كشفت مباراة منتخبنا الوطني الأخيرة أمام بوتسوانا عن فصول جديدة في علاقة بعض اللاعبين بالمنتخب وعن حقائق مثيرة بشأن تعامل أعضاء المكتب الجامعي مع مثل هؤلاء اللاعبين. فالعلاقة مثلا بين علاء الدين يحيى والجامعة وصلت حدّ التراشق بالتهم على خلفية المساومة على المستحقات المادية قبل مباراة بوتسوانا التي ادّعى فيها اللاعب الاصابة ثم عاد ليشارك مع فريقه في البطولة الفرنسية ونفس الشيء حدث مع سامي العلاقي الذي أنقذ ماينز من هزيمة بتسجيله ثنائية تاريخية في الوقت الذي رفض فيه القدوم الى المنتخب قبل أيام من تألقه والسبب «الإصابة اللعينة» كذلك.. وختامها كان مسكا مع يوسف المساكني الذي رفض دعوة المنتخب الأولمبي ثم لعب «الدربي». كل هذا أثبت أن هيبة هذا المنتخب بدأت تذوب أمام اختلاط المشهد بمختلف الأيادي التي أخذت تتطاول على مسؤولية نؤكد أنها كبيرة فما حصل يعكس حالة من العزوف الواضحة عن تمثيل المنتخب حيث أصبح الانتماء الى الأندية المحلية أو الأوروبية أكثر قيمة وأشدّ أهمية. وهنا لا يمكن أن نطلب من أي لاعب أن يحبّ وطنه بل يجب أن نحاول تقنين وتنظيم الانتماء الى المنتخب عبر تخطيط واضح وسليم سيسقط منطقيا غير الجديرين بهذا الشرف مهما بلغت قيمتهم لأننا لاحظنا غياب المتابعة الدقيقة للمحترفين وأخبارهم وتحرّكاتهم من خلال مواعيد التربصات غير المضبوطة والاتصال الذي يقتصر فقط على المكالمات الهاتفية في الوقت الذي كان يجب فيه بعث لجنة خاصة بهؤلاء المحترفين حيثما وجدوا في أوروبا لتحسيسهم بأنهم قريبون جدا من المنتخب ولا تقتصر علاقتهم به بتألق ظرفي ولا ننسى هنا أن جيراننا من المغرب مثلا ينقبون عن مواهبهم في مختلف الدول الأوروبية ومثلهم تفعل بقية المنتخبات الافريقية وهذه نقط جديدة تصنع الفارق وتجعلنا نتخلف عن الرّكب. «الشروق» طرحت السؤال على قدماء اللاعبين: هل يمكن أن نعتبر مثل هذه الحالات عزوفا عن تمثيل المنتخب؟ وماذا يمكن أن نتخذ من طرق سليمة للإكثار من الفعل والتنقيص من التوضيحات والبيانات؟ ثم هل أن هذا العزوف ظرفي وفردي أم أنه سيصبح ظاهرة قد تعرقل مسيرة المنتخب في الأيام القادمة خاصة لما نعلم أن عديد العناصر مرّت من نفس هذا الخندق ومنها من عاد بالاحضان الى المنتخب ومنها من تواصل عزوفه ولا ندري إن كنّا خسرناه أم خسرنا..؟ تحقيق: علي سامي ومحمد أنور الحداد (الناطق الرسمي باسم الجامعة): أبعدنا يحيى ولن نتسامح مع المذنبين أعتقد أن العزوف عن المنتخب بدأ من الجمهور وذلك نتيجة لتعدد الخيبات منذ بضع سنوات وهذه حقيقة لا بدّ من البحث لها عن حل باعتبار أن المنتخب في أشدّ الحاجة الى الجماهير.. أما أن يشمل العزوف بعض اللاعبين فتلك هي الكارثة باعتبار أن اللاعب جندي يحترم المواثيق ويحترم الراية وتمثيله لوطنه في أي موعد لكن أن نجد اليوم بعض لاعبينا يبرزون مع أنديتهم وبلا روح مع المنتخب أو يكون مردودهم متراجعا وباهتا فتلك مسألة أيضا تستوجب الدراسة والبحث عن الحلول.. لكن أن يدّعي علاء الدين يحيى مثلا التمارض ويساوم وبعدها يخوض مباراة كاملة مع فريقه «لانس» شأنه شأن العلاقي الذي تمارض ورفض الاستجابة لنداء الواجب وبعدها نجده مع فريقه «ماينز» نجما وهدافا.. فتلك أيضا مسألة خطيرة «وخطيرة جدا». وأمام هذا وذاك فإننا ننتهز الفرصة لنوضح أن سياستنا جلية في المكتب الجامعي ونحرص على خدمة الكرة التونسية وتأطيرها وتطويرها كما نحرص على ترسيخ الانضباط واتخاذ القرارات الصارمة تجاه كل من يتلاعب بمصلحة المنتخب أو يساومه أو ما شابه ذلك من الممارسات والتصرفات اللارياضية واللامسؤولة.. ولذلك يمكن التأكيد على امكانية اتخاذ قرار إبعاد علاء الدين يحيى رسميا من طرف المكتب الجامعي في الأيام القادمة ولن نخشى أي