غياب مقيت لأصوات الثائرين من البطّالين والمعوزين والمساكين يخيّم على الساحة في هذه الأيام الغريبة العصيبة. إذن ما هذا الذي يملأ آذاننا ويكسّر رؤوسنا ويدنس اطمئناننا ويرهب خواطرنا ويرعبنا على نخب الفوضى وانعدام الحياء وتقوى الله في هذا الوطن. ما هذا الذي بات يحاصرنا ويملأ كالهواء كل فراغ؟ ما هذه الضوضاء الفاحشة... صياح ديكة في أوج «السردكة» وهدير جمال، وثغاء أكباش و«لبلبة» أتياس وخوار عجول وصهيل بغال ونباح كلاب وحفيف أفاع وعواء ذئاب. الكل ينش، الكل ينطح الكل يصك الكل يلدغ الكل يعوي والكل ينبح هل هي لعبة الوطن مع القردة والعياذ بالله من رؤية نهايتها؟ أم أن الكل يغني على ليلاه الطرابلسي؟ أم أن أغلب الناس طرابلسية الطبع ونحن لا ندري؟ وإلاّ بماذا نفسر هذا النهم على النهب والسلب والحرق والأنانية المفرطة في غزوات القبائل النخبوية لكراسي السلطة والتسلّط القبلي حتى أنّنا بتنا نرى من كانوا «خمّاسة» في هنشير السياسة أصبحوا ساسة ومن تحلوا بقناعات وطباع النعامة باتوا أرباب الزعامة ومن كانوا عراة مكشوفين لبسوا اليوم جبة الأولياء الصالحين؟ وهل تعود حليمة إلى عادتها القديمة وهي تغني «ليام كيف الريح في البريمة» و«نحن عائدون يا وطني»؟ أما أنها ستغني عن الساقطين من كراسي الحكم أغنية «نرجع لك لازم نرجع لك تطلع للقمرة نطلع لك»؟ فحتى البعض ممن حملهم الشعب صوته في المجلسين أجمعوا للسيد محمد الغنوشي أنهم لا يعلمون ولا يدرون ولا يعرفون وأنهم تكلموا وبلغوا وأن أصواتهم كانت مبتورة بمقصات الإعلام يا سلام يا سلام يا سلام. أما أنا وأنت فماذا عسانا أن نقول لمبروكة سوى «مبروكة تتبرّى قالت ما ندريش يا عذابي»!؟