سيدي بوسعيد: قد يتمّ منع المتساكنين من استعمال المسابح    يهم التونسيين : ما معنى التضخم ولماذا ترتفع أسعار السلع والخدمات؟    طقس الخميس: أمطار وانخفاض طفيف في الحرارة    اليوم: أمطار بهذه الجهات    الوردانين: القضاء يُبرّئ مدير معهد من التحرّش بتلميذة ال15 سنة    إذا علقت داخل المصعد مع انقطاع الكهرباء...كيف تتصرف؟    الانقطاع المدرسي وتداعياته بالمكتبة المغاربية بن عروس    محمد بوحوش يكتب...تحديث اللّغة العربيّة؟    مدْحُ المُصطفى    ستنتهي الحرب !!    راصد الزلازل الهولندي يغرّد من جديد.. عن "العرب"!    الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة التتويج-الجولة السابعة) :حسام بولعراس حكما للقاء الكلاسيكو بين الترجي والنجم    خوسيلو يسجل هدفين ليقود ريال مدريد لنهائي رابطة الابطال    الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة تفادي النزول) تعيينات حكام مقابلات الجولة العاشرة    كرة اليد: امين درمول في العربي القطري على سبيل الإعارة    بنزرت:معتمدية تينجة تتخذ عددا من الإجراءات العملية لتعزيز المخطط المحلي للسلامة المرورية    ماذا قال الفنان صلاح مصباح بعد إيقاف شقيقته سعدية ؟    عاجل : 45% من السواحل التونسية مُهددة بالانجراف البحري    بعد التقلبات الأخيرة: ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة بداية من هذا التاريخ    نبيل الهواشي يؤكد عودة المفاوضات مع وزارة التربية    عشرات الشهداء والجرحى والمفقودين جراء قصف متواصل على قطاع غزة    عاجل/ حشانة يفجرها ويكشف عن اتفاق أوروبي خطير يتعلّق بالمهاجرين غير النظاميين..    السعودية: عقوبة ضد كل من يضبط دون تصريح للحج    ! منديل ميسي للبيع ...ما قصته    رئيس كوريا الجنوبية يدعو لإنشاء وزارة لتشجيع زيادة المواليد    حارباه ثم استنجدا به.. ترامب يقلد بايدن ويلجأ لتيك توك    بدء تشغيل أكبر محطة في العالم لامتصاص التلوث من الهواء    سبيطلة.. الإطاحة بمروج مخدرات في الاوساط التربوية    يديمك عزي وسيدي ... أصالة ترد على شائعات طلاقها من فائق حسن    ساهمت في ارتفاع مخزون العملة الأجنبية الى 108 أيام توريد ..تواصل ارتفاع عائدات السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج    أبرزهم كاظم وماجدة وحكيم...هل يقدر مهرجان قرطاج على «كاشيات» النجوم العرب ؟    القصرين..مهرجان «الحصان البربري» يعود بعد 19 سنة    ابطال اوروبا.. ريال مدريد يطيح بالبيارن ويضرب موعدا مع دورتموند في النهائي    إرساء تصرّف ذكي في المياه    توقّع تراجع انتاج الحليب في الصيف    توقيع اتفاقيات مشروعي إنجاز محطتين لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية الفولطاضوئية    الأستاذ محمد العزيز بن عاشور يرصد تحولات الموروث الثقافي التونسي في كتاب جديد باللغة الفرنسية    طقس الليلة.. امطار بعدد من الجهات    الرابطة ترفض إثارة النادي الصفاقسي.. و لا ويكلو ضدّ النادي الإفريقي    عاجل - إغلاق محل لبيع منتجات لحوم الخيول في بن عروس    أول تعليق من عميد المحامين على "أزمة المهاجرين"    محيط قرقنة يقصي الترجي من كأس تونس    معهد باستور: تسجيل ما بين 4 آلاف و5 آلاف إصابة بمرض الليشمانيا سنوياّ في تونس    90 % من الالتهابات الفيروسية لدى الأطفال لاتحتاج إلى مضادات حيوية    عاجل/ صفاقس: القبض على 15 منظّما ووسيطا لعمليات 'حرقة'.. وانقاذ مهاجرين    عاجل : قضية ضد صحفية و نقيب الموسقيين ماهر الهمامي    هام/ تسميات جديدة في وزارة التجهيز..    وزيرة الإقتصاد في مهمة ترويجية " لمنتدى تونس للإستثمار"    الندوة الوطنية لتقييم نتائج التدقيق الطاقي الوطني للبلديات تبدأ أشغالها    انطلاق اختبارات 'البكالوريا البيضاء' بداية من اليوم الى غاية 15 ماي 2024    البطولة العربية لألعاب القوى: ريان الشارني يتوج بذهبية سباق 10 الاف متر مشي    عاجل/يصعب إيقافها: سلالة جديدة من كورونا تثير القلق..    بشرى سارة للتونسيين بداية من هذا التاريخ..    تراجع عدد أضاحي العيد ب13 بالمئة مقارنة بالسنة الماضية    "دور المسرح في مواجهة العنف" ضمن حوارات ثقافية يوم السبت 11 ماي    سحب لقاح "أسترازينيكا" من جميع أنحاء العالم    بعض مناضلي ودعاة الحرية مصالحهم المادية قبل المصلحة الوطنية …فتحي الجموسي    متى موعد عيد الأضحى ؟ وكم عدد أيام العطل في الدول الإسلامية؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاعتراف بفضل الثورة فضيلة
نشر في الشروق يوم 14 - 02 - 2011


بقلم : محمد الطاهر النباوي (مدير دار ثقافة)
نعيش اليوم في قمة الفرحة الغامرة بالثورة المجيدة وما حققته من إنجازات عظيمة غير مسبوقة في العالم.كيف لا وقد وقفت لها الشعوب المنظرة للديمقراطية والحرية إجالا وتعظيما واستقبلتها الشعوب المقهورة بالأحضان رافعة أكف الدعاء أن تكون الشمس التي تنير لها طريق الانعتاق.
