مشروع قانون المالية 2026: وزيرة المالية تطلب رفع الجلسة بعد إسقاط عديد الفصول المقترحة من الحكومة    وزارة الصناعة تفتح باب الترشح للجائزة التونسية كايزان دورة 2026    الجولة 17 لبطولة النخبة لكرة اليد: الإفريقي ينتصر في جمّال.. والتعادل يحسم قمة بني خيار والساقية    منصة نجدة تُنقض مريضا في قرقنة: في لحظات...تم نقله بواسطة طائرة    ورشة عربية من 8 الى 10 ديسمبر 2025 بتونس حول "معاهدة مرّاكش لتيسير النّفاذ الى المصنّفات المنشورة لفائدة الأشخاص المكفوفين.."    مونديال السيدات: تونس تحقق فوزا تاريخيا على النمسا    كأس العرب فيفا قطر 2025: الجزائر تكتسح البحرين بخماسية وتقترب من ربع النهائي    قبول الديوان لزيت الزيتون من الفلاحين مباشرة ساهم في تعديل الأسعار وانعكس على تواصل عمليات الجني والتحويل في ظروف ميسرة ( ر م ع ديوان الزيت)    الغرفة الوطنية للطاقة الفولطوضوئية بمنظمة الاعراف تدعو المجلس الوطني للجهات والاقاليم إلى تبني مقترح الحكومة في التخفيض في الأداءات الديوانية على القطاع    سامي الطرابلسي: "المباراة أمام قطر تعد الفرصة الأخيرة لنا"    بطولة العالم للتايكواندو لأقل من 21 سنة: وفاء المسغوني تتوج بالميدالية الذهبية    المهدية: وفاة تلميذين وإصابة اثنين آخرين في حادث مرور ببومرداس    كارثة بالمهدية: انفجار قارورة غاز يشعل تاكسي وإصابة طفليْن!    مجلس الأقاليم والجهات يرفض فصلا لتخفيض معاليم على منتجات النظارات    كاس العرب (قطر 2025): الاردن تفوز على الكويت 3-1 وتتاهل الى ربع النهائي    الفلفل الحار يحرق الدهون ويزيد في صحتك! شوف كيفاش    المنستير: تنصيب المجلس الجهوي الجديد    يقضي بالتخلي عن خطايا الديون غير الجبائية.. نواب الغرفة الثانية يسقطون الفصل 78    عاجل: السفارة الأمريكية في تونس تعلن استئناف العمل الطبيعي    العثور على جثة فتاة في قنال بنزرت    وزير النقل: الموانئ الذكية أصبحت ضرورة في ظل التنافسية الإقليمية والتطور التكنولوجي    "المؤسسة والنّظام الاقتصادي الجديد" محور أشغال الدّورة 39 لأيام المؤسسة من 11 إلى 13 ديسمبر 2025    الجمعة القادم: سفارة ليبيا بتونس تنظم احتفالية بمناسبة افتتاح المتحف الوطني بطرابلس    الدورة الثالثة من ملتقى تونس للرواية العربية من 11 الى 13 ديسمبر 2025 بمدينة الثقافة    قابس: انطلاق توزيع المساعدات الاجتماعية لمجابهة موجة البرد    انقطاع الكهرباء بمناطق مختلفة من هذه الولاية غدا الأحد..#خبر_عاجل    الاعلان عن انضمام مدينة سوسة رسميا الى عضوية الشبكة العالمية لمدن التعلم التابعة لليونسكو    اليوم وغدا: توقّف كلّي لجولان الخط الحديدي تونس -حلق الوادي-المرسى    غدوة الدخول مجاناً لكل المتاحف والمواقع التاريخية في تونس!    فيلم "سماء بلا أرض" لأريج السحيري يفوز بجائزتين في بروكسال    العلا: آس أو آس تنظم يوما توعويا " عيش بأمان عيش فرحان"    عاجل/ غارات وقصف مدفعي مُكثّف على غزة..    عاجل/ اطلاق نار في فندق بهذه المنطقة..    مونديال 2026 – المنتخب التونسي يستهل مشاركته بملاقاة المتأهل من الملحق الاوروبي الثاني في هذا التاريخ..    