مساء الأحد كانت ليلة غير عادية في منزل السيد عبد الوهاب الهلالي صاحب الحظ السعيد والفائز الوحيد في مسابقة الرهان الرياضي الأخيرة.. وقد حطم بذلك الرقم القياسي بمبلغ 603 آلاف دينار بعد أن ابتسم له الحظ بورقة رهان بقيمة ثلاثة عشر دينارا و300 مليم. عبد الوهاب لم يذق طعم النوم طوال الليل لأن البيت كان يعجّ بالزائرين والمهنئين ما لاحظناه أن الرجل كان مطوقا بإخوته وزوجته وأبنائه الثلاثة ولكنه كان قريبا جدا من والدته.. وفي كل مرة كان يحمد اللّه على نعمته ويقبل أمه التي يكنّ لها محبة ومعزة خاصة لأنها تعبت من أجله بعد وفاة والده عام 1977... فقد نحتت «أمي فاطمة» خصالا حميدة في ابنها ساعدته على النجاح في الحياة. بداية الأمل عبد الوهاب الهلالي من مواليد مارس 1959 بحفوز مستواه التعليمي لا يتجاوز السنة الأولى من التعليم الثانوي.. اضطر للانقطاع عن الدراسة بعد وفاة والده فدخل معترك الحياة وهو في سن السادسة عشرة ليعمل في البداية نادلا في محل لبيع المرطبات لمدة أربع سنوات (1977 1981) ليساعد والدته وإخوته على مجابهة مصاريف الحياة. ... ومع دعاء الوالدة بدأت تفتح أمامه أبواب الحظ السعيدة. حيث تمكن في البداية من الحصول على رخصة السياقة في جميع الأصناف.. ثم سافر بعدها الى دولة الكويت ليعمل سائق شاحنة للنقل العمومي لمدة ثماني سنوات من (1982 الى عام 1990) وفي فترة الغزو العراقي لدولة الكويت عاد الى أرض الوطن مع العديد من المهاجرين بمساعدة القنصلية التونسية بالكويت.. استطاع بما توفر له من مال من شراء سيارة أجرة ثم تحصل على رخصتها في وقت لاحق فتحسنت ظروف العائلة.. .. يقول عبد الوهاب أنه لا يخطو خطوة إلاّ بمشورة أمه فتمّمت له فرصته بالزواج في صائفة 2001 وهو الآن أب لثلاثة أبناء (خالد 10 سنوات) و(محمد 5 سنوات) وخليل (5 سنوات). علاقته بالبرومسبور بدأ عبد الوهاب يشارك في مسابقة البرومسبور للموسم الثاني على التوالي وذكر لنا أن إحساسا خفيا كان ينتابه للفوز ولكن لم يكن يتوقع أبدا بأن يكون الرقم بهذا الحجم القياسي.. بل كان أقصى طموحه لا يتجاوز حصوله على عشرة آلاف دنيار لأن مثل هذا المبلغ في اعتقاده يمكن أن يصنع له الفرحة والسعادة. وأفادنا عبد الوهاب بأنه تيقن من الفوز من احدى الحصص الرياضية التلفزية.. فقفز من فراشه وبحث عن ورقته التي رماها فوق الخزانة وهو في حالة ذهول وشرود حتى عثر عليها.. فبقي واجما لدقائق دون أن يكف لسانه عن ذكر اللّه وحمده وفسّر فوزه بهذا المبلغ الكبير بأن اللّه قد بسط عليه رحمته ورزقه إكراما لبرّه بوالدته وبعائلته. وفي حديثنا عن أمانيه أجابنا بدون تردّد بأنه سيخصّص مبلغا أولا ومحترما لأمه حتى تستطيع الحج والعيش في ظروف طيبة وبعدها تراوده أفكار أخرى مثل بعث مشروع فلاحي أنموذجي وكبير حتى ينفع البلاد والكثير من العمال.. وأن يضمن مستقبل أبنائه من الناحية التربوية والأخلاقية والتعليمية. .. في ختام اللقاء يقول عبد الوهاب إن إيمانه باللّه قوي وبأنه لن يتأثر أمام هذا الوضع الجديد وسيحافظ على نمط حياته العادية وسوف يذكر اللّه دائما لأن سلامة الجسد والعقل نعمة لا تقدر بثمن حسب ما ذكر.