لقد انتصبت قاماتنا وارتفعت هاماتنا، فخرا واعتزازا لأن مكان الميلاد كان في أرض قرطاج ولادة العظام وخلاقة المعجزات ومشرعة الدساتير المؤثرة في تاريخ الانسانية، واستفقنا على عهد جديد غير مألوف من حرية التعبير تفاعل معه الشعب بكل فئاته وشرائحه عبر مختلف وسائل الإعلام التونسية والأجنبية، في القنوات الفضائية والأنترنات والإذاعات والصحف والمجلات التي فتحت الباب على مصراعيه بعد سنين «الصنصرة» ووأد الأقلام التي لا تشترى ذمم أصحابها فاندفعت الجموع اندفاعا مذهلا للتعبير عن آرائها، انتقاما من اغتصاب الحرية وتكميم الأفواه وخنق الأصوات على مدى أكثر من نصف قرن من تاريخ تونس الحديث، ومهما تدفق هذا السيل الجارف من المتدخلين للمساهمة في الحوارات والنقاشات، فهو ليس غريبا ولا مثيرا للدهشة، بل إن كل التجاوزات المصاحبة لهذه الطفرة، سواء التي وقعت أو التي ستقع لها ما يبررها باعتبارها ردود أفعال طبيعية تريح النفس وتحررها من كل القيود الماضية...تصور أعمى لم ير النور ولم يميز بين الألوان ، أجرى له الطبيب عملية جراحية ناجحة على عينيه فأصبح يبصر بعد أن كان لعقود عدة في الظلام الدامس...أو مقعدا كسيحا وجد نفسه يمشي على رجيله... أو أخرس لا يفهم غير حديث الإشارات ينطلق لسانه فجأة ليعبر عما يعتمل في صدره...هل كان هذا الأعمى سيغمض له جفن أو هذا المقعد سيكف عن الركض أو ذاك الأخرس سيصوم عن الكلام?... أبدا، بل ستسكنه فرحة هستيرية وسيظل لأيام وليال ينام ويصحو على وقع سعادة تفوق حدود الوصف... إذن كلنا هذا الأعمى الذي تمكن من الإبصار وكلنا ذلك المقعد الذي استوى واقفا على قدميه وذلك الأخرس الذي انفجر لسانه، ومن يدعي غير ذلك فإنما يكذب على نفسه ويقمعها عن قول الحقيقة، إرضاء لكبريائه المهزوز الذي لا يقر بالهزيمة ولا يعترف بأنه كان سجين خوفه وجبنه وأن الثورة الشعبية هي التي حررته وأعادت اليه الاعتبار وأن الاقرار بذلك لا يعني الضعف والاستسلام ، فلا تثريب على أحد ما دام القمع مسلطا على الجميع وجحافل الجلادين تحاكي في تعدادها الجيش المدافع عن الراية الوطنية ورموزا لفساد من الوصوليين والمصلحيين والانتهازيين المنتشرة على كافة المستويات وفي كل الميادين والقطاعات تنظر وتشرع وتخيط اللباس على المقاس وتبدع في فنون التعبئة الجماهيرية وتتفنن في إظهار آيات الولاء والتأييد وتصور للسلطان أنه الواحد الأوحد الذي لم يسبقه في الحكم الرشيد أحد وأن الوطن يحتاجه مدى الحياة، ومادام السواد الأعظم من الشعب لا حول له ولا قوة تأخذ هموم الحياة ومشاغلها كل وقته فتصرفه عن التفكير وإعمال الرأي، ويرهبه سياط القمع والترهيب فيختار الصمت الذي ساهم والى حد كبير في تغلغل اللامباة داخل فكر الفرد بحيث لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم بل استبد به الفزع حتى خال جدران بيته لها عيون وآذان، وحتى بعض الأصوات المتمردة التي أعلنت حالة العصيان فقد كانت بمثابة عمليات الانتحار التي ضاع صدى أناتها في الزحام.
إن الثورة الشعبية المباغتة التي قامت كانت أشبه بحلم، استفقنا بعده فوجدنا أنفسنا أحرارا، فلماذا نركب القطار وهو يسير ونفتك مقود القيادة، من بين يدي السائق الذي انطلق به من المحطة الأولى وندعي أننا كنا مناضلين وأبطالا وأننا كنا نتكلم ونعبر ونعترض ونعارض ونتصدى ونندد ونستنكر? لماذا نلبس جبة ليست على مقاسنا ونتطهر من دنسنا في مياه غيرنا المدنسة? لماذا نعتلي المنابر خطباء نتبجح ونتشدق ونتصدر المجالس ننظر ونشرع? لماذا نظهر اليوم صقورا وقد كنا حمائم وديعة روضتها صفور الأمس أليس من الأفضل أن يتواضع كل متكبر وأن ينزل عن كبريائه وأن يعترف أن الحرية التي ينعم بها اليوم انما هي ثمرة آخرين خلف الستار هم أولى بالتمجيد والإكبار فما أحلى أن نقر بالحقيقة وأن نعترف لهم بالفضل وما الإعتراف بالعيب إلا فضيلة ووسام لا يحمله إلا رجل صالح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.