سوسة: ندوة علمية حول الكتابة للأطفال واليافعين    مناظرة خارجية لانتداب 280 عريفاً بسلك الحماية المدنية..#خبر_عاجل    حادث مرور قاتل بهذه الجهة..#خبر_عاجل    آخر فرصة في كأس العرب 2025 : وقتاش ماتش النسور؟ و كيفاش ينجموا يتأهلوا للربع النهائي ؟    مصادر: الإعلان عن هيئة دولية لإدارة غزة في هذا الموعد    عاجل: مع اقتراب رأس العام، حجز أطنان من المواد الغذائية الفاسدة بعدة ولايات    مفزع/ ارتفاع حالات ومحاولات الانتحار في تونس..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    أستراليا تفرض عقوبات على أفغانستان بسبب حقوق المرأة    كندا ترفع سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب.. ودمشق ترحب    الداخلية.. تفكيك شبكة دولية لترويج المخدرات وحجز كميات كبيرة من الكوكايين و"الزطلة" والحبوب المخدرة    استراحة الويكاند    مع الشروق : حقّ المواطن في الدواء .. أولوية    عاجل/ حجز قرابة ألف قطعة مرطبات وأطنان من المنتجات الغذائية غير صالحة للاستهلاك    بعد منعه لأكثر من عام: فيلم "المُلحد" في قاعات السينما..    عاجل/ السفارة الأمريكية بتونس تعلن عن هذا القرار..    غدوة اخر نهار للأيام البيض.. اكمل صيامك واغتنم الثواب    وزارة الشؤون الدينية الجزائرية: الأضرحة والزوايا جزء من هويتنا    حلا شيحة: "القرآن هو السبيل الوحيد للنجاة"    المنسنتير: المؤتمر الدولي الثاني للتغذية الدقيقة في هذا الموعد    رحيل ساحر "مورتال كومبات"    تحسّن العجز الجاري إلى 1،6 بالمائة من الناتج الداخلي الخام في 2024    خليفة "أبو شباب": سترى حماس الوجوه الحقيقية التي كان يجب أن تراها منذ وقت طويل    خطبة الجمعة .. التاجر الصدوق تحت ظل العرش يوم القيامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورة الأمل
نشر في الشروق يوم 10 - 02 - 2011


بقلم: محمد الطاهر النباوي (مدير دار الثقافة)
عديدة هي الثورات التي قامت في العالم ضد الطغاة والمستبدين ومن تبعهم من الوصوليين والمتمعشين الذين تكبلهم أنانيتهم وتغريهم شهواتهم فتعمي بصيرتهم عن التفكير في غير مصالحهم الضيقة، ولكن هذه الثورات لم تكن أبدا كما كانت الثورة الشعبية التي قامت في تونس يوم الرابع عشر من جانفي فلا ثورة الاسبان ضد فرانكو، ولا ثورة الايرانيين ضد الشاه، ولا ثورة الرومانيين ضد تشاوسسكو ولا ثورة البولونيين ضد الشيوعية ولا غيرها من الثورات كانت شبيهة بثورة الشباب في تونس، فكل ثورة لها منظروها الا ثورة تونس فهي ثورة شعبية تلقائية بدأها شاب من سيدي بوزيد اسمه محمد البوعزيزي، احترق قلبه قهرا وظلما ولم يجد من يقتص له فأحرق نفسه أمام مقر الولاية، تعبيرا منه عن رفضه القاطع لكل أشكال الاحتقار والاهانة وتأكيدا منه أن الكرامة لا يمكن ان تباع أو تشترى مهما كان الثمن وأنه بدونها لا معنى لحياة الانسان، فالمرحوم محمد البوعزيزي لم يكن جائعا ولم يستسلم مثله مثل غيره من شباب تونس الى الجوع والفقر رغم البطالة، بل كان شابا مكافحا وصبورا لم يدخر جهدا لاعالة أسرته أقول هذا حتى لا تشوه صورة شباب تونس وحتى لا تكون الشرارة الأولى لانطلاق الثورة