صفاقس تستقبل موسم الزيتون ب515 ألف طن .. صابة قياسية.. وتأمين المحصول ب «الدرون»    مع الشروق : سياسة البلطجة    بعد العثور على جثة خلف مستشفى المنجي سليم ..أسرار جريمة مقتل شاب في المرسى    نابل تختتم الدورة 11 لمهرجان الهريسة .. نكهة وتراث    منوبة: انتفاع 426 تلميذا وتلميذة في دوار هيشر والبطان بخدمات قافلة لتقصّي ضعف البصر ومشاكل الأسنان    دميترييف: العمل على فكرة النفق بين روسيا والولايات المتحدة بدأ قبل 6 أشهر    عاجل/ الاحتلال يواصل خرق اتفاق وقف اطلاق النار ويغلق معبر رفح..    بطولة افريقيا لكرة الطاولة: المنتخب التونسي للكبريات ينهزم في الدور ربع النهائي    عاجل:وزارة الدفاع تنعى أمير اللواء المتقاعد محمد الشاذلي الشريف    عاجل/ تزامنا مع التقلبات الجوية المرتقبة: مرصد سلامة المرور يحذر وينبه مستعملي الطريق..    عاجل: بتكليف من قيس سعيّد...لقاء تونسي -صيني لإنهاء تلوّث المجمع الكيميائي بقابس!    معرض لمنتوجات الكاكي بنفزة في إطار الدورة الحادية عشرة لمهرجان "الكريمة"    صفاقس: المسرح البلدي يحتضن سهرة طربية نسائية دعما للعمل التطوعي    عاجل: إعلامية عربية تتعرض لحادث سير مروع في أمريكا    زغوان: إحداث 5 مناطق بيولوجية في زراعات ضمن مشروع التنمية والنهوض بالمنظومات الفلاحية    بطولة انقلترا: تشلسي يفوز على نوتنغهام بثلاثية نظيفة    ارتفاع مرتقب للاستثمار في الصناعات الكيميائية والغذائية في السداسي الثاني من 2025    عاجل/ بين الإعدام والسّجن: الإستئناف يُصدر أحكامه في حق الارهابيين المتّهمين في هجوم بولعابة    مسرحية "جرس" لعاصم بالتوهامي تقرع نواقيس خطر انهيار الإنسانية    مجلس نواب الشعب : جلسة عامة الإثنين للحوار مع الحكومة حول "الأوضاع بجهة قابس"    بعد أن شاهد فيلم رُعب: طفل يقتل صديقه بطريقة صادمة!!    لكلّ شاب تونسي: تحب تكوين مهني عسكري؟...سجّل عن بعد وخوذ فرصتك    عاجل: فرصة العمر...منح ممولة بالكامل في اليابان والصين وتايوان وماليزيا للطلبة التونسيين!    قطيعة منتظرة بين الإتحاد المنستيري ومنتصر الوحيشي    كأس السوبر الإفريقي - نهضة بركان على أتم الاستعداد لتحقيق اللقب (المدرب معين الشعباني)    اللانينا تسيطر على المحيط الهادئ...وتوقعات بشتاء بارد وطويل    مجلس المنافسة يتعهد تلقائيا بممارسات يشتبه انها مخلة بالمنافسة في رحي الزيتون لموسم 2026/2025    التوأمة الرقمية: إعادة تشكيل الذات والهوية في زمن التحول الرقمي وإحتضار العقل العربي    إمرأة من بين 5 نساء في تونس تُعاني من هذا المرض.. #خبر_عاجل    عاجل: تونس على موعد مع الشيخوخة... 20% من السكان مسنّين بحلول 2029!    عاجل/ وزير الإقتصاد يُشارك في اجتماعات البنك العالمي وصندوق النقد.. ويجري هذه اللقاءات    عاجل/ فلّاحو هذه الجهة يطالبون بتعويضات..    مشروع قانون المالية 2026: رضا الشكندالي يحذّر من "شرخ خطير" بين الأهداف والسياسات ويعتبر لجوء الدولة للبنك المركزي "مغامرة مالية"    انتاج الكهرباء يرتفع الى موفى اوت المنقضي بنسبة 4 بالمائة    امكانية إضطراب على مواعيد سفرات اللود بين صفاقس وقرقنة بسبب سوء الاحوال الجوية    تونس تحتضن قمة الاستثمار الذكي في هذا الموعد    إصدارات: كتاب في تاريخ جهة تطاوين    ترامب يفرض رسوما جمركية جديدة على الشاحنات والحافلات    بطولة كرة السلة: برنامج مباريات الجولة الأولى إيابا    البرلمان البرتغالي يصوّت على منع النقاب في الأماكن العامة    اليوم: الامطار متواصلة مع انخفاض درجات الحرارة    "أمك من فعلت".. رد صادم من متحدثة البيت الأبيض على سؤال صحفي    عاجل/ الوضع البيئي والاحتجاجات في قابس: هذا ما طرحه رئيس الدولة..    