ما الذي يحاك ضدنا؟ هذا السؤال الذي يشغل الشارع التونسي ويؤرقه... لا أحد قدم لنا تطمينات أو وضّح لنا حقيقة ما يجري... «الحكماء» تحدثوا في كل شيء إلا عن الحكومة ومسار البلاد مستقبلا... لم يقدموا تطمينات للشارع... لا أحد تساءل لماذا يؤجل الإعلان عن قرارات الحكومة...؟ كل شيء ضبابي ما عدا حديث بصيغة الماضي يخضع لثقافة «ع اللي جرى»... وحكايات إلى الفلكلور أقرب تشخّص فيها المواضيع وتعوّم بأسلوب مقصود... وحتى الاعلام الذي قيل إنه تحرر مازالت نفس الرموز التي كانت تطبل للطاغية تديره بذات الروح الاقصائية... كل القنوات يسيرها «مايسترو» خفي... قوائم أعدت للمنشطين الذين أصبحوا بقدرة قادر محللين سياسيين للحديث معهم وقوائم أخرى لأشخاص غير مرغوب فيها... انها عقلية بن علي التي مازالت تدير البلاد بتصوراتها الاقصائية ورموزها أيضا... الاعلام مازال مكبّلا يحكمه بن علي من وراء الستار. مازلنا نترقب الوضوح ومازال الشارع يسأل لماذا يريدون اختزال الأمر في الأموال المهرّبة من الطاغية والعائلة المالكة؟ لماذا لا يريدون وضع المسألة في اطارها القانوني فبن علي ارتكب جرائم ضد الانسانية وليس له حصانة لأن القانون الدولي أقوى وأعلى من القوانين التي سنها لحمايته. ما الذي يحدث؟ لماذا لم يعلنوا إلى اليوم عن المجرمين وهوياتهم وخططهم ومن يقف وراءهم؟ الشعب ينتظر... ولماذا يعطلون عودة المهجرين بعدم توفير التأشيرات؟ من الذي يحكم السفارات التونسية من الخارج الحكومة التونسية التي أعلنت العفو التشريعي العام أم سياسة بن علي الاستئصالية التي ترفض عودة المهجرين؟. ما الذي تغيّر؟ «الأسامي هي هي» والعقلية لم تتغير والممارسات هي ذاتها اليوم التي تهيمن على البلاد من يحكم البلاد؟ وهل رحل بن علي فعلا؟. قناة العربية صورت مجلس الحكومة وفي آخر القاعة كانت صورة بن علي ماثلة وبعدما علقت العربية على الصورة الحاضرة رغم غياب الجلاد اختفى التعليق في النشرة القادمة وكأن شيئا لم يكن وأكيد أن إدارة «العربية» قد تلقت توبيخا من الممولين السعوديين والكويتيين لهذه «الوقاحة» وكشف المستور...! بالأمس تحدث الوزير الأول مع الطاغية متجاوزا مشاعر ملايين التونسيين باتصاله بالرئيس المخلوع ثم يرسل إشارة أخرى بعدم خلع صورة الرئيس السابق على الأقل من مقر المجلس احتراما للشهداء وبدل الاعلان عن الحداد كم كنا نود لو لم يكن الطاغية حاضرا وشاهدا على هذه المهزلة التي تستهين بدم الشهداء معلنة بشكل وآخر ومقدمة تطمينات للخلايا النائمة : «لا شيء تغيّر بن علي مازال يحكم تونس»!