هي رغيف الخبز، فلقد شهدنا، في العديد من المناسبات، سنوات قاسية عجاف وضعتنا على شفا المجاعة ولكننا صبرنا عليها، فثورة شباب تونس هي ثورة الكرامة وثورة العزة وثورة الانفة، انها انفجار رهيب لتراكمات عشرات السنين من الصبر على كل أشكال الاستعباد والاذلال والاحتقار وإلجام الأفواه عن التعبير، لهذا، لما قتل البوعزيزي، فقد قتل ولم ينتحر، انتصر له الجميع الشباب والشيوخ والكهول وكذلك الأطفال، المشتغلون والعاطلون، المثقفون والأميون: النساء والرجال من كل الشرائح والفئات، المقهورون والممنوعون من حرية التعبير، ان البوعزيزي هو الفتيل الذي أشعل القنبلة، قنبلة الثورة الشعبية العارمة التي لم تبق ولم تذر من رموز الفساد وأذنابهم ثورة عمت كل الأماكن في الشمال والجنوب والغرب والشرق، لم تتقيد بمكان ولا بزمان، فساعة الصفر كانت البوعزيزي والبوعزيزي كان في كل مكان من جهات تونس، في المدن والقرى والأرياف، في البراري والبحار، في السهول والصحارى والجبال، في الهواء الذي نتنفسه... ولأن البوعزيزي في كل مكان فمن حقه علينا أن يكون في قلب كل تونسي يرنو الى الديمقراطية ويعشق الحرية ويتوق الى العدالة... ولأن البوعزيزي في كل زمان فمن الواجب علينا ان يكون بداية التاريخ لتونس اليوم، الحضن الدافئ لكل أبنائها والقلب المفعم بالحب والحنان، والنبع المتدفق صفاء ونقاوة ورحمة... ولكي تكون تونس الجديدة مثلما أرادها شهداء الثورة وجرحاها والمشاركون فيها، فلا بد أن تقطع مع كل الممارسات السلبية التي تسيئ الى الثورة، لا مجال اليوم لاحتضان الثورة والالتفاف حولها وسرقتها من أصحابها لأنها ملك للشعب وملك الشعب ملك عام لا يمكن أن تستفرد به فئة أو شريحة أو ايديولوجيا دون البقية، فالكل أمامه سواسية لا يمكن الأخذ الا بقدر العطاء ولا يكون الأخذ والعطاء الا في اطار القانون والعدالة ولا سبيل الى قانون لا يحتكم الى مؤسسات دستورية ولا الى مؤسسات دستورية لا تعتمد على الديمقراطية ولا يساهم في تأسيسها الجميع... ولا مجال اليوم الى ثورة الانتقام وتصفية الحسابات لأنه من غير المعقول أن نتخلص من ديكتاتورية لنؤسس لديكتاتورية مضادة ونضيع قدسية الثورة وصفاءها ونقاءها، بل المجال اليوم لتصحيح المسار باعادة الحقوق الى أصحابها الشرعيين ومحاسبة المذنبين محاسبة نزيهة تتوفر فيها كل الضمانات وتراعى فيها حرمة الانسان التي كانت مفقودة في السابق وافشاء مناخ العدل والحرية والكرامة والتأسيس لعهد جديد ليس كالعهود السابقة، عهد تترجم فيه النظريات والشعارات التي كانت في زمن الديكتاتور المخلوع حبرا على ورق الى واقع ملموس يجسم قدرة شعبنا البطل على تحقيق ما عجزت عنه الشعوب الأخرى التي لا تزال ترزح تحت الظلم والقهر والذل والهوان، ويخلد اسهاماته الرائدة في الحضارة الانسانية نحن اليوم نبني ولا نهد، نقطع مع السلبيات ونصلح ما فسد، نداوي وان لا مناص نقطع العضو المريض من الجسد، نتعاهد، بروح الرجل الواحد، من أجل عزة ومناعة ووحدة هذا البلد، وما أحلى ان نغني معا، كما قال الصغير أولاد أحمد: نحب البلاد كما لا يحب البلاد أحد...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.