في غياب الاحصائيات الرسمية الدقيقة، يمكن القول إن 20 بالمائة من السيارات بصفاقس تستعمل الغاز الطبيعي « المسيل « عوضا عن البنزين .. هذا العدد الهائل من « سيارات الغاز» GPL جاء نتيجة ارتفاع سعر البنزين مقابل السعر المعقول للغاز الطبيعي الذي انتشر استعماله في صفاقس بشكل كبير حتى أن محطات الغاز باتت عديدة وفضاءات اصلاح الغاز انتشرت بكل المناطق الصناعية وغير الصناعية وكل سيارات التاكسي ودون استثناء تعتمد على الغاز الطبيعي المسيل .. تغيير صبغة السيارة من سيارة بنزين الى سيارة غاز، يستوجب استخلاصات عديدة تنطلق أولا بتغيير البطاقة الرمادية وتنتهي بتركيب آلة ضخ غاز طبيعي Chaudière مع خزان Citerne غاز يتم في العادة تنصيبه في الصندوق الخلفي للسيارة . ومع كل هذه المصاريف، على صاحب السيارة خلاص مبلغ مالي قدره 325 دينارا لدى القباضات المالية بعنوان خلاص الغاز الطبيعي GPL، مع خلاص 56 دينارا لاضافة لفظ غاز طبيعي GPL على البطاقة الرمادية . الى هنا الوضع عادي، لكن غير العادي في هذه الوضعية والذي يطرح في مثل هذه الفترة من كل عام، هو القانون الذي ينظم عملية تغيير صبغة السيارة والذي يفرض تغيير البطاقة الرمادية بعد الادلاء بشهادة في تجهيز السيارة بخزان غاز تستخرج من مزود معترف به . المزود المعترف به تسعيرته في العموم مرتفعة إن لم نقل مشطة جدا، اذ تقارب في العموم الألف دينار، مقابل نفس الخدمة من مزود عادي أوميكانيكي لا تتجاوز تسعيرته ال500 دينار على أقصى تقدير، وعلى هذا الأساس يتجه أصحاب السيارات في أغلبهم أن لم نقل كلهم الى الميكانيكي العادي لتجهيز سيارته بالغاز الطبيعي . التغيير عند الميكانيكي العادي لا يمنح صاحبه أحقيته في تغيير البطاقة الرمادية، لكنه في المقابل يمنحه حق خلاص معلوم القباضة المالية المقدر ب 325 دينارا وهو ما يسمح للسيارة بالتجوال دون مخالفة قانونية في صفاقس فقط، لكن خارج حدود الولاية يكون صاحب سيارة الغاز مرتكبا لمخالفة باعتبار أن البطاقة الرمادية لا تحمل لفظ غاز طبيعي . وهنا لسائل أن يتساءل، ما الجدوى من خلاص ال 325 د ما دامت الوضعية غير قانونية .؟، ثم لماذا هي قانونية في صفاقس فقط، هل لأن الغاز الطبيعي محبذ عند أهالي صفاقس أكثر من غيرهم من الولايات وأن الغاز الطبيعي دخل في عادات الصفاقسي ؟ المسكوت عنه في الموضوع، هو اجراء اجتهادي صادر عن السيد والي صفاقس في وقت سابق يوصي بعدم التشدد مع كل صاحب سيارة غاز خالصة المعاليم مع القباضة المالية، لكن هذا الاجتهاد المحمود ألا يمكن تقنينه لتعميم الفائدة في وقت ترتفع فيه أسعار البنزين ؟ الأرقام الحديثة تؤكد أن التقرير السنوي للبنك المركزي التونسي أظهر أن ايرادات تونس من الغاز الطبيعي ازدادت ب 8.2 في المائة في الفترة الأخيرة، ويؤكد ذات التقرير أن الغاز الطبيعي يُؤمن نحو 45 في المائة من حاجات البلد من المحروقات. وتشير بعض المصادر الاعلامية المنشورة على شبكة الأنترنات « أنه مع التهاب أسعار المحروقات في الأسواق العالمية، ازداد اعتماد التونسيين على الطاقة المحلية، وبلغ عدد البيوت الموصولة بشبكة توزيع الغاز ال600 ألف بعد استكمال ربط 75 بلدة بالشبكة الوطنية للغاز. وبات أصحاب سيارات الأجرة يُجهزون سياراتهم بخزانات الغاز المُسيل الى درجة أن جميع «التاكسيات» في مدينة صفاقس، مجهزة بخزانات الغاز». واذا كان الأمر كذلك وهو بالفعل كذلك، لماذا لا تعيد الجهات المعنية النظر في الموضوع للتشجيع على استهلاك الغاز الطبيعي «المسيل» للضغط على ايرادات البنزين المرتفع سعره عالميا اضافة الى دور الغاز الطبيعي في نقاوة المحيط وسلامته من التلوث ؟. الموضوع بات يحتاج الى مراجعة حتى لا نجعل من أصحاب سيارات الغاز الطبيعي في «منزلة بين المنزلتين « لا هي قانونية ولا هي غير قانونية، والمتحكم الوحيد في الشرعية والقانونية هو الاطار الجغرافي أي في صفاقس وخارج صفاقس ..