كشفت مصادر إعلامية مصرية مطلعة أمس النقاب عن تفاصيل سقوط النظام المصري وحيثيات تنحي محمد حسني مبارك مميطة اللثام عن ضلوع وزير الداخلية السابق اللواء حبيب العادلي ونجل مبارك الأكبر جمال في الشرخ الكبير القائم بين الشارع الملتهب وخطابات الرئيس الثلاثة وموردة جوانب من التلاسن الذي وقع بين الرئيس المخلوع ووزير داخليته السابق. وأوردت صحيفة «الأهرام» المصرية أمس أن كافة التقارير الأمنية التي وصلت لرئاسة الجمهورية عن المظاهرات كانت تقلل من قيمتها وقدرتها على إحداث هزة في النظام. شوية عيال ووصفت احدى التقارير المتظاهرين ب «مجرد شوية عيال يمكن احتواؤهم» وأن الموقف تحت السيطرة ولن توجد مشكلة. واستطردت «الأهرام» بالقول إن أحد الوزراء هاتف رئاسة الجمهورية خلال الايام الأولى للثورة وطالب مبارك بتعديل وزاري موسع يشمل 15 وزيرا على الأقل بيد أن الرئيس المخلوع ردّ عليه قائلا: «أترك الموضوع لحبيب العادلي، وكان العادلي قد توحشت سلطاته بدرجة مذهلة خاصة عقب نجاحه في اختلاق قصة وهمية بضبط 19 متطرفا انتحاريا مجهزين أنفسهم للقيام بعمليات جديدة. وأضافت أن «يد حبيب العادلي» أطلقت بالكامل للتعامل مع مظاهرات 25 جانفي سياسيا وإعلاميا فقد أرسل خطابا الى اتحاد الاذاعة والتلفزيون فيه تعليمات صارمة وأوامر مباشرة بالكيفية التي يجب اتباعها في تغطية الأحداث. ولتبرير فشله في الحيلولة دون اندلاع المظاهرات «يوم 25 جانفي» زعم العادلي بأن جماعة «الاخوان المسلمين» حشدت شبابها بتعليمات من الخارج ورصدت الداخلية بعضها على أجهزة الموبايل. ويوضح تقرير «الأهرام» أن وزير الداخلية أرسل بيانا الى أسامة الشيخ رئيس اتحاد الاذاعة والتلفزيون لإذاعته مساء الجمعة الأولى، جمعة الغضب على الهواء بيد أن «الشيخ» اختار ارساله لرئاسة الجمهورية لتضمنه عبارات تهجم واستفزاز لمشاعر المتظاهرين ووعيد لهم بالويل والثبور. وبعد دقائق من وصول البيان الى رئاسة الجمهورية، هاتف مبارك العادلي معنفا إياه، وتفيد مصادر «الأهرام» ان مبارك سبّ العادلي بألفاظ حادة ونابية. وحينها فقط فضل الرئيس المخلوع الاستعانة بالجيش لضبط الأمور. جمال وإسقاط والده وتضيف «الأهرام» انه عقب تنحية العادلي انتقلت إدارة الأزمة من الداخلية الى رئاسة الجمهورية وبالتحديد الى مبارك وعمر سليمان وزكرياء عزمي وجمال مبارك مع مراقبة من سوزان مبارك. وتشير الى أن الخطابات الثلاثة كانت لجمال مبارك الذي لم يفهم الا متأخرا جدّا أنه لم يعد موجودا في المشهد السياسي وأنه أصبح عبءا ثقيلا على الساحة السياسية بمصر. وتتابع: عقب الخطاب الثاني حدث ارتباك هائل في القصر الرئاسي... ارتباك وصل الى درجة العجز سواء على مستوى الفهم او التعامل مع اللحظة السياسية. وتشير الى أن مبارك قرر التنحي مساء الخميس 10 فيفري بيد ان جمال أقنع والده بمحاولة أخيرة عبر الخروج على الناس بحزمة اصلاحات جديدة ونقل الصلاحيات الى نائب الرئيس عمر سليمان. واقترح بعض المقربين على الرئيس ان يكون الخطاب ناعما وعاطفيا ولكن كان لجمال رأي آخر أدخله على البيان فخرج بالشكل الذي أشعل حريقا مرعبا من الغضب في الصدور والعقول. وهكذا فشلت المحاولة وسقط مبارك.