يحتفل العالم غدا بالسنة الميلادية الجديدة 2011 ويستعدّ الناس لهذا الحدث وتتعدد مظاهر البهجة والسرور فتطلق الشماريخ بشتى ألوانها وأشكالها في سماء عواصم الدنيا معلنة قدوم سنة جديدة, ويرقص الكبير والصغير والرجل والمرأة على وقع الموسيقى الصاخبة ويشربون على نخب العام الجديد حتى الثمالة ويتبادلون الهدايا والتهاني والأماني عبر المكالمات التلفونية والرسائل القصيرة الإلكترونية. ونظرت من حولي فإذا بي أرى من المسلمين من هم ملكيون أكثر من الملك كما يقول المثل الفرنسي حيث تفوّقوا على غيرهم في الإعداد والإستعداد والاحتفال برأس السنة الميلادية وقلدوا الغرب في ذلك فيا ليتهم قلدوهم في تقدمهم العلمي والتكنولوجي, وأخذوا عنهم انضباطهم وحبهم وإخلاصهم في العمل وتفانيهم في العطاء والإنتاج, يا ليتهم اقتفوا آثارهم فيما يعود عليهم بالنفع والفائدة, يا ليتهم اتبعوهم في الابتكار والإبداع لأن الإسلام دين تفتح ينبذ التحجر والانغلاق يؤمن بتفتح الحضارات على بعضها ويسعى للحصول على نفع المسلم من أي جهة كانت, أمّا أن يقلدوهم في مجونهم وصخبهم وهرجهم ومرجهم وإقامة الليالي الحمراء في دهاليز النزل وفي داخل الفيلات والشقق فهذا الذي حرّمه الدين وتأباه مكارم الأخلاق, إنه ولع المغلوب بتقليد الغالب كما تقول نظرية ابن خلدون. إن بعض شبابنا انساقوا وراء التقليد الأعمى وانبهروا بكل ما يفد من الآخر وتعلّقوا بالقشور وتركوا الجوهر ورأوا أن المدنية والحضارة تتمثل في تعليق سلسلة ذهبية أو قصديرية على الصدر, وشدَّ سروال (الجنز) وإنزاله إلى ما تحت الخصر وعظم الحوض تشبها عن إدراك أو عن عدم إدراك بالشواذ من قوم لوط, وتزيين الرؤوس بتقليعات غريبة مضحكة ووخز الأجسام بوشومات عجيبة , وتشبه الذكر بالأنثى, وتشبه الأنثى بالذكر وغيرها من التصرفات الشاذة والسلوكيات الغريبة التي تدلّ على سطحية فكرية وذوبان شخصية. لقد حذرنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من بلوغ هذا الدرك من التبعية المقيتة فيما رواه البخاري عن أبي سعيد ألخدري عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال: (لتتبعنّ من قبلكم شبرا شبرا وذراعا ذراعا حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال فمن؟). إن أخطر ما يهدد بعض شبابنا عملية الاستلاب التي يتعرّض لها في فكره والتغريب في هويته العربية الإسلامية والتبعية المقيتة من خلال تأثيرات الإعلام المرئي والمسموع وحتى المكتوب وعبر شبكات الإنترنت وغيره من الوسائل الهدامة ,فليت هؤلاء أعفوا أنفسهم من هذه القشور وأراحوا عقولهم من هذه التفاهات واتجهوا إلى حياة الجد والعمل والمثابرة، و تنبهوا لهذا الخطر و تحصّنوا بما يدفع عنهم هذه الأخطار المحدقة التي تسعى إلى مسخهم وتمييعهم وأن يعتزوا بدينهم وعروبتهم ووطنيتهم وأن ينفتحوا على الآخر بقلب متفتح وعقل واع ويساهموا في بناء الحضارة الإنسانية بدون مركبات وعقد نقص.