إذا كانت الإدارة المركزية هي المنبع. وفروعها في الجهات هي الغدران التي تحمل مياه المنبع إلى كل شبر في الوطن لري حقول التنمية وإطفاء ظمإ العطاشى. أليس من البديهي والطبيعي جدّا أن تركد مياه الغدران إذا شحت مياه المنبع أو كان النبع مسدودا؟ أليس من الغباوة أن نتساءل من أين جاءت الحشرات؟ ونحن أدرى الناس بموطن المياه الراكدة وبأن المياه العكرة مجلبة لهواة الصيد فيها، هذه حقيقة صارخة لا تتطلب فقها ولا علما وتنجيما. إذا كان النبع مسدودا فمن المسلمات بها أن يكون الماء مفقودا وفي غياب المياه تحضر الأوساخ والقاذورات والعفن ولا يسلم منها لا الطاهر ولا النجس. هنالك شبه اجماع شعبي عريض على أن أبواب الإدارة موصدة وحتىِ وإن وجدت بابا مفتوحا فهو يؤدي بك إلى باب مغلق وهنالك من يتحدث عن أبواب إدارية مشفرة ومن يتحدث عن أبواب إدارية تفتح وتغلق عن بعد. وثمة من يتحدث عن أبواب إدارية مغلقة بأقفال ومفاتيح صدئة ومهترئة وإذا كانت في مجمل هذه الأقوال صحة فلماذا نستغرب ممن يدخلون الإدارات من نوافذها عبر سلالم ثابتة ومتحركة؟ وممن يدخلونها بمجرد التحكم في فتح أبوابها عن بعد؟ وهنا أصل إلى من لا سلّم لهم ولا هم مالكون لآلات التحكم في فتح الأبواب عن بعد ولا لرموز التشفير من عامة الناس أولئك الذين كلما توقفوا أمام باب إداري مغلق إلا وهزهم الظن إلى أن القفل مهترئ والمفتاح صدئ ولا بدّ لفتح الباب من تشحيم فشحموا وبقيت أياديهم وسخة بزيوت الشحم في انتظار تسريح مياه النبع المسدود لتنظيفها وحتى لا نبقى حائرين بين أيهما أسهل انسياب الماء من العلياء أم «تطليع الماء للصعدة».