الحماية المدنية: تسجيل 6 وفيات خلال 24 ساعة الفارطة    تونس: كراء سيارة يصل الى 150 دينارا لليوم الواحد    عاجل : صدمة بعالم كرة القدم    الفيفا تصدر بيانا فيما يخص قضية يوسف البلايلي ..التفاصيل    بطولة رولان غاروس: أنس جابر تواجه اليوم المصنفة 77 عالميا في الدور الثاني    وزير الفلاحة في جلسة عمل مع الوفد الايطالي    بداية من 1 جوان: تنظيم الدورة السابعة للمهرجان الدولي لفن السيرك وفنون الشارع بتونس    سليانة: بلدية سليانة تضبط برنامج نظافة بكافة الأحياء وبمناطق التوسع    في الدورة الأولى للوسيط العقاري.. محاربة غسيل الأموال والتصدي للتوطين من الأولويات    يهم التونسيين : الأسعار الحالية للأضحية تتراوح من 700 إلى 1500 دينار    مفزع/ حجز 188 كغ من الزطلة منذ بداية السنة إلى غاية الأسبوع الحالي..    تفكيك شبكة مختصة في التنقيب على الأثار مالقصة ؟    رضا الشكندالي: البنك المركزي يهدف إلى الحدّ من التضخم عبر الترفيع في الفائدة المديرية    يوم مفتوح بعدد من الولايات للتحسيس بمضار التدخين    بطولة رولان غاروس : برنامج النقل التلفزي لمواجهة أنس جابر و الكولومبية كاميليا أوزوريو    عاجل/ إخلاء مستشفى القدس الميداني في رفح بسبب تهديدات الاحتلال..    وزارة التربية تكشف حقيقة عقد اتفاقية شراكة مع مؤسسة "سمارتيرا"..#خبر_عاجل    طقس الاربعاء: الحرارة تصل الى 39 درجة بهذه المناطق    المكلف بتسيير ولاية المهدية يُودّع الحجيج    الجزائر تتقدم بمشروع قرار لمجلس الأمن الدولي "لوقف العدوان في رفح"..    تقرير: زيادة ب 26 يومًا إضافيا من الحر خلال عام    وزير الصحة يوقع على مبادرة حول المشاركة المجتمعية في القطاع الصحي    بوتين محذرا الغرب: "يجب على دول الناتو أن تفهم بماذا تلعب"    اليوم: مجلس النواب يعقد جلسة عامة    القانون الجديد... بين إلغاء العقوبة السجنية أو الابقاء عليها ...الشيك بلا رصيد... نهاية الجدل؟    للاستجابة للمعايير الدولية...الصناعة التونسية في مواجهة تحدي «الكربون»    نمت بأكثر من 3 %... الفلاحة تتحدى الصعاب    تحطم طائرة عسكرية من نوع "إف 35" في ولاية نيومكسيكو الأمريكية (فيديو)    الاحتلال يترقب قرارا من غوتيريش يصنفها "قاتلة أطفال"    رونالدو يشد عشاقه بموقفه الرائع من عمال الملعب عقب نهاية مباراة النصر والاتحاد (فيديو)    280 مؤسسة توفر 100 ألف موطن شغل تونس الثانية إفريقيا في تصدير مكونات السيارات    بورصة تونس ..مؤشر «توننداكس» يبدأ الأسبوع على ارتفاع    جينيف: وزير الصحة يؤكد الحرص على التوصّل لإنشاء معاهدة دولية للتأهب للجوائح الصحية    افتتاح الدورة السادسة للمهرجان الدولي للموسيقيين والمبدعين من ذوي وذوات الإعاقة بعد أكثر من 4 سنوات من الغياب    ملعب غولف قرطاج بسكرة يحتضن نهاية هذا الاسبوع كاس تونس للغولف    تعظيم سلام يا ابن أرض الرباط ... وائل الدحدوح ضيفا على البلاد    قبل جولته الأدبية في تونس العاصمة وعدة جهات، الكاتب جلال برجس يصرح ل"وات" : "الفعل الثقافي ليس فقط في المركز"    وزير الصحة يشارك في مراسم الاعلان عن مجموعة أصدقاء اكاديمية منظمة الصحة العالمية    قابس: الاحتفاظ بشخص مفتش عنه وحجز كمية من الهواتف الجوالة المسروقة    'الستاغ' تطلق خدمة إلكترونية جديدة    الليلة أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 18 و28 درجة    جنيف : وزير الصحة يستعرض الخطط الصحية الوطنية في مجال علاج أمراض القلب    بداية من اليوم.. مدينة الثقافة تحتضن الدورة السادسة للمهرجان الدولي للموسيقيين والمبدعيين