تشهد جزيرة جربة منذ سقوط النظام السابق حركة كثيفة غير مسبوقة من الهجرة السرية انطلاقا من الميناء البحري بمدينة جرجيس وصولا الى مدينة لمبادوزا الايطالية استغل المشرفون عليها حالة الفوضى والفراغ الأمني اللذين تمر بهما البلاد حاليا لتهجير المئات من الشباب يوميا على متن قوارب صيد وبواخر لنقل البضائع مقابل2000 دينار للشخص الواحد في رحلة شاقة مجهولة المصير قد تنتهي بكارثة انسانية كالتي حصلت يوم الجمعة 11 فيفري الجاري في المياه الإقليمية الايطالية وراح ضحيتها 30 شابا خلفت جدلا واسعا ونقاط استفهام عديدة وسط غموض ساد هذه القضية بدأت حقائقها تتجلى شيئا فشيئا مع عودة الناجين الى ديارهم. «الشروق»التقت بعدد من الناجين وهم: عزيز بوستة رياض برقدال وليد بوشلاق وفارس بن يحياتن الذين أفادوا بالتصريح التالي: انطلقنا على الساعة الواحدة صباحا من شاطئ «العقلة» بجرجيس على متن قارب (بلانسي45) وكان عددنا120 فردا أغلبنا من منطقتي جربة وجرجيس وبعد ما يقارب 13 ساعة من الابحار أي حوالي الساعة الثانية ظهرا اعترضت سبيلنا باخرة تونسية وطلب من «الرايس» عن طريق مضخم الصوت التخفيض في السرعة فاستجاب لها ثم اقتربت منا أكثر وطلبت منه إطفاء المحرك ففعل ثم أمرونا بالاصطفاف جنبا الى جنب وإحناء الرأس والنظر الى الأسفل فطبقنا ذلك بكل سرعة واستجبنا لكل مطالبهم ونحن نرتعش خوفا ثم شاهدنا الباخرة تتراجع قليلا الى الوراء ولكن كم كانت صدمتنا كبيرة حين رأيناها تتجه نحونا بسرعة عالية لترتطم بقاربنا وتقسمه نصفين لتغرقه بالكامل عشنا لحظات مرعبة كنا فيها أقرب الى الموت فتعالت الأصوات والصياح بين التكبير والشهادة عدد من رفاقنا فارق الحياة منذ اللحظات الأولى وعدد آخر قاوم حتى الموت حاولنا إنقاد بعضنا ولكن المهمة كانت صعبة جدا في بحر يتجاوز عمقه ال 500 مترا وأمواج عالية وتيار مائي قوي. لولا المروحية الايطالية لمتنا جميعا في الأثناء ظهرت في الأجواء طائرة مروحية إيطالية اقتربت منا وبقيت ثابتة تراقب ما يجري في تلك اللحظات بدأت البارجة في عمليات الانقاذ فتم إنزال قوارب النجدة ورمي العجلات الهوائية فتمكن 90 فردا منا من النجاة وتم انتشال 8 جثث لأصدقائنا وبقي 22 آخرون من المفقودين، مكثنا في ذلك المكان حتى حلول الظلام في محاولة يائسة للبحث عن المفقودين ثم انطلقت الباخرة نحو القاعدة البحرية بصفاقس حيث استغرقت الرحلة حوالي 7 ساعات. وهناك تم استجوابنا والتحقيق معنا واتهمونا بعدم الامتثال للأوامر وأننا كنا في حالة فرار مع تهم أخرى كالهجرة غير الشرعية واجتياز حدود البلاد خلسة دون تقديم إجابة واضحة في خصوص محاولة إغراقنا كما وقع إمضاؤنا على وثائق لم نجد الوقت لقراءتها. استياء شعبي على التعتيم التلفزي للواقعة واستاء أهالي الضحايا والناجون وكل من سمع بهذه الكارثة على تعاطي الإعلام الرسمي مع هذه القضية خاصة التلفزة الوطنية والخاصة التي لا تزال تمارس التعتيم وحجب الحقائق مما يثير عدة شكوك وتأويلات حول أحداث هذه الواقعة«الحرقة» لم تعد هجرة سرية بل أصبحت على مرأى ومسمع الجميع وبشكل منسق ومنظم قد يكون هو الحل الأنسب مؤقتا لحل أزمة البطالة ومشاكل الشباب برميهم في البحار أو إرسالهم الى السجون الايطالية كما أن تستر هذه الحكومة على كارثة الجمعة استفز الشعب الثائر الذي يطالب بفتح تحقيق فوري في القضية حتى تتبين الحقيقة الكاملة.