عاجل/ الجزائر: حالتا وفاة بهذه البكتيريا الخطيرة    انتخاب التونسي رياض قويدر نائبا أوّل لرئيس الاتحاد العالمي لطبّ الأعصاب    نجاح جديد لتونس..انتخاب أستاذ طب الأعصاب التونسي رياض قويدر نائبا أول لرئيس الاتحاد العالمي لطب الاعصاب..    عاجل: الكاتب التونسي عمر الجملي يفوز بجائزة كتارا للرواية العربية 2025    محافظ البنك المركزي من واشنطن: تونس تتعافى إقتصاديا.. #خبر_عاجل    مهرجان السينما المتوسطية بشنني في دورته العشرين: الفن السابع يواجه تحديات البيئة    ترتيب الفيفا: المنتخب التونسي يقفز ثلاثة مراكز ويصعد إلى المرتبة 43 عالميًا    ماتش نار اليوم: الاتحاد المنستيري في مواجهة شبيبة القبائل الجزائري..التشكيلة والقناة الناقلة    لطفي بوشناق في رمضان 2026...التوانسة بإنتظاره    وزارة التربية: فتح باب التسجيل لاجتياز مناظرة الدخول إلى المدارس الإعدادية النموذجية دورة 2026 بداية من يوم 29 أكتوبر 2025    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مباريات الجولة الخامسة    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    خطبة الجمعة .. إن الحسود لا يسود ولا يبلغ المقصود    5 عادات تجعل العزل الذاتي مفيدًا لصحتك    الزواج بلاش ولي أمر.. باطل أو صحيح؟ فتوى من الأزهر تكشف السّر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جرة قلم: الكعكة
نشر في الشروق يوم 15 - 12 - 2010

من منا لا يعرف الكعك.. وفي بعض الاقطار العربية يسمونه «الكحك».. ومن منكم لم يتلذذه يوما بمناسبة ومن دونها وان كان قد ارتبط بصفة أساسية وعلى مر الزمان بعيد الفطرقبل ان يستبد بباقي الايام والفصول.. وقد قيل إن الفراعنة هم أول من عرف الكعك وتفننوا في طريقة صنعه وفي اشكاله التي وصلت الى مائة شكل مازالت نقوشها تشهد عليها في مقابرهم. ومما عجب له هيرودوت وهو يكتب عن مصر في منتصف القرن الخامس قبل الميلاد ان «المصريين يمزجون عجين الكعك والخبز بأرجلهم في حين يمزجون الطين بأيديهم».
وفي التاريخ الإسلامي قيل إن الطولونيين كانوا يصنعونه في قوالب خاصة يكتب عليها «كل واشكر» واصبح ملتصقا بعيد الفطر في العصر الاخشيدي حيث كان يكدس في «دار الفقراء» على مائدة طولها مائتا متر وعرضها سبعة أمتار. وفي العهد الفاطمي تعاظم الاهتمام بالكعك حيث بلغ طول مائدة الخليفة (العزيز) 1350 مترًا وكان يتولى توزيعه بنفسه، وفي عهده (حوالي منتصف القرن الثاني عشر للميلاد) أنشأت أول دار لصناعة الكعك سُميت «دار الفطرة». ووصل الامر الى تخصيص بعض الاوقاف لتوزيع الكعك على المعلمين في بعض المدارس الوقفية. وفي بعض القوالب المحفوظة كتبت عبارات منها «كل هنيئًا واشكر» و«كل واشكر مولاك». والمؤكد ان الاصناف والمواد التي استخدمت في تلك العهود الوثنية والاسلامية هي اكثر بكثير مما نتباهى به الآن.. ومن الكعك صنعت تمائم، والشكل المدور منها يقول المسيحيون انه يرمز الى شكل التاج الذي وضع على رأس يسوع المسيح. ومن الكعك ما كانوا يحشونه بالدنانير الذهبية.. وقد اشتهر عبر التاريخ عدد من صناع الكعك رجالا ونساء وتغنى بذلك الشعراء...والامريكيون «على عادتهم في ابتكار الطريف والشاذ» لديهم كعكة الحظ يصنعونها لاعيادهم وحفلات الزواج.. ولكلابهم... وهم يعتقدون ان أصلها من الصين لان المطاعم الصينية هي التي تبيعها لهم وهي في الواقع ابتكار ياباني ..وكعكة الحظ هذه يضعون فيها قصاصات ورق يكتب عليها حظ الشخص الذي سيأكلها، وأرقام جلبت للذين استخدموها ارباحا في اليانصيب وصلت الى 19 مليون دولار في مارس 2005 ..ووصل الامر بالامريكيين الى صنع كعك مرصع بالالماس او بالذهب يصل ثمنها الى 1100 دولارللكعكة الواحدة..