لاعب مهما كانت قيمته إذا تنصّل من مسؤولية تشريف المنتخب. جمال الامام: لا مكان لمن يرفض المنتخب في البداية لا بدّ من إدراك حقيقة مهمة ولا غبار عليها وهي أن كرتنا دخلت في دوامة من الصعب الخروج منها إذا لم تتجند مختلف الأطراف لإخراجها منها بشكل علمي وواقعي.. كما لا بدّ أن ندرك حقيقة أخرى تؤكد أن المرحلة تفتقر للاعبين الأكفاء القادرين على تقديم الاضافة ولذلك لا بدّ من تكوين فريق كبير ببداية التفكير في ذلك ووضع الآليات الضرورية واللازمة لتصحيح المسار والاعداد للمرحلة القادمة. وأعتقد أن الجامعة مطالبة بتوضيح اتفاقياتها والتزاماتها حتى يعرف كل طرف حقوقه وواجباته كما أنه يجب على كل لاعب دولي أن يتحلى بالروح الوطنية والشعور بالمسؤولية تجاه المنتخب باعتباري شخصيا لا أتصور ولا يمكن أن يقبل عقلي رفض تونسي لتقمص الراية الوطنية وفي صورة التأكد من ذلك فإنني أرى أن لا مكان لمن لا يحترم المنتخب ومن لا يعتبر الأمر واجبا مقدسا وعلى الجامعة أن تضرب بقوة على أيادي الرافضين أو العازفين عن المنتخب سواء من الناشطين هناك أي في الخارج أو هنا في تونس. سفيان الفقي: إبعاد من لا يحترم المنتخب.. والدفاع عن الراية واجب مقدّس الراية الوطنية مقدسة... والمنتخب الوطني يحمل هذه الراية وبالتالي يبقى مقدّسا والانتماء اليه هو أكبر شرف وفخر لأي لاعب... ودعوة اي لاعب إليه يعني الاعتراف بإمكاناته التي تجاوزت الأندية وأدركت مستوى الفريق الوطني أي المستوى الدولي ولذلك فإن الذي لا ينشأ على حب الراية الوطنية ودون تعميم لا يمكن ان ننتظر منه اي شيء لتقديم الاضافة الى المنتخب ولا يعرف قيمة الفريق الوطني ولذة الانتساب إليه ولذلك أعتقد ان البعض وأقول «البعض» من لاعبينا المحترفين خارج تونس قد لا يعرفون معنى الهوية وحب الراية ولذلك لابدّ من الاسراع بإبعاد كل من لا تهمه مصلحة المنتخب وكل من يريد ان يخدم مصحلته الشخصية ان يبحث عن ارتفاع أسهمه على حساب الفريق الوطني الذي بشكل أو بآخر يبقى أكبر منا جميعا... ولابدّ من دعمه وخدمته باعتبار ان المسألة وطنية والشعور بالانتساب الى تونس.. زياد الجزيري: في حضور «الرعواني» تتبدّد الأماني.. «.. في فترات سابقة قريبة كنا ننتشي ونشعر بالفخر والاعتزاز حين تتم دعوتنا الى المنتخب الوطني وكنا نفضّل الركون الى الراحة مع أنديتنا دون ان نشارك معها من أجل المنتخب والبحث عن كل ممهدّات النجاح والاعداد للفريق الوطني أما اليوم وفي غياب اللحمة وفي ضعف شخصية الإطار الفني وغياب الهيكلية الجلية والمتابعة وغياب الروح وفي حضور «البعلي» و«الرعواني» تتغيّر المعطيات غير أنني أرى انه ومهما كانت هذه المعطيات والظروف لا يمكن التلاعب بمصلحة الفريق الوطني سواء من محترفينا في الخارج او من غيرهم باعتبار ان المنتخب هو حامل الراية الوطنية وبالتالي يبقى أكبر من اي كان وفوق كل الاعتبارات ولا يمكن التلاعب او التمارض او المساومة بمصالحه... ومن هذا المنطلق فإنني أدعو الى ضرورة إعادة النظر في كل ما يهم المنتخب الوطني من حيث المتابعة ومراجعة الأسباب التي جعلته يدرك هذا التراجع وغيره حتى يعود الفريق الوطني الى مساره ويتم الدفاع عن مصلحته باعتباره المرآة التي تعكس حقيقة كرتنا التونسية فضلا عن أنه هو الذي يحمل «النجمة والهلال» رمز الوطن في مختلف المحافل الدولية..». في الصميم: بين المنشود... والموجود ! المتأمّل في واقعنا الكروي يلاحظ أنه وفي ظرف ستة أشهر ونيف فقدنا أكثر الاشياء التي كنا نعلّق عليها الآمال لكسب الرّهان حيث خضعنا الى الهزيمة أمام بوتسوانا ذهابا وايابا وتعادلنا على قواعدنا أمام المالاوي وفي ذلك خسرنا ثماني نقاط أبعدتنا أمتارا عن خط التأهل لنهائيات كأس افريقيا للأمم لسنة 2012 