كشف السيد محمد بن سدرين، رئيس جمعية إدماج المساجين المفرج عنهم عن ثلاث اتفاقيات إطارية سوف يتم إمضاؤها يوم الثالث من ديسمبر تحت إشراف وزارة التكوين المهني واتحاد الصناعة والتجارة لانتداب عدد هام من المساجين المفرج عنهم وإدماجهم في المجتمع. جاء ذلك في الندوة الصحفية التي عقدها المكتب التنفيذي للجمعية في مقرها بالعاصمة أمس حيث كشف السيد بن سدرين عن تفاصيل الاتفاقيات الثلاث، وأولها تعهد صاحب إحدى مؤسسات الحراسة والخدمات بانتداب 80 شخصا من المساجين المفرج عنهم. أما الاتفاقية الثانية فتخص جامعة الأشغال العمومية لتشغيل عدد آخر من المساجين الذين تلقوا تكوينا في البناء والدهن، فيما تخص الاتفاقية الثالثة جامعة مواد البناء. وقبل ذلك، كانت هذه الندوة الصحفية مناسبة للتعريف بالجمعية التي يقول عنها مؤسسوها إنها قطعت أشواطا هامة على طريق إدماج المساجين بعد قضاء العقوبة وإعادتهم إلى الحياة العامة تحت شعار «لا للعودة إلى السجن». ليس سهلا يقول السيد بن سدرين إن الجمعية التي تم إنشاؤها في بداية جانفي 2008 قد استقبلت في عامها الأول 700 سجين مفرج عنهم، وألف سجين في العام الثاني، وهي تطمح إلى مضاعفة هذا العدد في المستقبل، حيث أنها تستقبل حاليا معدل أربعة مساجين في اليوم، وتنجح في إيجاد حلول لأكثر من ثلاثة منهم. وتتمثل هذه الحلول في التشغيل أو الإعادة إلى العمل، والتدخل للحصول على التكوين أو القروض والتراخيص وحتى المساعدات العينية والمالية للسجين المفرج عنه أو أهله. تعهدت الجمعية ب 1900 وضعية تم إيجاد حل ل 800 حالة منها. «هذا ليس سهلا» يقول رئيس الجمعية مذكرا بأن السجين ليس دائما شخصا سهل المراس حتى وهو يقصد الجمعية طلبا للمساعدة، حتى أن المسؤولين عن الجمعية طلبوا مساعدة الأمن ثلاث مرات في المدة الأخيرة بسبب الفوضى وعدم التفهم. يضيف السيد بن سدرين بتسليم: «للأسف لدينا حالات مفاجئة لأشخاص ساعدناهم ثم عادوا إلى الإجرام حتى في مقر الجمعية وهم يتسلمون منا المساعدات، لكن ذلك لم يغير من قناعتنا بأهمية دورنا في تأهيل المساجين المفرج عنهم ومساعدتهم على العودة إلى الطريق القويم، خصوصا حين نرى أن أغلب الحالات قد نجحت». تقول السيدة درة شلبي عضوة مكتب الجمعية إن نسبة النجاح في إدماج الحالات المعروضة تصل إلى 72 بالمائة، أما الباقي فتمثل للأسف حالات غريبة لأشخاص استفادوا من المساعدة للحصول التكوين وعلى قروض بضمانة الجمعية لتكوين مشاريع ثم اختفوا فجأة بما أخذوه. «ذلك مؤسف، لكن تلك هي الحياة». مشروع طريف لا تكتفي الجمعية بتقديم المساعدات المالية، بل تعمل على استنباط أفكار التشغيل الجديدة لهذه الفئة من الناس، ومن ذلك فكرة طريفة لم تحدث من قبل في تونس وتتمثل في مشروع محمول لغسل السيارات دون ماء. الصيغة موجودة من قبل، والمواد المستعملة فيها تصنع في إيطاليا. يقول السيد بن سدرين إن الجمعية قد تفاوضت مع صانع هذه المواد لتركيبها في تونس وابتكرت طريقة ليكون المشروع بمعداته في صندوق جميل محمول، كما تفاوضت العديد من البلديات والوزارات والمؤسسات الخاصة التي لها مآوى سيارات لفتح الباب أمام المجال وأمام من ترسلهم الجمعية في هذا الإطار. يتحدث السيد بن سدرين عن المشروع بلغة رجل الأعمال الذي يرى فيها «6 ملايين دينار من المدخول العام سنويا بما فيها من خلق مواطن شغل، لكن الأهم هو توفير فرصة للمساجين المفرج عنهم». تشجيع غير أن المساجين المفرج عنهم وعائلاتهم يستمرون في التدفق على مقر الجمعية. قبل الندوة الصحفية بلحظات كانت بعض النسوة أمام المقر، بحثا عن المساعدة. تعتمد الجمعية في تمويلها على تبرعات رجال الأعمال والمتطوعين من أهل الخير. رئيسها السيد محمد بن سدرين، رجل أعمال وعضو بمجلس المستشارين، وهي تضم في مكتبها إطارات مختصة في علم النفس والتربية والقانون وتعتمد على شبكة قوية من العلاقات مع الوزارات والمؤسسات الحكومية والمالية من أجل إدماج المساجين السابقين على كل المستويات. يضيف رئيس الجمعية بفخر: «أود أن أشكر كل من ساعد الجمعية وفتح أمامها الأبواب وعلى رأسهم السيد الرئيس بتشجيعه الثمين واستقباله لنا». يذكر بعد ذلك كل المؤسسات التي تتعامل معها الجمعية: الإدارة العامة للسجون التي بنينا معها علاقة ثقة كبيرة تمكننا من زيارة المساجين قبل الإفراج عنهم لإعدادهم للحياة العامة، السيد رئيس اتحاد الصناعة والتجارة الذي فتح لنا كل الأبواب لتشغيل منظوري الجمعية، مدير بنك التضامن الذي سمح لنا بالتدخل وضمان قروض دون مساهمة ذاتية، وزارة العدل، وزارة الداخلية والبلديات ورجال الأعمال الذين يساندون الجمعية ماليا ومعنويا. بعد ذلك يتحدث رئيس الجمعية عن المستقبل: «نطمح إلى تقديم ملف إلى الأممالمتحدة بصفتنا جمعية خيرية غير حكومية، حتى نساهم في التعريف بما يقوم به المجتمع المدني للمصلحة العامة، وخصوصا لمواجهة أي معلومات خاطئة عن بلادنا».