من ذوي الإعاقة    فتح باب الترشح للدورة 36 لمهرجان المحرس الدولي للفنون التشكيلية    27 ألف مشجّع للنادي الافريقي في دربي العاصمة    الشركة التونسية للبنك STB : تعيين نبيل الفريني مديرا عاما    المنتخب الوطني: موعد الإعلان عن القائمة وبرنامج التربص    عاجل/ اعتراف إيرلندا بدولة فلسطين يدخل حيّز التنفيذ    حادث مرور مروّع في القصرين    عاجل :عطلة بيومين في انتظار التونسيين    قفصة: القبض على 5 أشخاص من أجل ترويج المخدّرات    رئيس الجمهورية يستقبل الصحفي الفلسطيني وائل الدحدوح    في الملتقى الوطني للتوعية والتحسين البيئي... ياسين الرقيق يحرز الجائزة الأولى وطنيا    في إطار تظاهرة الايام الوطنية للمطالعة بعين دراهم ...«الروبوتيك» بين حسن التوظيف والمخاطر !    أولا وأخيرا «عظمة بلا فص»    أليست الاختراعات التكنولوجية كشفٌ من الله لآياته في أنفس العلماء؟    معهد الفلك المصري يكشف عن موعد أول أيام عيد الأضحى    مواقف مضيئة للصحابة ..في حبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جرة قلم : مطرقة... ام سندان؟
نشر في الشروق يوم 22 - 12 - 2010

عشرات الضباط أمام المحكمة في تركيا ..من كان يجرؤ حتى على مجرد التفكير في ذلك قبل عشر سنوات، ناهيك عن عقدين أو ثلاثة عقود من الزمان ذلك أن العسكرية في تركيا ليست كمثلها في الدول.. فالأتراك يحبون الجندية ويحترمون رجالها ويحتفلون بضابط متخرج أكثر مما يحتفلون بحامل دكتوراه .كان ذلك على مر تاريخهم الطويل.. وترسخ هذا الشعور في القرن العشرين وتحديدا بعد الحرب العالمية الأولى وانهزام السلطنة العثمانية وقيام الضابط مصطفى كمال بلملمة فلول العسكر العثماني وتحرير الأناضول وتأسيس الجمهورية الحالية في عام 1923... كان الجيش هو المنقذ من الضياع والمستعيد لكرامة الأتراك فلقبوا مصطفى كمال «أتاتورك» أي أب الأتراك ومنحوه أعلى الرتب وسار العسكر خاضعين لقيادته.. وعندما رحل أتاتورك أصبح الجيش هو المؤتمن على ارثه وعلى الاتاتوركية التي قامت على العلمانية بما تعنيه من إلغاء كل ارتباط بالإسلام ولغته وعلى تغيير الانتماء من الشرق الإسلامي إلى الغرب الأوروبي. ونص الدستور التركي صراحة على دور المؤسسة العسكرية في الحفاظ على هذا الإرث حتى ترسخ في الأذهان أن العسكرية هي من صلب العلمانية وسادت هيمنة «الثكنة» وغدا القائد العام للجيش هو الرئيس غير المعلن للدولة، أوامره تعاليم مقدسة...وعلى مدى ثلاثة أرباع قرن هيمنت القوات المسلحة التركية على الحياة السياسية في تركيا حيث وصل تعداد القوات المسلحة يزيد على مليون ،محتلا المرتبة الثانية في الحلف الأطلسي الذي انضمت إليه أنقرة عام 1952..بدأت هذه الهيمنة باستقلال الجيش عن القيادة السياسية بعد وفاة مصطفى كمال الذي كان يحمل رتبة ماريشال حيث أصبحت القوات المسلحة تأتمر بأوامر قائد الجيش وليس رئيس الدولة (كان آنذاك عصمت اينونو).. وتطور الأمر تدريجيا إلى السيطرة الكاملة على مقاليد الأمور، إما عن طريق فرض القيادات والسياسات أو عن طريق الحكم العسكري المباشر،كما أصبحت للقوات المسلحة قوة اقتصادية ضاربة عن طريق مؤسستين تابعتين لها وهما (صندوق جرايات القوات المسلحة) و(مؤسسة دعم القوات المسلحة). فللصندوق أكثر من ثلاثين شركة تشغل حوالي ثلاثين ألف شخص في مختلف القطاعات من صناعة السيارات إلى الأشغال العامة والصناعات الغذائية والتامين والسياحة مع بنك باسم الصندوق..ولل«مؤسسة» ثلاثون شركة أيضا تشغل 20 ألف عامل مختصة في مختلف الصناعات العسكرية قارب رقم معاملاتها السنوي مليارين ونصف مليار دولار..
