بالعودة الى الألقاب الثلاثة الاخيرة يمكّن الاقرار في غير تردّد بأن الافريقي والترجي قد أحرزا التفوق بفضل الكفاءة البدنية والفنية العالية للاعبي وسط الميدان في ظل ثقافة تكتيكية مهيمنة في الكرة التونسية تراهن على التغطية الكثيفة، والكثافة الدفاعية والتعويل على الهجومات المعاكسة والسريعة. لم يشذ النجم عن هذا الاختيار التكتيكي، لذلك راهن على لاعبين هما محمد علي نفخة وعادل الشاذلي كلاعبي ارتكاز رغم اختلافهما فنيا وتكتيكيا وذهنيا، بل إن هذا الاختلاف هو الذي أثمر تكاملا وتضافرا أتاح التوازن لخط الوسط ومكّن العكايشي من تمريرات متنوعة في العمق وذات اليمين والشمال. عادل الشاذلي: لاعب بحجم الممرّن رغم دوره الدفاعي الذي يقتضي جهدا بدنيا كبيرا في افتكاك الكرة والتغطية إلا أن عادل الشاذلي ظل محافظا على دوره التكتيكي بامتياز وقد تجلى هذا في ثلاثة أدوار على الأقل: الدور الاول يتمثل في قدرته الفائقة على الحركة الجانبية Glissement latérale مما عطل التمريرات في العمق مما أرغم المويهبي والمليتي وألكسيس و يحيى على تمرير الكرة وطلبها على الأطراف التي مثلت نقطة ضعف الافريقي في ظل غياب الذوادي وضعف المستوى الفني للظهيرين العكرمي والعيفة. الدور الثاني: يتجلى في حسن توجيهه لزملائه خاصة اللاعبين شقرة والبجاوي اذ كان بحثهما في الغالب على الاقتراب من وسط الميدان للمساعدة على الحد من توغلات وسام بن يحيى والمليتي في الحالة الدفاعية وقد ساهم حسن تمركز هذين اللاعبين في جعل المخالفات التي تحصّل عليها المويهبي خاصة في الشوط الاول بعيدة عن المرمى. الدور الثالث: تجّسم من خلال اعتماده تمريرات دقيقة في العمق ساهمت في احراز الهدف الاول كما أظهر مهارة لافتة في الاعتماد على تمرير الكرة بلمسة واحدة أو لمستين على أقصى تقدير مما جنبه الاصابات والاحتكاك المفرط بالمنافس ومكّنه من توزيع مجهوده على كامل ردهات اللقاء الا أن هذا المردود المتميز كان مشروطا بوجود لاعب ارتكاز ثان أقوى بدنيا وأكثر اندفاعا. محمد علي نفخة: تفوّق في في الثنائيات وعطاء بدني غزير لتحقيق التكامل مع عادل الشاذلي أوصى الكبير محمد علي نفخة بالتشويش على متوسطي ميدان النادي الافريقي اذ كان الاقرب للكرة والأكثر اندفاعا ورغم اخفاقه في افتكاك الكرة من ألكسيس صاحب المهارات الفنية الاستثنائية الا انه تمكّن من تعطيله في مناسبات عديدة عند التوزيع أو التمرير وفي كل الحالات كان يتيح لزملائه العودة للتغطية. ما يحسب لهذا اللاعب في هذه المباراة أن اندفاعه الشديد ودخوله في صراع كروي مباشر مع أغلب لاعبي الافريقي لم يرغمه على ارتكاب الاخطاء ولم يثر فيه التشنج الذي لاحظناه مثلا لدى وسام بن يحيى والعكرمي وغيرهما من لاعبي الافريقي. العكايشي: أقرب مسافة بين نقطتين... الطريق المستقيم أكد العكايشي خلال هذه المباراة أن الأهداف التي حسمها خلال المباريات السابقة لم تكن وليدة الصدفة أوضعف المنافس إنما ترجع الى كفاءته الفنية والتكتيكية أما فنيا فقد كان بارعا في السيطرة على الكرة أينما تلقاها سواء داخل 18 مترا أو وسط الميدان وهو ما جعله يتفوق على السويسي في جل المواجهات الثنائية وفي أدنى الحالات كان يرغم مدافع الافريقي على ارتكاب الخطإ. أما تكتيكيا فقدم هذا اللاعب درجة من النضج جعلته لا يأتي الزوائد فحالما يتلقى الكرة يتجه رأسا الى المرمى معولا على سرعه وقوته البدنية آخذا بمبدإ في الرياضيات ملخصه أقرب مسافة بين نقطتين الطريق المستقيم. هذا الثالوث الشاذلي ونفخة والعكايشي يبشر بفريق متوازن متكامل ناجح باستطاعته المنافسة على كل الألقاب بكل جدارة واقتدار.