سنة جديدة حلّت ومعها يتجدّد التفاؤل بأن تعرف بلادنا المزيد من مظاهر التطوير والتحديث والبناء والتشييد، إنّها سنة متميّزة بالتأكيد ، وربّما أكثر من سنوات مضت ، بحكم التحديات الموجودة والرهانات الاجتماعية والاقتصادية والسياسيّة. وحجم التفاؤل سيكون، بما في ذلك من شكّ ، بحجم العطاء والجهد الذي ستبذُلهُ كلّ الأطراف من إدارة ومكونات مجتمع مدني وسياسي وقوى اقتصادية وأطراف اجتماعية ومهنيّة في سبيل تخطّي العقبات وفتح الطريق أمام كلّ الفئات والجهات لكي تعرف المزيد من التحسّن الملموس في مستوى العيش والرفاه. وكانت كلمة رئيس الدولة بمناسبة السنة الإداريّة الجديدة مُفعمة بمعاني شحذ الهمم وتقوية العزائم ودعوة كلّ التونسيين والتونسيات للبذل والعطاء خدمة لوطنهم وللأجيال الحاضرة والمقبلة ، هذا إلى جانب ما تأكّد في الخطاب الرئاسي مؤخّرا من تفهّم لقضايا الناس ومشاغل المواطنين وعزم على إقرار التعديلات والخطط والبرامج والمشاريع الّتي ستمكّن من تغيير العديد من معطيات الواقع خاصّة بالنسبة للتنمية في الجهات الداخليّة ولأصحاب الشهائد المعطّلين عن العمل. ولئن غدا اليوم ملف البطالة وتشغيل أصحاب الشهائد العليا من أكثر الملفات إلحاحا على المجموعة الوطنيّة فإنّ ذلك لا يجب أن يحجب عن الأنظار النجاح الّذي حقّقتهُ بلادنا في مجال التعليم والعديد من الخدمات الاجتماعية الأخرى والتي تعدّ بكلّ المقاييس مفخرة لكلّ التونسيّين ، هذا إلى جانب مناخ الأمن والاستقرار الّذي تعرفهُ بلادنا والّذي جعل منها مثالا يُحتذى. ومن المهمّ في هذا المجال إبراز أهميّة أن تعي كلّ الأطراف مسؤوليتها في مجال مزيد تدعيم مناخ الأمن والاستقرار لأنّه الباب الأوّل من أجل تحقيق المزيد من المكاسب السياسيّة وترسيخ أسس المقاربة التونسيّة التعدّدية والديمقراطيّة وكذلك من أجل تحقيق المزيد من فرص الاستثمار والتنمية وتعزيز مجالات الرفاه المختلفة وتدعيم البنية الأساسيّة في كلّ ربوع الوطن. إنّ الفوضى وغياب الاستقرار تحت أيّ عنوان من العناوين، كما أنّ مظاهر التوتّر المختلفة واصطناع الأحداث وتهويلها أو توظيفها والركوب عليها، كلّها أشياء ليست في مصلحة البلاد والناس في شيء ولا يُمكنها بأيّ حال من الأحوال إلاّ أن تخفّض وتقلّص من حجم التفاؤل المرجو والمنتظر لتحقيق المستقبل الأفضل لنا جميعا ولأبنائنا وبناتنا. ومن المؤكّد أنّ كلمات الطمأنة والعزم والحزم والتفهّم ودلالات إبراز أهميّة الحوار والإشارة إلى المهام المنوطة بعهدة السادة الولاة والوزراء وغيرهم من المسؤولين في الانصات إلى المواطنين والعمل على قضاء مشاغلهم وشؤونهم على أفضل الوجوه ، وهي الكلمات والمعاني الّتي وردت في كلمتي رئيس الدولة الأخيرتين هي مفاتيح من الواجب استثمارها الاستثمار الناجع لتحقيق تطلعات كلّ الفئات والجهات وضمان كلّ الممهّدات بلادنا للارتقاء درجة أخرى في مصاف الدول الحديثة والمتقدّمة.