ونفذ الجيش التركي أول انقلاباته عام 1960 واعدم بعض الساسة (أشهرهم رئيس الوزراء عدنان مندريس ووزيراه للخارجية والمالية) وسن دستورا جديدا قنن فيه استقلاليته عن مؤسسات الدولة والقيادة السياسية. وبعد محاولة انقلابية فاشلة عام 63 حدث انقلاب ثالث ابيض تولى خلاله الجيش فرض حكومة جديدة ثم انقلاب رابع عام 80 بحجة منع تنامي التيارين اليساري والديني. ولم يمهل الجيش حزب «الرفاه» الإسلامي بزعامة (نجم الدين اربكان) أكثر من عام في الحكم إذ نشر الدبابات في الشوارع في صيف 1997 مما دفع اربكان إلى الاستقالة وجرى منعه من ممارسة السياسة.
كان ذلك آخر الانقلابات حيث تغيرت المعطيات الدولية بعد انهيار المعسكر الشرقي ونهاية الحرب الباردة وتنامي طموح تركيا لدخول الاتحاد الأوروبي وسعيها للاستجابة لشروطه .تغيرت الظروف والمعطيات الداخلية والدولية وغير الحزب الإسلامي «الرفاه» اسمه إلى حزب «الفضيلة» الذي تمكن الجيش من منعه أيضا فتحول الاسم إلى حزب «العدالة والتنمية» وهو الذي يحكم منذ عام 2002 (بزعامة رجب الطيب اردوغان وعبد الله غول) وقد مارس بهدوء قضم سلطات الجيش داخل المؤسسات ومن أهمها (مجلس الأمن القومي) إضافة إلى الإنهاء العملي للحصانة التي منحها الجيش لنفسه على مدى عقود.وها هي حكومة العدالة والتنمية تصل هذه المرة الى إقناع القضاء باعتقال حوالي مائتي ضابط بتهمة التآمر لإحداث فوضى تبرر تدخل الجيش والقيام بانقلاب منذ عام 2003 أي سنة بعد نجاح الحزب في الانتخابات العامة..196 ضابطا فيهم جنرالات وأميرالات، قادة جيوش ،بعضهم متقاعد وبعضهم مازال في الخدمة يجري التحقيق معهم، ومن قبلهم حوالي 300 بين عسكريين ومدنيين من أعضاء شبكة مهمتها زرع الفوضى أيضا عرفت بشبكة «ارغينيكون» وهو اسم واد في آسيا الوسطى يعتبره الأتراك المهد التقليدي لأجدادهم الأوائل. إنها أول مرة يتم فيها إخضاع عسكريين للقضاء المدني ولسلطة الدولة في تركيا.
قيل إن العسكريين المعتقلين أعطوا لخطتهم اسم «المطرقة»..ربما كان في ذهنهم أن الجيش التركي مازال هو المطرقة وليس فقط مطرقة القضاء المعروفة ولكن مطرقة فرض التوجه والسياسات والسياسيين ...فهل سيكون ما يجري الآن في اسطنبول نهاية «المطرقة» ذات النجوم والنياشين وتحولها إلى «سندان» يخضع لسلطة تحددها صناديق الاقتراع بمنجى من الدبابات؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.