسطينيين. وانتقادات ليفني لأداء ليبرمان يوحي ظاهريا بدعمها مسار التفاوض لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي والواقع ان الوزيرة السابقة لا تختلف كثيرا عن خصمها الحالي أفيغدور ليبرمان، وأداؤها السياسي خلال توليها حقيبة الخارجية في مناسبتين: أي في عهد حكومة أرييل شارون ولاحقا في عهد حكومة إيهود أولمرت، يثبت (أي أداؤها السياسي) أنها نسخة طبق الأصل من ليبرمان، باستثناء اختلافهما في طرق التعامل مع ملف المفاوضات. ليفني الملاحقة لارتكابها جرائم حرب في غزة والتي تمتنع عن زيارة عدد من الدول الأوروبية حاولت حين كانت وزيرة الخارجية تلميع صورة إسرائيل ومحاولة الظهور بمظهر الراغبة في السلام، على عكس ليبرمان الذي انتهج التصعيد المباشر. وأيا كانت الخلافات والاختلافات بين ليفني وليبرمان، فإنهما وجهان لعملة واحدة، ينحدران من أصل اجرامي واحد، ونهلا من مدرسة التطرف ذاتها. والنتيجة بالمحصلة أن الحرب الكلامية التي تفجّرت مؤخرا بين «حسناء الموساد» او «غولدا مائير» الجديدة وبين حارس الحانات سابقا ووزير الخارجية حاليا (ليبرمان) ليست سوى مزايدات سياسية في إطار مسعى كل منهما الى كسب المزيد من الأصوات لانتخابات «الكنيست» (البرلمان) القادمة. تصفية حسابات ليفني التي راهنت في يوم ما على ليبرمان لتشكيل تحالف مناوئ لبنيامين نتنياهو زعيم حزب الليكود ورئيس الوزراء الحالي، في مسعى الى تقليل حظوظه في رئاسة الحكومة لم تنس على ما يبدو أن من سعت الى التفاوض معه حينها (أي ليبرمان) هو من أخرجها بتحالفه مع نتنياهو من الحكومة وهو من خذلها حين التقت مصالحه مع حزب «الليكود». وتفرغت الوزيرة السابقة لإحصاء زلات خصمها موظفة ملف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية ومع الجانب السوري لتبيّن للناخب الإسرائيلي ان هذا الشخص ليس أهلا لإدارة حقيبة الخارجية، وأنه يقود إسرائيل الى العزلة الدولية تارة بالإساءة الى العلاقات مع الولاياتالمتحدة وطورا بتخريب المفاوضات مع الجانبين السوري والفلسطيني. ومجمل القول ان تسيبي ليفني ليست حريصة على إنهاء الصراع بقدر حرصها على ضمان عودتها الى الحلبة السياسية عبر بوابة المفاوضات. وهي ليست معنية أصلا بنجاح اي مسعى الى التفاوض، او تعطيله بل معنية بضرب خصومها السياسيين وعلى رأسهم العنصري ليبرمان. تطرف ليبرمان بدوره يدرك حقيقة الصراع من أجل ضمان صوت الناخب الاسرائيلي، ويدرك ان أسهم المرشح في الانتخابات ترتفع كلما كان أكثر تشددا وتطرفا، وهذه حقيقة قائمة في الشارع الاسرائيلي، لذلك لا يزال مستمرا في النهج ذاته الذي أوصله الى «الكنيست» والى السلطة. ويرى ليبرمان ان اعتقاد ليفني في ضرورة تحريك مفاوضات السلام مع سوريا مجرد أوهام ووسوسة سياسية بينما ترى ليفني ان موقف خصمها وحكومة نتنياهو نوع من الانفصام السياسي، حيث يطعن ليبرمان في ضرورة المفاوضات، بينما تعلن الحكومة رغبتها في التوصل الى اتفاق سلام مع سوريا. ليفني ليست أقل سوءا من ليبرمان وليبرمان لا يقل سوءا عن ليفني، وكلاهما يدور في فلك واحد، يختلفان في أسلوب العمل ويلتقيان في الطباع، الأول يدير السياسة الخارجية ب «يد من حديد» والثانية تديرها ب «قفازات من حرير» لكن الأهداف تبقى في النهاية واحدة.