كثرة المظالم سمة من سمات العهد السابق وبند من بنوده وضحايا هذه المظالم كثر، هذا ما يمكن قوله في هذا المقام ونحن نستعرض هذه المظلمة التي قضت على مستقبل شاب من شباب تونس ذنبه الوحيد انه كان طالبا متميزا وخلوقا واستطاع النجاح في الدراسة والتميز على أقرانه في مسقط رأسه إنه الشاب لطفي السويبقي الذي التقته الشروق وفسحت له المجال للتحدث عن المظلمة التي تعرض لها في العهد السابق وقضت على أحلامه وطموحاته العلمية والمعنوية. يقول لطفي السويبقي والحزن يغلف نبرات صوته والذكريات المؤلمة تمزق قلبه : كانت أحلامي كبيرة...درست الحقوق وكتبت الشعر ونبغت في الخط العربي... ولكني فشلت في الحظ... الأقارب والأباعد يعرفون مشكلتي إني طيب، لا أستطيع اللعب بالبيضة والحجر. المهم أني بعد أن بدأت حياتي المهنية أستاذا للتعليم الثانوي ونجحت في مناظرة القضاء قدمت استقالتي من سلك التعليم والتحقت بالمعهد الأعلى للقضاء متمثلا دور القضاء كما يفترض أن يكون ولكم تأثرت بمادة آداب القاضي... وفي نطاق التربص الميداني الذي قضيته بالمحكمة الابتدائية بالكاف، تعددت استفزازات متساكني بلدة الدهماني وهي موطني ومسقط رأسي وبه أهلي وذوي وذكريات صباي وفيه كتبت أولى قصائدي. تقارير أمنية كانت الضغائن ومشاعر الحسد ترشح حتى من كلامهم وسلامهم ويتنقل الكره من القول الى القلم حيث وافى أحد أعوان الأمن وهو «ولد بلادي» السيد الوكيل العام لدى استئناف الكاف بتقرير أمني يفيد بإنني أتجول بزي القضاء وكان هذا تزييفا وتهويلا لما كان قد راني عليه من مسكي لزي القضاء مطويا وأنا قاصد محطة النقل.... المكائد التي حيكت ضدي لم تقف عند هذا الأمر بل سعى عون آخر وهو أيضا «ولد بلادي» الى كتابة تقرير آخر قدمه الى السيد الوكيل العام مفاده أنني تطاولت عليه وأسأت بذلك للسلك. وحدث هذا الأمر عندما قصدت مركز الأمن قصد إبدال بطاقة التعريف (القومية) آنذاك والتي تهرأت... وعندما مثلت أمام السيد الوكيل العام لم يدخر جهدا في صب جام غضبه علي وإشباعي توبيخا وترهيبا ووعيدا ومن جملة ما قال لي في ذلك الوقت «أنت مكتوب بقلم رصاص وتوه نفسخك...» حسبت المسألة توقفت عند هذا الحد وأسفت لاستقامتي التي جلبت لي المتاعب... وأعلمت القاضي الفاضل والأستاذ الجليل السيد محمد الحبيب الشريف بالمسألة وهو المشرف على رسالة تخرجي وعنوانها«محل الزوجية» فكان يشجعني ويشدّ أزري وينصحني بالابتعاد عن كل ما من شأنه أن يتسبب في عرقلتي حتى بت معزولا عن خلق اللّه... الغريب أن الوكيل العام أحال تقريرا ثانيا بخصوصي الى وزير العدل آنذاك عبد الله القلال دون اعتماد التسلسل الإداري والاختصار على إعلام السيد المدير العام للمعهد الأعلى للقضاء... هنا في المنطقة الحمراء المحترمة...إذن استدعاني السيد المدير العام للمعهد الأعلى للقضاء وأطلعني حرفيا على ما كتبه الوزير« يحال الى السيد المدير العام للمعهد الأعلى للقضاء للنظر في شأنه ثم يرد إلينا». يستجوبني السيد المدير العام يسند لي توبيخا قائلا:« والله ما أقول شهيدا وليدي ملفك وصل للسيد الوزير» وهذا اقل إجراء نتخذه معاك استكثرت التوبيخ وأعلمت السيد محمد الحبيب الشريف الذي هدأ من روعي وشد أزري لا تعاطفا مع شخصي بل إيمانا منه باني مستهدف. رفت بغير وجه حق في آخر السنة القضائية لم يتم تسليمي شهادة التخرج ولم يتم ترسيمي تبعا لذلك بسلك القضاء. وبالرجوع الى المعطى القانوني انطلاقا من المعطى الواقعي الموضح آنفا، نقف عند التجاوزات التالية: 1 خرق قاعدة« لا يجوز معاقبة شخص من أجل فعل واحد مرتين وهو ما حصل لي إذ اسند لي توبيخ ولنفس الأسباب تم رفتي آخر السنة. 2 خرق قاعدة تناسب الخطإ مع العقاب إذ على فرض صحة الادعاءات المنسوبة إلي فلا تشكل خطأ جسيما يبرر رفتي. 3 خرق مبدإ استقلال القضاء حيث أنه في وضعيتي على غرار عديد الوضعيات كان تابعا لتقارير أمنية هابطة ومفخخة وزائفة وتصل هذه التبعية الى حدّ تنزيهها والالتزام باعتمادها سواء بعدم تمكين المستهدف من حق الردّ أو بتجاوز فحواه والاكتفاء به شكليا وهو ما حصل معي. واليوم بعد أن تنسمت أريج الثورة التونسية الشعبية وفي رحاب جريدة الشروق التي نقبت على عدد من الملفات الساخنة في التجاوزات والمظالم خلال العهد الظالم لا يسعني إلا أن استشهد بقوله تعالى : «وتلك الأيام نداولها بين الناس» وقوله عزّ من قائل « بل نضرب الحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق «فكيف لي أن استعيد حقي وأعوض عما طالني من ضرر معنوي أنا وبقية العائلة? وكيف لي أن أرمم شعوري بالمواطنة?.