المشهد الثقافي الجامعي في المهدية في السنة الدولية للشباب حاولنا التعاطي معه من خلال نظر في حال المركز الثقافي الجامعي بالمدينة وطبيعة تعامل الطلبة معه. بين الإقبال والنفور وشكوى بعض العوائق توزّع المشهد في موضوعنا. فالمركز يحاول ان يستقطب اليه الشباب الجامعي من خلال الاعلان عن تنظيم أندية للمسرح والموسيقى والرسم ومن خلال اعلانات من حين الى اخر عن لقاءات احتفالية... ومع ذلك لم يبلغ الإقبال الطالبي على النشاط فيه في ما نتمناه من الكثافة والزخم المطلوبين. المسألة تبدو في ظاهرها محيّرة ويبدو من السهل الركون الى التفسير البسيط «الطلبة لم يعد يستقطبهم النشاط الثقافي». تقصينا الوضع من خلال محادثات مع الطلبة أنفسهم فوصلنا الى مجموعة من الاشارات . حرفية التنشيط يقول الطالب زياد حجري من المعهد العالي للفنون والحرف «مسألة العزوف موجودة نسبيا وان بدا الإقبال هذه السنة أحسن من السابق في ما يرى. لكن مع هذا لابدّ من ملاحظة ان بعض الأنشطة تستقطب الطلبة اكثر من الأخرى.. ان نوعية النشاط وحرفية التنشيط ووسائله تحدد مستوى الاقبال». يضيف نفس الطالب وجمع من زملائّه: «لابدّ من الاهتمام باحترافية المنشطين لاستقطاب الطلبة الذين عادة ما ينفرون في البداية ثم يقبلون على النشاط إذا ما وجدوا ما يستهويهم... خذ لك مثالا... أثناء حفل طالبي انتظم منتصف شهر أكتوبر أوشك الطلبة في البداية على الملل ومغادرة المكان لولا حرفية أحد المنشطين الذي جعل جميع الحاضرين ينخرطون في الاحتفال ويعيشون أجواء استهوتهم هذه الحرفية قد لا نصادفها دائما في النوادي». الطالب سامي الحزامي من كلية العلوم الاقتصادية في المهدية يشارك زميله وجهة نظره ويضيف قائلا: «الطلبة عامة يعيشون ضغط الدراسة و«أسر» المبيت ووطأة البعد عن العائلة وهم نخبة متعلمة منفتحة عبر وسائل الاتصال الحديثة على مستويات رفيعة من وسائل الترفيه ومصادر التسلية والثقافة... مثل هذه الفئة لا يمكن ان يستهويها الا تنشيط متميّز المستوى شكلا ومضمونا. وهذا لا نراه يتاح كثيرا». إن الطالب لا يكلف نفسه عناء التنقل الى المركز الثقافي الجامعي. في الحقيقة لاحظنا ان الساهرين على امر المركز الثقافي الجامعي بالمهدية سعوا الى الانتقال ببعض تظاهراتهم الاحتفالية او الثقافية الى مبيتات الطلبة ومواقع تجمعهم لكن الأمر وإن بدا مفيدا ليس له ان يحل المشكل ولا يمكن ان تنتقل كل أنشطة المراكز الثقافية الا ان ينتقل هو ذاته.. عموما بدا لنا من خلال هذه الملامسة لواقع النشاط الثقافي الطالبي في المهدية ان بعض العوائق والنقائص تستوجب النظر وأن من غير الحكمة الاكتفاء بإلقاء اللائمة على الشباب الطالبي باعتباره عازفا تلقائيا عن النشاط الثقافي. أخيرا لعل الفعل الثقافي النشيط القادر على استقطاب جمهور الشباب الطالبي وغير الطالبي في مدينة اصبح يؤمها آلاف الأفراد من هذه الفئة العمرية وفي سنة عالمية استثنائية في الاحتفال بالشباب... لعل كل هذا يتجاوز حدود المركز الثقافي الجامعي ليعني هياكل الثقافة في الجهة، في المهدية.