ودخل الكعك دون غيره من الحلويات في مصطلحات عالم السمسرة حيث يطالب أحد المتنافسين بحصته من «الكعكة» مقابل الخروج من المنافسة والامتناع عن الزيادة في البضاعة المعروضة للبيع.
ودخل الكعك في عالم السياسة حيث تقتسم الاحزاب أو الزعماء «الكعكة» في توزيع المناصب الحكومية وما يتبعها من نصيب في الثروة.
ودخل الكعك عالم السلاح بل اخطر انواع السلاح وهو السلاح الذري ..فقد وصفت احدى منتجات مراحل التخصيب الاولية لليورانيوم ب«الكعكة الصفراء» هذه التي اثارت ثائرة واشنطن وحليفاتها عندما تباهت ايران بالحصول عليها.
والكعكة الصفراء (Yellow Cake) ليست في حقيقتها صفراء وليست مدورة الشكل بل هي على شكل خبيز. وتعود تسميتها إلى ما كانت تنتجه المفاعلات القديمة لانها في المفاعلات الحديثة اصبحت بنية اللون مع ميل الى السواد. وقصتها ان خام اليورانيوم ينقل من المنجم إلى المطحنة لتفتيته وسحقه باستخدام محاليل الكربونات أو حامض الكبريتيك وهو اصفر اللون فيتم انتاج ملح من أملاح اليورانيوم يسمى الكعكة الصفراء تجري تنقيته فيعطي اوكسيدا يسمى ايضا الكعكة الصفراء ..ثم تتواصل عملية التخصيب والطرد كما يسمونها لفصل اليورانيوم الى نوعين حسب الكثافة واحد اعطوه الرقم 235 والثاني 238.وهكذا تتواصل العملية المعقدة وصولا الى انتاج الوقود. فمنه ما يظل بنسبة متدنية يستخدم في الاغراض السلمية ومنه من تصل نسبته الى 95٪ فيصبح جاهزا لانتاج القنابل الذرية.
ويمكن لقطعة صغيرة من الكعكة الصفراء إطلاق كمية من الطاقة تساوي ما يطلقه ثلاثة ملايين ضعف وزنها من الفحم الحجري... وهكذا غدت الكعكة الصفراء اغلى بكثير من كعك الالماس والذهب ..واصبحت محط انظار الكثيرمن دول العالم بين ساع لامتلاكها وعامل على منع ذلك.. بل هي الدافع لاحتلال بعض الدول مثل افغانستان التي تتوفر على كميات هائلة من اليورانيوم في اقليم (هلمند)..
وبعيدا عن المتعة في الاعياد والمناسبات للكعك «المسالم»، وعن الرعب الذي تثيره الكعكة الصفراء في عالم السلاح النووي دخلت كلمة كعكة في مصطلحات تقييم البشر والنتائج الدراسية.. فالفاشل او العاجز ينعت بانه «كعكة» أي لا يقدر على شيء. ومن يحصل على صفر في امتحان يستعيض عن ذكر كلمة الصفربكلمة كعكة باعتبارها مدورة كالصفر في الارقام العربية...
وهكذا نجد من يسعى لامتلاك كعكة ،خاصة اذا كانت صفراء..ونجد من يسعى الا يكون «كعكة» في الاقتصاد أو في العلم..أو في السياسة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.