التي لم نغادرها منذ سنة 1994 بعد الرجوع اليها باعتبارنا جمدنا النشاط بعد خيبة 1982 بعد أن كنّا من الأوائل الذين شاركوا في هذه المسابقة واحتضنّا الدورة الخامسة لنهائيات «الكان» سنة 1965 قبل احتضان الدورة (19) سنة 1994 وأيضا الدورة (24) سنة 2004 والتي فزنا فيها باللقب ولأول مرة ودخلنا بذلك التاريخ على المستوى الافريقي بعد أن كنا دخلنا تاريخ المونديال سنة 1978 بالارجنتين كأول منتخب عربي ينتصر في النهائيات، والسؤال الذي يفرض نفسه هو: هل ما حصل يدخل في خانة سوء التقدير... أم في خانة سوء البرمجة... أم أن تلك هي امكاناتنا المالية رغم ما توفره سلطة الاشراف من دعم ومساندة من أجل النجاحات وتمهيد سبل الارتقاء بالقطاع... وبالتالي علينا اعادة النظر في عديد الأشياء باعتبار أن الفرق واضح وكبير بين المنشود على الورق وبين الموجود الذي خلق نوعا من العزوف والاحباط والأرق؟ علي الخميلي الجمهور: غابت المتابعة وتراجعت «وطنية» بعضهم فكانت التجاوزات والمزايدات لا أحد يعلم حقيقة ما يحدث صلب المنتخب الوطني التونسي وقد جاءت حادثة المزايدة على المنح ليلة مقابلة «بوتسوانا» لتكشف المستور والتي أردفها اللاعب الدولي علاء الدين يحيى بتصريح لاذع انتقد فيه بشدة المسؤولين ليعقّد الامور ويعكّر الاجواء ويثير العديد من التساؤلات بشأن وضعية بعض اللاعبين المحترفين المنتسبين للمنتخب الوطني التونسي حول ما إذا كانوا حقا قد لحقهم الظلم أم أنهم قرروا العزوف عن الالتحاق بصفوف المنتخب الذي يبدو أنه لم يعد يوفر لهم تلك المبالغ المالية الكبيرة التي تؤمنها لهم أنديتهم في الخارج، وأمر آخر يطرح نفسه بشدة وهو هل أن جامعة كرة القدم مازالت تفتقد الى المتابعة الدقيقة للاعبين المعنيين ومعرفة مشكلاتهم ونفسياتهم قبل ضمهم للمنتخب؟ «الشروق» حملت جميع هذه التساؤلات الى الشارع الرياضي فكانت الآراء كالتالي: طارق بن حسن (ممثل قانوني): غياب خلايا المتابعة وحضور العمل الرعواني «أعتقد أن عزوف اللاعبين المحترفين عن الالتحاق بصفوف المنتخب الوطني التونسي يعود بالاساس الى غياب خلايا المتابعة المستمرة لنشاطهم الكروي في مختلف أنديتهم وذلك في ظل غياب البرمجة والتخطيط داخل الجامعة التونسية لكرة القدم، التي خيّرت العمل «الرعواني» وإن ما حدث في صفوف المنتخب الاولمبي ومنتخب الاصاغر أكبر دليل على ذلك». ماهر بن عامر: مسؤولية جامعة كرة القدم «شخصيا أحمّل المسؤولية للجامعة التونسية لكرة القدم لأنها لا تتابع اللاعبين المحترفين خاصة أن جامعتنا يديرها أشخاص لا صلة لهم بكرة القدم هذا بالاضافة الى ظهور «التكتلات» بين اللاعبين». أحمد بن محمود: كل ما حدث سببه غياب المتابعة «السبب الوحيد وراء كل ما صدر عن اللاعبين المحترفين إزاء المنتخب الوطني التونسي يعود بالاساس الى غياب المتابعة الدقيقة لهم في مختلف البطولات التي ينشطون فيها». حمزة العبيدي: نعم، تراجعت وطنية بعض اللاعبين «لاحظت أن «وطنية» بعض اللاعبين تراجعت بشكل واضح فاللاعب المحترف أصبح لا يبحث إلا عن المال وما فعله علاء الدين يحيى ليلة مقابلة بوتسوانا أكبر دليل على ذلك». منجي محواشي: لا مجال للمزايدات على وطنية لاعب على آخر «أعتقد أنه لا مجال للمزايدات بشأن وطنية بعض اللاعبين إذ لا فرق بين لاعب ينشط في تونس وآخر ينشط خارج البلاد ولكن كل ما في الامر أن اللاعبين المحترفين يفتقدون الى المتابعة المكثفة من قبل المسؤولين». عرفات اليحياوي: غياب أهل الذكر في ميدان التسيير الرياضي «أعتقد أنه حان الوقت ليتولى أهل الذكر مسألة متابعة اللاعبين المحترفين الذين هم على ذمة المنتخب الوطني التونسي خاصة أن الكرة التونسية تزخر بعدة أسماء مثل السادة سليم شيبوب وعثمان جنيح وطارق ذياب».