أخيرا وقع الجناة في قضية اختطاف الطفل منتصر. ما هو مؤكد هو أن المختطفين ارتكبوا سلسلة من الجرائم الخطيرة، التي يصل عقابها حسب القانون إلى السجن المؤبد، فما هي أهم الاستتباعات القانونية لما اقترفه الخاطفون؟ جاء في الوقائع أن ثلاثة ملثمين كانوا يترصدون خروج الأم وابنيها، قبل تنفيذ هجومهم، إذ أقدم أحدهم على رش الأم بغاز مخدّر فيما تولى الآخران جرّ الطفل من سيارة والدته إلى سيارة رمادية اللون، وقع تغيير لوحتها التسلسلية (ما يعرف بالرقم المنجمي) ثمّ حوّلوا وجهة الطفل وتحصنوا بالفرار. التكييف الأولى هذه الوقائع يعلق عليها قانونا الأستاذ حسن بدر المحامي المختص في القضايا الجنائية إذ قال، مبدئيا إذا كانت السيارة مسروقة فإنّ التهمة الأولى هي السرقة ثم إذا ثبت تعمدهم تغيير لوحة السلسلة فإنهم قد ارتكبوا جنحة على معنى احكام مجلة الطرقات. أما وقد استعملوا قارورة غاز مشل للحركة فإنهم بذلك ارتكبوا جريمة ديوانية لأنهم هرّبوا هذا السلاح وجريمة حق عام عملا بالقانون عدد 33 لسنة 1969، إذ أن مجرد جلبها من الخارج عقوبته تتراوح بين 6 أشهر وثلاثة سنوات وخطية من 30 دينارا إلى 2000 دينار وحملها يصل عقابه إلى السجن لمدة ثلاثة أعوام ومسكها عقابه عام. كما يمكن أن نقول إنهم اعتدوا بالعنف الشديد على الأم وهو منطوق الفصل 218 من المجلة الجنائية الذي يصل العقاب فيه إلى السجن لمدة عام. جرائم خطيرة أما الجرائم الخطيرة، فهي أولا جريمة تحويل وجهة شخص، طبقا لأحكام الفصل 237 من المجلة الجنائية، ومبدئيا تنطبق أحكام الفقرة الأخيرة والتي جاء فيها «ويكون العقاب بالسجن بقية العمر إذا ما تمّ الاختطاف أو تحويل الوجهة باستعمال السلاح أو بواسطة زي أو هوية مزيفة أو بأمر زيف صدوره عن السلطة العمومية». تنفيذ شرط أما الجريمة الخطيرة الثانية، فهي حسب الأستاذ حسن بدر متعلقة بالاختطاف لغاية تنفيذ شرط وهو ما تنص عليه الفقرة الأخيرة من الفصل 251 من المجلة الجنائية والتي ورد فيها «ويكون العقاب بالسجن بقية العمر.. (إذا كان الخطف) لغاية تنفيذ أمر أو شرط أو النيل من سلامة الضحية أو الضحايا بدنيا». وينطبق هذا إذا طلب المختطفون فدية، أما إذا لم يطلبوا ذلك فالعقاب يكون لمدة عشرين عاما، لأن عملية الحجز نفذت باستعمال السلاح ومن قبل عدة أشخاص. وقانونا، إذا صاحب العملية أو تبعها الموت يكون العقاب بالاعدام. تكوين عصابة الجريمة الخطيرة أيضا، هو تكوين عصابة، إذ ما كان هناك وفاق وتنظيم مسبق بقصد ارتكاب اعتداء على الأشخاص والممتلكات من قبل أكثر من شخصين، فتنطبق أحكام الفصلين 131 و132 من المجلة الجنائية وما بعدهما، ويقضيان بسجن الأعضاء المشاركين في الوفاق لمدة ستة أعوام ولرؤساء العصابات لمدة 12 عاما. مساعدون ومشاركون إضافة الى ذلك، فإن أي شخص ساعد الخاطفين بأي وسيلة كانت تنطبق عليه أحكام الفصل 32 من المجلة الجنائية والمتعلق بالمشاركة، ويعاقب الشريك نفس عقاب الفاعل الأصلي. والشريك هو من أرشدهم أو ساعدهم أو أمدّهم بسلاح أو عاونهم على إخفاء الضحية وهؤلاء يعاقبون نفس عقاب الفاعلين الأصليين باعتبارهم شركاء وهو ما يعتبر مشاركة إيجابية. وهناك المشاركة السلبية وتشمل من شاهد احدى تلك الجرائم ولم يبلغ عنها السلط ويعاقب عملا بأحكام قانون 9 جويلية 1942 بين ثلاثة أشهر وخمس سنوات. أو من أخفى المجرمين وفي الصورة الخطيرة فإن هؤلاء الأشخاص يمكن اعتبارهم شركاء إيجابيين. عدم الابلاغ كما يعاقب بالسجن من 3 أشهر الى 5 أعوام من كان على علم عن قصد يخشى منه ارتكاب المخالفات المتعلقة بذلك ومن بينها جرائم الاعتداء على الأشخاص ولم يعلم السلط ويعاقب بنفس العقوبات كل شخص شاهد احدى المخالفات التي من بينها جرائم الاعتداء على الاشخاص ولم يعلم بها، وفي الصورة الخطيرة يعتبر من كان على علم أو شاهد ولم يبلغ بمثابة الشريك ويعاقب بنفس العقاب. استثناء يستثنى من هذه الجرائم المتعلقة بالاخفاء الأجداد والأولاد والأبناء والاحفاد والأزواج أو الزوجات ولو كانوا مفارقين، والاخوة والأخوات وأصهارهم من الدرجة نفسها ويعاقب من عام الى خمسة أعوام وبخطية من 500 دينار الى خمسة آلاف دينار، كل من كان قادرا على أن يمنع بعمله الشخص المباشر دون خشية الضرر ولا الخطر على نفسه أو على أقاربه، وامتنع عمدا عن ذلك، وتنال العقوبة نفسها من يتغاضى على الصورة نفسها من إغاثة شخص في خطر.. إن فقد هذا الشخص الحياة أو لحقه ضرر بدني خطير بسبب عدم إغاثته. ويعتبر هذا التكييف القانوني أوليا ومبدئيا قبل أن ينهي الباحثون كل أبحاثهم وتحقيقاتهم وقبل أن يوجّه القضاء رسميا نصّ الإحالة ولائحة الاتهام.