صحيح أن البحث عن ميدالية في الأولمبياد كان بمثابة البحث عن ابرة في كوم من القش بحكم حجم الأبطال الموجودين وأيضا بحكم الطرق التي يصلون بها الى منصة التتويج. وصحيح أن منتخب القدم والطائرة لم يقدما المطلوب منهما وأن الأول فرط على نفسه فرصة تاريخية للمرور إلى الدور الثاني. وان الثاني كان أضحوكة الأولمبياد... وصحيح أيضا أن أغلب عناصرنا مثلت نقطة استفهام كبيرة في تعاملها مع هذا الأولمبياد مثلما حصل مع يوسف السباعي الذي رفض خوض التصفيات وكان بامكانه الحصول على برنزية بسهولة تامة لكنه ركب رأسه وأراد «اختطاف» الذهبية «ضربة واحدة» فلاحقته الأصفار... وقديما قالوا «اذا لم ترض بالقليل فالحرمان أقل منه»... كما أن أنيس الونيفي سقط من برجه العاجي بعد الحصول على بطولة العالم وبان بالكاشف أنه «أصغر» من أن يعيش مدة طويلة رافعا هذه البطولة... كما تفطن المشرفون الى أن حاتم الذي بعثناه «غولة» لم يكن حتى «عبيثة» ونال انذارين لتعمده الجري عوض المشي... وصحيح أيضا أن رياضيينا لا يملكون المستوى الأولمبي وأن مسؤولينا خططوا على المستوى القريب وهو مدى يبلغ المتوسط والعربي والافريقي... فقط... كل هذا صحيح ولا يحتاج الى توضيح فالسلبيات كانت بالجملة والمهازل بالتفصيل... لكن هناك نقاط ضوء لا بد من الوقوف عندها لنعطي لكل ذي حق حقه.. فالسباح أسامة الملولي مثلا حاول كثيرا وشرف الإنسان في المحاولة وهو الذي ترشح لكل النهائيات التي خاضها... كما أن المصارعة حياة ساسي نالت المركز الخامس أمام بطلات من الطراز الرفيع ثبت بالكاشف أنهم مع نظرائهن من الرجال «مصنوعون» ومدعمون بعقاقير لم تقدر مراكز الكشف عن المنشطات من اختراقها واثباتها وهو ملف تنكب عليه الآن اللجنة الأولمبية الدولية لإدراكها خطورته الكبيرة حتى لا تفقد هذه الألعاب أهدافها النبيلة في ارساء الرياضة السليمة من كل الشوايب... حتى ان البطل المغربي سعيد عويطة أجاب عن سؤال حول غيابه عن هذا الأولمبياد «لا أريد أن أحضر أكذوبة كبرى... لأبطال لا أدري حقيقة امكاناتهم» في اشارة الى وجود منشطات لا يتم الكشف عنها). صحيح أن تونس لم تنل أي ميدالية لكن أيضا لم تثبت علينا أي نتيجة ايجابية لاختبار المنشطات... كما أننا اقتربنا من منصة التتويج وهذه نقاط ضوء قائمة الذات في عتمة الأولمبياد... في انتظار أن تتغير الأوضاع... ولن تتغير إلا إذا غيّر العباد ما بأنفسهم.