من منكم قام بجولة بشارع بورقيبة بالعاصمة وصولا الى باب بحر، وشارع «شارل ديقول»، والشوارع والأنهج الموازية له، والمتقاطعة معه؟! ألم تزعجكم تلك الفوضى العارمة، وذلك الضجيج المرتفع جراء انخفاض أسعار المواد المختلفة والمتنوعة التي تباع على الأرصفة، في كل مكان؟! ألا يشعر الواحد منكم أنه أمام مشهد خراب وهو يقف ب«باب بحر»؟! ألا تشعر وكأنك في «مرشي» (سوق) باب الفلة للخضر و«الفريب» ولو أن هذه السوق منظمة ومرخص لها؟! إنها الفوضى بعينها، أوساخ في كل مكان، وبقايا بضاعة الباعة المتجولين، والمنتصبين فوضويا، جعلت من «باب بحر» و«الأقواس» قمامة أو مزبلة العاصمة، والحال أنهما جماليا يمثلان مدخل المدينة العتيقة مدخل يمر منه أو عبره السياح الوافدين على العاصمة التونسية. أهكذا تكون الديموقراطية؟ أهكذا نجسد معاني الحرية؟! الحرية والديمقراطية ليستا انتصابا فوضويا... وفي ظل غياب الرقابة على مثل هذه التجاوزات التي أبكت مواطنة التقيناها عند مرورنا بباب بحر، قليلا من الوعي يا أبناء هذا الوطن من أجل الحفاظ عليه... لا تشويهه. تقول المواطنة التي التقيناها، بغصتها، (على حد تعبيرها): «أبكي دما على الحالة التي وصلت اليها العاصمة... هذه هي الديمقراطية... والحرية... أهذه تونس الجميلة التي نعرفها...» عبارات أردفتها هذه المواطنة بالدعاء الى الله تعالى، نورد منه «اللهم لا نسألك رد القضاء لكن نسألك اللطف فيه»، ألم تشعروا وأنتم تتجولون بين الأوساخ و«النصب» العشوائية لأشياء ومواد مختلفة بالاشمئزاز؟! يا لها من حرية... يا لها من ديمقراطية فوضوية... هل الحرية أن نفعل ما نريد؟!... أهكذا هي الحرية؟! انها مسألة عقلية ينخرها الخور كما ينخر الفقر بعض من أقدم على مثل هذا السلوك... لكن الفقر لا يشرع الانتصاب الفوضوي بإسم الحرية والديمقراطية...