أرادها ليلة استثنائية فاستجاب له صوته... ونزل عند رغبة الجمهور فشدا بأحلى الألحان وغرد في سماء ذاك المكان في لحظات عانق فيها الابداع وارتحل على متنها الى زمن الاسياد ليحيي ليلة رمضانية احتضنها فضاء المسرح البلدي بالعاصمة وأثثها الفنان لطفي بوشناق مساء أمس الاول في اطار سهرات مهرجان المدينة. على غير العادة تخلى الفنان لطفي بوشناق عن لباسه التقليدي وارتدى بدلة سوداء انسجمت مع ستائر جدران المسرح البلدي الذي تحلى هو الآخر بأجمل حلة وأبهى زينة وبات ينافس ضيفه في شد ذاك الجمهور والاستحواذ على تلك العقول... للعروبة غنى فنان سهرة أمس الاول تأخر عن موعد لقائه بجمهوره الا أنه بمجرد اعتلائه ركح المسرح البلدي نسي ذاك الجمهور زمن الانتظار وانخرط في موجة من التصفيق لمبدع عرف كيف يسلك خطاه ويصنع مجده في زمن عز فيه الفن الاصيل والفنان السوي... لطفي بوشناق تسلطن في ذاك الفضاء العريق... وزادته حروف التاريخ وذاك المجد العريق انتشاء فانخرط في موجة من الآهات والمواويل وتغنى بالليل وغنى للحب بكى العروبة المغتصبة وتأسف عن الزمن المخادع... كلمات نابعة من صميم الواقع ومستوحاة من هذا الزمن أرادها بوشناق أن تعبر عن ذاته ومجتمعه بل عن أمة برمتها... كلمات مزقت صمت ذاك المكان ونقشت حروفها على صفحات التاريخ حتى يذكرها الاجيال في زمن قد تشع فيه هذه المعاني وتلك المقاصد... مراوحة «حبيتك واتمنيتك»، قصيدة الفنان، «صندوق عجب»، «خدعني الزمان خدعني»، «عجبي منك»، «لوكان لي قلبان»، «يا من هواه» «خليني يا وعدي وحدي»، «قلبي متشوق» «تكتيك»... جملة من الأغاني الجديدة والقديمة رددها الفنان لطفي بوشناق وتفاعل معها الجمهور وانتشى على ايقاعها وارتحل على صدى كلماتها الى زمن اختلطت فيه المعاني وانحدرت القيم وتشتت الهمم... فاختلطت العبارات بالعبرات والألم بالأمل... لعل ذاك الزمن يقطع مع هذا الزمن... ليلة استثنائية فنان استطاع أن ينفذ الى قلوب الناس فاستحوذ على عقولهم ودغدغ نفوسهم واستقر في أذهانهم في ليلة استثنائية عاشها جمهور المسرح البلدي مع مطرب الاجيال... وبقديمه وجديده استمتع وبالرغم من أن البرنامج الذي قدمه بوشناق مطابق في البداية الى البرنامج الذي قدمه في مهرجان قرطاج الا أن الجمهور لم يبارح المكان وبقي ليستمتع بصوت الفنان الذي أهداه أروع الألحان وأبلغ المعاني وأشد العبر. أنامل من ذهب... لا يمكن أن تمر سهرة أول أمس دون الحديث عن فرقة الغرابي المصاحبة للفنان لطفي بوشناق. فرقة متكونة من 19 كورالا و21 عازفا تفننوا في ابلاغ موسيقاهم أمنتها أنامل من ذهب واستقبلتها آذان صاغية استطاعت أن تفرز الغث من السمين. فنان تونسي نجح فنيا وجماهيريا في مهرجان قرطاج وها هو اليوم يعاود النجاح نفسه في مهرجان المدينة... وهل للنجاح أسباب أخرى غير التي نعرفها جميعا وهي العمل المتواصل والسعي الى التجديد واحترام معاني هذه الرسالة؟! هكذا اذن استطاع الفنان لطفي بوشناق أن ينخرط من جديد في سلسلة من العروض الناجحة وهذا ليس بغريب عن فنان يغني بكل اللهجات ولكل الناس في كل زمان ومكان...