على متن صوت العود الساحر ونغمات أوتاره سافر جمهور قاعة الفن الرابع أمس الأول الى زمن القصبجي وأحمد القلعي.. أمسية أمنتها مجموعة من العازفين الشبان جمعتهم علاقة عشق وشغف لا ينتهي للعود. هذه الأمسية جاءت في اطار مسابقة العزف المنفرد على العود ضمن فعاليات الدورة الأولى من أيام قرطاج الموسيقية. المسابقة انطلقت على الساعة الثالثة بعد الزوال بحضور لجنة التحكيم المتكونة من رئيس اللجنة نصير شمّة (العراق) والأعضاء مراد الصقلي (تونس) وحسين سبسي (سوريا) ورضا الشمك وشربل روحانا (لبنان). مراوحة العرض الأول كان من نصيب العازف التونسي سيف الدين مهني وهو أصغر المشاركين سنّا في مسابقات الأيام ومتحصل على عديد الجوائز في تونس وخارجها. سيف الدين قدم مجموعة من المعزوفات لأحمد القلعي وللقصبجي وقد استطاع أن يتحكم بجمهوره الذي بقي مشدودا إليه طوال العرض. مراوحة كانت متناسقة بين النغمات التونسية والشرقية أضافت مسحة جمالية على صوت العود الساحر . عازف العود سيف الدين مهني كان واثقا من نفسه وهو يعزف لجمهوره وأمام لجنة التحكيم المتكوّنة من أبرز الموسيقيين العرب. صغر سنه لم يكن عائقا أمام طموحه وحبّه للعود وعشقه لأوتاره فكان حالما مرتحلا بين النغمات وهو يراقص أوتار عوده المنسجمة مع رقصات جسده. إنسجام بالرغم من أن تقنيات الصوت خذلته حين اعتلى الركح، إلاّ أنه كان مبدعا حقيقيا وهو يعزف على عوده هو المتباري الثاني في مسابقة العزف المنفرد العازف الليبي هشام مصطفى محمد، ومع انطلاق عرضه حصل عطب في تقنيات الصوت أجل الوصلة لمدة نصف ساعة تقريبا. هذا العطب لم يحدث أي ارتباك لهذا العازف، بل زاد في ثقته في نفسه وقدم عرضا متكاملا واختار قطعة لنصير شمّة فتفاعلت معه الآذان واسترخت الأجساد وتنهدت النفوس وصفق له الجمهور طويلا وانسجم مع أدائه رئيس اللجنة الفنان نصير شمّة. ثم غادر المكان وترك صوت عوده الرّنان يدغدغ الآذان. متفرّد الوصلة الأخيرة أداها العازف السوري كنان إدناوي وهو عازف عود ومؤلف موسيقي حائز على المركز الأول في مسابقة العود الدولية في بيروت 2009. وهو مؤسس فرقة وجوه للموسيقى العربية وعازف مع فرقة الميادين مع الفنان مارسيل خليفة. ولئن اختار سيف الدين مهني وهشام مصطفى الايقاع الهادئ في عرضهما فإنّ كنان إدناوي فضّل الايقاع السريع فكان متمرّدا باحثا عن التفرّد في ذاك المكان المظلم الذي خيّم الصمت على جدران\ه منذ حين. العازف السوري كان مبدعا وهو يلامس أوتار العود بأنامله متفاعلا مع كل صوت يصدره عوده فكان كل جزء في جسده يراقص تلك النغمات. هكذا إذن كان هؤلاء المبدعون الشبان اتفقوا على الابداع في أمسية توحدت فيها المشاعر وتألقت الأحاسيس واجتمعت القلوب على حبّ صوت العود. هوامش من العرض نصير شمة تقني صوت حصل عطب في تقنيات الصوت عندما اعتلى العازف الليبي هشام مصطفى الركح فطلب منه رئيس اللجنة أخذ قسط من الراحة حتى يتم اصلاح العطب وقام نصير شمة من مكانه وتوجه الى تقني الصوت ليشرف بنفسه على اصلاح العطب. وغادر الجمهور الجمهور كان مستمتعا بعزف التونسي سيف الدين مهنّي لكن العطب الذي حصل في تقنيات الصوت جعله يغادر المكان وللأسف لم يستمتع البعض بعرض العازف الليبي هشام مصطفى الذي كان مبدعا حقيقيا على ركحه. ديكور قاتم قاعة الفن الرابع حيث دارت مسابقة العزف المنفرد لم تتهيّأ للمناسبة كما يجب بل بقيت على حالها واختارت اللون الأسود وهو ما أضفى مسحة قاتمة على المكان حتى أن الحزن كان مخيما لو لا تلك الموسيقى الحالمة المنبعثة من آلة العود. الجمهور في الموعد الجمهور كان مرابطا أمام قاعة الفن الرابع منذ الساعة الواحدة بعد الزوال وهو ما يؤكد الذوق الفني الرفيع للجمهور التونسي وحتى نقطع مع مقولة أن التونسي يحب فقط الفن الصاخب الذي يرقصه. جمهور متنوع الجمهور الذي حضر عرض العزف المنفرد متنوعا صغارا وكبارا نساء ورجالا...ومن جنسيات مختلفة من الجزائر وليبيا وسوريا ومصر.