التمديد المنتظر للرئيس اللبناني اميل لحود لمدة ثلاث سنوات اخرى في الحكم يعني بالكاشف ان الولاياتالمتحدة خسرت معركة سياسية هامة وخسرت رهانا على لبنان جديد أكثر قربا منها وأكثر بعدا عن سوريا... ولعل هذه الخسارة تمهد لمعارك أخرى خاسرة اذا استمرت الادارة الحالية في التعاطي مع قضايا العالم العربي بنفس الاسلوب أي فرض الاملاءات على الدول العربية وتغليب المصلحة الامريكية وقبلها مصلحة الكيان الاسرائيلي دون الاخذ في الاعتبار مصالح العرب... ففي ميزان المصالح الامريكي لا مكان لشيء اسمه مصلحة او حق عربي لان اسرائيل ببساطة هي المبتدأ والمنتهى... وعلى هذا الأساس وبهذا المنطق تتعامل الولاياتالمتحدة اليوم مع العالم العربي... تريد منه ان يتقمص الديمقراطية التي تبشر بها في العراق وأفغانستان والعالم كله يدرك اي ديمقراطية تمارس في هذين البلدين المحتلين. الولاياتالمتحدة تريد ان تكيف العالم العربي حسب اهوائها ومصالحها ومصالح ربيبتها المدللة اسرائيل فهي تحتل هذا البلد وتحاصر آخر... تضغط على هذا وتساوم ذاك وتريد ان يقنع البقية بما كان وبما هو كائن وهذا ما ينبغي ان لا يقبل به العرب بل ينبغي ان يقاوموه (سياسيا) اذا كانوا حريصين بالفعل على مصالحهم القومية وراغبين في ترميم البيت المتصدع. وبالطبع هذا لا يعني الدخول في صراع مع الولاياتالمتحدة وانما قلب المعادلة الحالية بما يؤدي الى ان يمسك العرب بزمام مصالحهم وقضاياهم لا ان تكون هذه المصالح والقضايا تحت رحمة سياسات أمريكية ثبت بوضوح انها ألحقت ولا تزال ضررا فادحا بالعالم العربي وبقضاياه المصيرية وفي مقدمتها قضية فلسطين التي كما قال محمد حسنين هيكل باتت في آخر مراحل تصفيتها ارضا وشعبا بمساهمة امريكية واضحة... ولا بد من التأكيد في هذا الباب ان الولاياتالمتحدة التي عملت ولا تزال تعمل بكل طاقتها على امداد الكيان الصهيوني الغاصب بمختلف اسباب القوة من مال وسلاح وتقنية متطورة تعمق في المقابل جراح العالم العربي وتلحق به مزيدا من الجور والعسف دون ان تظهر في الافق مؤشرات على ان واشنطن يمكن ان تعدّل سياساتها تجاه القضايا العربية وان تمحو بعض ما تسبب به من ظلم. ومع أنّ الكل في العالم العربي وفي غيره يدرك حجم الكارثة التي افضت اليها السياسات الامريكية تجاه العرب بالأساس، فان ساسة امريكا لا يزالون «يبشرون» ب»فيضان» من الديمقراطية والرخاء حتى إن اقتضت «الضرورة» تدمير بلد كبير كالعراق وقتل عشرات الآلاف من ابناء شعبه... ولعل خسارة الولاياتالمتحدة لمعاركها في العالم العربي وخسارتها معارك أخرى كمعركة العراق قد تعيد اليها رشدها.