أمريكا ليس لها أصدقاء وإنما حلفاء. والحليف يبقى حليفا طالما يؤدي خدمات مرسومة في الاستراتيجيا الامريكية. لذلك فإن الحليف يلعب دورا وما إن ينتهي دوره حتى يقال له «فايم أوفر» سواء كان شخص بيده السلطة أو نظاما... أمريكا كانت صديقة الشاه الحميمة ولما انتهى دوره لم يجد قبرا يؤويه... أمريكا صادقت صدام عند صعود الثورة الايرانية ومدته بالسلاح وبطبيب ريغن الخاص ليدلّك ظهر صدام الموجوع... اسألوا رامسفيلد... والبقية تعرفونها. أمريكا كانت صديقة بن لادن وجماعته أيام كانت تحارب الاتحاد السوفياتي بتوكيل المهمة الى «الأحرار الشجعان»... الذين صاروا اليوم «إرهابيين»... أمريكا كانت صديقة السادات الذي اعترف بأنها تمتلك 99 من أوراق الصراع العربي الاسرائيلي. وكانت زيارته الى كامب دافيد «حجة الوداع» كما كان اغتياله عنوانا لانتهاء دوره... أمريكا كانت صديقة حميمة للسعودية وتعتبرها حليفا في مواجهة الشيوعية واليسار الثوري بمختلف مسمّياته ولكن منذ أزمة «حظر النفط» بدأ المخططون يعملون سرّا على ضمان عدم تكرار تلك «المعجزة»... ولكنهم لم يجاهروا بنواياهم لان الدور لم ينته بعد فهناك العراق وسوريا... وعلى مهل نفذ الامريكان خطة تعزيز العلاقات بين تركيا واسرائيل ووضعوا حبل المشنقة حول العراق ولما أطاحوا به... أصبح دور السعودية ثانويا لأن كل الاوراق تجمعت لديهم في كفّ واحد: النفط والقواعد العسكرية وسقوط قوة عسكرية مؤثرة في محيطها من الخليج الى... اسرائيل... وها هم اليوم لا يفوّتون يوما واحدا دون الحديث عن السعودية باتهامات معلنة وتلميحات مبطنة عن «نوايا» تقسيم الجزيرة العربية الى دويلات... أمريكا ليس لها أصدقاء... إنهم مجرد «حلفاء» وقتيين تصعد أسهمهم أو تنخفض حسب سخونة الدور المنوط بهم لتحقيق مصالحها... إن هذا الوضع ليس حكرا على العرب والمسلمين وحدهم إذ أنه ينطبق على آسيا أيضا حيث «تايوان» والصين وحيث الكوريتان الشمالية والجنوبية... كما ينطبق على أوروبا الحليف الاقرب دينا وحضارة... فلما تعب حصان بلير الوفي ودب الشك في عقر داره صعد أزنار بديلا له دون أن يقلّ عنه حماسة وولاء... وأزنار أيضا انتهى دوره في حزبه أو في السلطة(كما قال هو)وقد تكون هدية الامريكان لخدماته الامانة العامة للأمم المتحدة خلفا لكوفي عنان... ولقائل أن يقول من حق أمريكا أن تلعب وتجيد اللعبة وهذا صحيح في فنّ السياسة وعلى طاولة لعبة الأمم... ولكني أسوق هذا الكلام لمن يريد أن يسمعني حتى لا يقيس الاشياء بالقيم والافكار الكبرى... إنها المصالح يا عم صالح...