مع ما تعيشه بلادنا اليوم من ظروف طارئة ودقيقة، فان الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري كأحد أبرز مكونات المجتمع المدني وكمنظمة مهنية عريقة لا يمكنه ان يكون في معزل عن واجهة الأحداث الحالية وما افرزته من تحولات جديدة. وان المرحلة الانتقالية التي تطبع المشهد العام للبلاد والتي تتكرس فيها ارادة الشعب التونسي بكل فئاته وأطيافه من أجل الحرية والكرامة والعدالة تفرض على سائر القوى الحية وكافة التنظيمات مهما كان لونها ان تكون خالصة الوفاء لقيم ومبادئ هذه الارادة التي فتحت امامنا جميعا أفقا رحبا لننعم بحرية التعبير والمشاركة الحقيقية في الشأن الوطني بكل مجالاته وميادينه وهو أفق فتحه شعب تونس الأبي، وقدم عشرات الشهداء فداء من أجله ومن أجل مستقبل أفضل لتونس وللأجيال القادمة. وإذا ما قدمت انتفاضة الشعب التونسي للعالم بأسره نموذجا استثنائيا في الإصرار على الظفر بالحرية والكرامة والعدالة فانها فتحت أمام كل القوى والتنظيمات الحزبية والنقابية والمهنية وغيرها طريقا جديدا حتى تكرس استقلاليتها وتذهب بعيدا في الإلتزام بأهداف نشأتها الأولى كتنظيمات جماهيرية حرة ومستقلة. اليوم ، وفي ظل هذا السياق المستجد الذي ناضل شرفاء الوطن من أجله تؤكد المنظمة الفلاحية انصهارها التلقائي في هذا المسار الذي صاغه شعب تونسي بإرادة صادقة انطلقت من ربوع الجهات الداخلية حيث تمثل الفلاحة مورد الرزق الرئيسي والنشاط الاقتصادي الاهم وهو ما يستبطن اشارات واضحة الى التنوع الوظيفي للقطاع الفلاحي ودوره الاستراتيجي في تأمين الدخل والنماء داخل هذه الجهات والحفاظ على استقرار وضمان مقومات العيش الكريم. إن المنظمة الفلاحية بقدر تحملها لمسؤولياتها في النواقص التي رافقت أداءها في الفترات المنقضية فإنها ستتخلى بالجرأة الكافية لمراجعة شأنها وترتيب وضعها الداخلي وستعقد اجتماعا للمجلس المركزي للاتحاد لتعميق النظر في الاوضاع الحالية ووضع استراتيجية تتمشى مع خصوصيات المرحلة وتضمن فتح أبواب المشاركة في العمل النقابي الفلاحي أمام جميع الفلاحين والبحارة مهما كانت انتماءاتهم أو مواقفهم. ان الوضع الحالي الذي تعيشه البلاد يفرض على الجميع كل من موقعه أن يعمل بجد ووطنية خالصة من أجل تونس وشعبها الفذ الذي صنع انجازا تاريخيا هز العالم بأسره وهو انجاز ينبغي على سائر القوى والتنظيمات مهما اختلفت رؤاها وطبيعة ادوارها ان تعمل على صيانته والاستلهام من عمق معانيه بعيدا عن المزايدات والمحسوبية السياسية لأنه يظل ملكا لشعب تونس ولأجيال المستقبل. ويعتبر الاتحاد أن الهاجس الاقوى الذي يشغل بال الجميع في مثل هذا الظرف هو إعادة الأمن والاستقرار وبث الطمأنينة في النفوس حتى ينصرف الكل نحو معاودة البناء والاعمار في ظل مناخ سياسي ديمقراطي وتعددي يعتبر من أخطاء الماضي ويكرس رفعة الانسان وعلوية الوطن. ولقد بادر الاتحاد الى دعوة كافة منظوريه من الفلاحين والبحارة على امتداد ربوع الوطن من أجل السهر على تزويد الاسواق بمختلف المواد والمنتجات الفلاحية وهو يحيي بالمناسبة جهودهم ويكبر روحهم النضالية العالية وشجاعتهم من أجل تلبية نداء الواجب والسهر على ضخ المنتجات والمواد الحساسة لسد فجوة النقص الحاصل في التزويد، وهو يدعوهم الى استحثاث نسق هذه الجهود ومواصلتها بنفس الروح والعزيمة الصادقة، ويهيب الاتحاد بقوى الأمن والجيش الوطني ان تعمل بمزيد من التنسيق مع الفلاحين والبحارة من أجل حماية مكاسبهم وممتلكاتهم التي طالتها اعمال النهب والسرقة ذلك ان حماية هذه الممتلكات هي حماية لجهاز الانتاج الفلاحي الذي يعد العامل الأقوى في ضمان استمراريته لتزويد وتأمين احتياجات المواطن. ويؤكد الاتحاد على ان المنظمة الفلاحية هي ملك لكل الفلاحين والبحارة وهو يدعوهم الى الالتفاف حولها وصون مكتسباتها التي حققتها على امتداد مسيرة نحو ستين عاما تخللتها عطاءات كثيرة وانتكاسات كثيرة أيضا، ومع ذلك فهي ستعمل جاهدة على الالتزام بأدوارها الاستراتيجية في مثل هذا الوضع الدقيق وستكون لسان دفاعهم الصادق الآن وغدا وساعدهم القوي لصيانة مكتسباتهم وتأطيرهم التأطير الصحيح من أجل توطيد دعائم الأمن الغذائي الذي هو جزء لا يتجزأ من مقومات الامن والسيادة الوطنية. عاشت تونس حرة ابية