أكثر من زيارة قمنا بها للمركز الثقافي الجامعي الحسين بوزيان بالعاصمة لمواكبة عدد من الأنشطة... هذه الزيارات كشفت لنا عن منارة حقيقية للطلبة نظرا للتنوّع الثقافي والبرامج التنشيطية الثرية والنوادي المختلفة في جل المجالات، والإقبال الكبير للطلبة والممارسة الابداعية الثقافية والحوارات العلمية والمعرفية المواكبة للعصر وللمستجدات الوطنية والعالمية.. كل هذه العناصر وغيرها دفعتنا الى مجالسة السيد جمال الشريف مدير المركز الثقافي الجامعي الحسين بوزيان وكان الحوار التالي: * لنبدأ من «نقطة الوصول» نعني اهداف هذا الفضاء الثقافي الجامعي؟ الحقيقة ان من اهداف هذا الفضاء الجامعي تنشيط الحياة الثقافية الطالبية من خلال تنظيم تظاهرات ثقافية وترفيهية وبعث نواد تمكّن الطالب من ممارسة هواياته بإشراف منشطين لهم خبرة ومؤهلات في مجالات معيّنة وايضا تنمية العمل الابداعي الثقافي لدى الطلبة مع تشجيع الاعمال الثقافية الطالبية التي من شأنها صقل المواهب وتنمية الروح الوطنية وتكامل الشخصية. كذلك المساعدة على تركيز تقاليد ثقافية طالبية تتميز بالتسامح والتنوع والإثراء المعرفي وتمكين جميع الطلبة من استغلال المركز وفضاءاته لعرض منتوجات النوادي وتنظيم الحفلات وربط علاقات تبادل وتعاون وشراكة مع المراكز الثقافية الجامعية ببلادنا وبمختلف البلدان. أيضا المساهمة في تمكين الطالب من وسائل ترفيهية ذات صبغة ثقافية. * هذه الاهداف تحتاج الى آليات او طرق ووسائل لتحقيقها... أليس كذلك؟ صحيح.. نحن نسعى بتشجيع من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا وديوان الخدمات الجامعية للشمال الى بلوغ كل هذه الاهداف من خلال الإحاطة بالطلبة والاستجابة لانتظاراتهم وتطلعاتهم وحاجياتهم. وقد تدعّم هذا خاصة بعد التحفيزات والتشجيعات الرئاسية خاصة في ما يتعلق بالمنحة الاضافية للتنشيط الثقافي ودعم المركز بالمنسقين الثقافيين والمنشطين المتعاقدين. ولأننا دائما نهدف الى مزيد تشريك الطلبة في الفعل الابداعي تعمل اسرة المركز على بعث النوادي المختصة في مجالات محددة مثل البيئة والمحيط والصحة والصورة الضوئية وورشات العمل المسرحي والموسيقي والخط العربي وغيرها بقصد توفير فضاءات ثقافية ترتبط بصفة مباشرة بالمواضيع التي تستحوذ على اهتمامات هذه الفئة من الطلبة لاسيما في ما يتعلق باهتماماتهم الأكاديمية. * هل لديكم برامج شراكة وتعاون او اعمال تنشيطية مع مؤسسات وهياكل أخرى؟ هناك رؤية جديدة اصبحنا ننتهجها في انشطتنا، فالمركز اصبح ينجز اعمالا خارج هذا الفضاء في اطار تفتح المؤسسة على المحيط وذلك بالتعاون مع مؤسسات شبيهة واخرى ذات صبغة اقتصادية واجتماعية حتى يتمكن الطالب من الاطلاع على المحيط ويكون مستعدا عند التخرّج للقيام بدوره فيه. فهناك حميمية بين التكوين الاكاديمي والعمل الثقافي باعتباره مكملا اساسيا لما يتلقاه الطالب داخل الجامعة. وفي حقيقة الامر فإن المركز باعتباره فضاء ثقافي يتنزل في اطار تاريخي واجتماعي يتأثر بالتحوّلات الاجتماعية والثقافية التي يشهدها المجتمع التونسي بصفة عامة ويتأثر بالتحولات التي يشهدها جمهور من الطلبة بصفة خاصة. فالمركز ليس فضاء معزولا عن واقع المجتمع بل انه يتفاعل معه. * هل جمهور المركز من الطلبة ذوي الافكار والميولات والاتجاه الواحد أم خلاف ذلك؟ المركز الثقافي الجامعي الموجود بقلب العاصمة وتحديدا بنهج الحسين بوزيان يؤمه طلبة المؤسسات الجامعية الموجودة في تونس الكبرى وأيضا مؤسسات الخدمات الجامعية من مبيتات وأحياء بصفة عامة. والحقيقة ان هذا الفضاء يستقطب الطالب والطالبة على حد سواء وبنفس النسبة تقريبا (49.79 من إناث مقابل 50.21 من الذكور). وهؤلاء على اختلاف ميولاتهم وافكارهم يلقون الحرية التامة من ممارسة هواياتهم وابداعاتهم الثقافية وغيرها من الأنشطة الترفيهية. ومن جهة أخرى يحتضن المركز انشطة وابداعات عدد من الكليات والمعاهد العليا وأعمال بعض الجمعيات الثقافية اولا لتمكين الطالب من تبادل التجارب والخبرات مع هذه الجمعيات وفي مرحلة ثانية دمج جانب كبير من الطلبة ضمن النسيج الجمعياتي. * كيف تقيّمون المستويات الفكرية والثقافية لطلبة اليوم؟ بصراحة فإن طالب اليوم باعتباره فاعلا اجتماعيا يعيش متغيّرات العولمة وبالتالي لا يمكن ان يكون طالب الأمس فقد تغيّرت مستويات الوعي الفكري والثقافي وتنوّعت وتعددت الشواغل بتعدد الحاجات والتطلّعات لذلك تعمل أسرة المركز، اساتذة ومنسّقين وقيّمين على التعرف على المستجدات لتكون البرامج منسجمة ورغات الطلبة وميولاتهم، وحتى يكون الطالب ملمّا بالمتغيرات المحلية والدولية وما رافقها من ثورة اتصالية اخترقت الحدود التقليدية والخرائط الجغرافية. ولعل البرامج الفكرية والعلمية التي تقدّم للطالب في هذا الفضاء اكبر دليل على هذا، ونذكر منها ندوة «الثقافة والعولمة» و»ثقافة السلم والمستقبل» و»الانثروبولوجيا والتاريخ» و»التراث ورهان الحداثة» بحضور أساتذة جامعيين ومختصين. * هذا يعني ان روّاد هذا الفضاء من الطلبة متقبلون فقط او انهم يشاركون في الأنشطة الثقافية فحسب؟ بالعكس فالطالب في هذا الفضاء يشارك في النشاط الثقافي وايضا في تحمّل المسؤولية. فلقد اعطيت لعديد الطلبة وخاصة منهم طلبة المرحلة الثانية والمرحلة الثالثة فرص تسيير عدد من النوادي فأصبح الطالب فاعلا وباثا ومتقبلا في نفس الوقت، ومتحمسا للنشاط الثقافي الجامعي، وهي فرص حقيقية تمكّن من خلالها الطالب من الانتقال من مستوى الطالب الذي ينتظر الى مستوى الطالب الذي يُبدع ويضيف فتحوّلت الانتظارات الى محتويات تعبّر عن شواغله. * ماهي الصعوبات او العراقيل التي تعترضكم في هذا الفضاء؟ في فترة الامتحانات يشهد المركز اقبالا كبيرا من الطلبة للمراجعة وهذا يطرح إشكالا نظرا لمحدودية طاقة الاستيعاب فأسرة المركز حين احدثت فضاء المراجعة سنة 1994 وطوّرته بغاية مزيد استقطاب الطلبة لم تكن تتوقع هذا الحضور وخاصة في مثل هذه الفترة، ولعل هذا راجع الى المناخ المريح المتوفر داخل هذا الفضاء من جهة وايضا الى التكامل المرجو بين الغذاءين العقلي والترفيهي داخل المركز ذاته. فالطالب يقبل على المركز صباحا لينتفع ببعض الخدمات التي تلبي اهتماماته ورغباته ضمن الفضاء المخصص ولينخرط في الامسيات ضمن المشاركين في بقية الأنشطة الثقافية. وهناك مكتسبات يعمل المركز على تدعيمها من ذلك تجهيز المركز بوحدات اعلامية لتكون خير حافز للطالب لمزيد الابداع. كما تم تخصيص ميزانية لهذا الغرض رغم ان الوسائل التقنية ليست في نهاية الامر جوهر الممارسة الثقافية بقدر ما هي وسيلة من الوسائل وعلى الطالب ان يسوغ مضامين ثقافية تتلاءم مع شواغله. وحسب اعتقادي تصبح مسألة صناعة المحتوى من أهم المسائل التي يجب على الطالب ان يجعلها اولوية من الاولويات في علاقته بأي عمل ثقافي خاصة امام بعث شعب علمية جديدة خلال السنوات الاخيرة كالملتيميديا والفنون والتصميم والاعلامية. * لو تختموا هذا اللقاء ببيان أهم الأنشطة المستقبلية للمركز؟ سيقع تنظيم ملتقى الخط العربي والجماليات الخطية في دورته الاولى ويتضمن مسابقة ومحاضرة وذلك يوم غد الاربعاء 21 جانفي الجاري وهناك محاضرة حول الامراض التناسلية السارية سيلقيها عدد من الاطباء خلال هذا الشهر. ايضا ندوة حول «اثر الثورة المعلوماتية والاتصالية في التحوّلات الثقافية والاجتماعية» يشرف عليها ثلة من الاساتذة المحاضرين وذلك يوم 23 جانفي الجاري. وسيكون الطلبة على موعد مع معرض للصورالرياضية والمسابقة الخاصة باختيار افضل عمل طلابي في مجال المجموعات النادرة وذلك يوم 30 جانفي الجاري، كذلك سيقع تنظيم مسابقة وطنية للطلبة العازفين تحت اشراف لجنة تحكيم وذلك يوم 4 فيفري القادم. بالاضافة الى ندوات اخرى ومسابقات في الموسيقى الفلكلورية والكاريكاتور الرياضي ورحلة الى الجنوب التونسي تدوم حوالي اسبوع في بداية عطلة الربيع القادمة. * أجرى الحوار: اسماعيل الحربي