بالتنسيق مع دار الثقافة الشيخ ادريس نظمت عشية يوم الجمعة الفارط ودادية قدماء معاهد بنزرت بمقرها لقاء فكريا مع الأديب والصحفي «صالح الدمس» حيث تم بالمناسبة الاحتفاء بأخر اصداراته المترجمة من الفرنسية الى العربية بعنوان: «من رمل ومن نور».. والذي يشكل المذكرات الخاصة بالرحلات والجولات التي قامت بها المثقفة الفرنسية الى تونس انطلاقا من عام 2002 السيدة «كاترين ستول سيمون». وفي افتتاحه لفعاليات اللقاء أشار الروائي والقاص: «صالح الدمس» الى المصاعب الحافة بعملية الترجمة مضيفا في ذات الصدد أن ترجمة هذه المذكرات كانت عبر العودة لمخطوطات أولية قامت بتحريرها هذه الفنانة التشكيلية والصحفية الفرنسية والتي كانت قد ألهمتها روعة الصحراء التونسية مصدرا للابداع وكتابة كانت أقرب الى الشاعرية.. ولدى تصفحنا للكتاب الذي توزع على 143 صفحة نلاحظ أن صاحبة الرحلات بررت منذ البداية ظروف اكتشاف الجنوب التونسي حيث تقول في هذا الصدد: «ونحن نمر عرض جزيرتي كورسيا وسردينيا.. حملني الخيال الى افريقية القديمة، تونس.. ثم فجأة سنة 2002 أخذتني رغبة وتملكني شوق نحو الصحراء.. لقد انبهرت بهذه الحياة السهلة التي تمر بين السير والتخييم بهذا الزمن التي يبدو أحيانا وكأنه معلق.. لقد تعددت زياراتي الى الصحراء ومازالت متواصلة. لقد اعتدت سنين على هذه المتعة.. متعة الانسلاخ.. أزور دوما دوز، دوز البرزخ والمحطة الأخيرة قبل اللامنتهى». وبخصوص طبيعة علاقتها بمناطق دوز وزعفران والفوار التونسية تشير بالصفحتين 6 و7 من المؤلف بأن العودة من فرنسا والاقامة بها تشكل عبارة عن ولادة جديدة بل أشبه ببدء حياة أخرى.. وحيث تقول في ذات الاطار: «لقد ألهمتني تلك الكثبان كتابة المجموعة الشعرية «مذاق النور»، وفيها الكثير من ايقاع حركة الرمال وحكمتها..». ثم تتحدث في ذات المذكرات عن صلاتها بباقي المدن والمواقع التونسية الجميلة الأخرى التي كانت قد اكتشفتها انطلاقا من هذه الرحلات التي امتدت الى موفى عام 2005. بنزرت.. محطة أخرى من الظواهر والعادات الطريفة التي توقفت عندها المثقفة الفرنسية كاترين ستول سيمون، نجد الحي الغربي والمهرجان السنوي بدوز اضافة الى المدينة العتيقة بتونس العاصمة وصخب الأسواق التقليدية.. علاوة على روعة المعمار بمدينة القيروان.. وفي وصفها لأبرز المشاهد والمواقع بجهة بنزرت تلاحظ هذه الفنانة التشكيلة الفرنسية أن «الميناء القديم لبنزرت يمتاز بجمال استثنائي خلف الحجارة العريضة للحصن الاسباني وينفتح في شكل ديلتا مستعارة من أجواء البندقية». هذا ولا تخفي صاحبة المخطوطات اعجابها بالمدينة القديمة لبنزرت إذ تضيف: «تلك المنازل المدقوقة فيها مقابيض في شكل يد رشيقة تنتظر من يلطمها لتعلن بارتطامها بالباب عن قدوم زائر ما.. كم زرت في الحلم مثل هذه الديار ولكن ها أنني أخيرا بين جدرانها تتجلى بكل جلالها مؤثرة الى حدّ البكاء.. هذا وقد ازدان الكتاب بعديد الصور التي ترصد عادات وتقاليد من الشمال الى الجنوب التونسي.. وقد عبرت صاحبة الكتاب في اتصال هاتفي بها على هامش هذا اللقاء عن انبهارها بروعة المعمار وطرافة التقاليد الأمر الذي حدا بها الى الاقامة لبعض الوقت بمنزل اختارت له من العناوين «دار السلام» وذلك في أقصى الجنوب التونسي.