في سياق دوربان لكن الامس غير اليوم، ودوربان 2 لم تكن مثل دوربان 1 فكيف بالاحرى سيكون اللقاء الثالث الذي تعقده الاممالمتحدة حول العنصرية؟ قبل ان ندخل في امتناع اسرائيل وبحدة من يتهم لا من يدافع عن نفسه، نبدأ من المكان ودلالته الكبرى. فاذا كان المؤتمر الاول حول العنصرية قد عقد في قلب القارة السوداء، على أرض اكثر من تعرضوا للعنصرية الأمريكية، وبذلك استقطبوا جميع ضحايا العنصريات في العالم، من اقصى العالم الى اقصاه، لتكون العنصريتان الأمريكية والاسرائيلية على رأس قائمة الاتهام، وليظهر جليا نوع من التعاطف من طرف جميع هؤلاء الضحايا، مع القضية الفلسطينية، فإن المؤتمر الثالث ينعقد في نيويورك، عاصمة العنصرية الأمريكية وعاصمة التضامن العالمي مع اسرائيل ومعقل اللوبي اليهودي الأمريكي. بعد احتلال العراق، كتب معلق فرنسي في مجلة لوبوان يقول: قبل العراق كانت 11 سبتمبر ولكن قبل 11 سبتمبر كانت دوربان. وأيا تكن المعاني الكثيرة والتحليلات والتقديرات التي ارادها برنار غيتا، فان مؤتمر دوربان الاول شكل جرس انذار مدو للعنصريتين الأمريكية والاسرائيلية، وكان عليهما ان تتحركا بسرعة لتفريغه من مضمونه كما تفعل الة تفريغ الهواء من جسم معين في علم الفيزياء. وبدل من أن يكون احتلال العراق وافغانستان دفعة قوية في سياق وصم أمريكا بالعنصرية، ومن ان تكون اعتداءات اسرائيل المتكررة بوحشية على لبنان وغزة سكينا تشطب صورة الدولة العبرية في العالم وتؤكد على عنصريتها، فاننا نجد دولة الاحتلال تتجرأ على الإصرار على الطبيعة اليهودية للدولة دون أن يصمها أحد بالعنصرية، وتتجرأ على اعلان مقاطعتها لمؤتمر نيويورك بحجة انه استمرار لخط دوربان «المشين»، وقد لا نستغرب بعد هذا الوصف بالمشين، ان تطالب اسرائيل المؤتمر بالاعتذار عما حصل في دوربان. كل ذلك بفضل الحرب على الارهاب، وبفضل بعبع الارهاب الذي تزرعه الدوائر الاعلامية والسياسية في رأس كل مواطن في الغرب، وترفعه فزاعة تهمة في وجه كل مناضل لأي سبب نبيل ولكل قضية وطنية. وتسم به كل حركات المقاومة، خاصة المقاومة العراقية، التي لم تعرف بعد كيف تبرهن عن وجهها الحقيقي القومي التعددي. في ظل كل هذه الاجواء ينعقد مؤتمر نيويورك، ولا ينتظر ان يصدر عنه أي شيء يدين اسرائيل، بل ربما ركز على ما بدأت الصحف الاسرائيلية تروج له، وهو مطالبة ثلاثين مثقفا اسرائيليا بوقف رواتب بعض الخامات الذين اطلقوا خلال الاشهر السابقة تصريحات عنصرية فاضحة. فهل سيكون ذلك تمهيد لاعتراف الاممالمتحدة بيهودية الدولة العبرية؟