٭ تونس «الشروق» تغطية أمين بن مسعود: أجمع المحاضرون والمتدخلون في أشغال ندوة «المغرب العربي وحتمية الاندماج» التي انعقدت أمس بمناسبة الذكرى الثانية والعشرين لتأسيس اتحاد المغرب العربي والتي نظمها الاتحاد النقابي لعمال المغرب العربي على أن الثورة التونسية تمثل اللبنة التأسيسية الأولى لإعادة بعث المغرب العربي مؤكدين ان الديمقراطية السياسية هي بوابة العمل المغاربي المشترك. واعتبر الأمين العام المساعد للاتحاد النقابي لعمال المغرب العربي عبد المجيد الصحراوي، في كلمة افتتاحية ان الاحتفال بالذكرى 22 لتأسيس المغرب العربي يكتسي هذه السنة أبعادا خاصة لأن المغرب العربي يشهد تحوّلات جذرية نأمل ان تؤدي الى انتقال فعلي نحو بناء المغرب العربي المزدهر والديمقراطي والعادل. المسار وأكد الصحراوي ان ثورة الشعب التونسي المجيدة رسمت مسارا للشعوب المغاربية والعربية من أجل الانتقال الديمقراطي وفرض سيادة الشعب . وأضاف ان التجارب المريرة التي شهدتها منطقتنا المغاربية أثبتت ان الاصلاحات الاقتصادية العميقة لا يمكن ان تتحقق الا بالصمود امام الضغوطات الخارجية والمصاعب الداخلية ولا تتكرس الا بفرض التغيّرات الجذرية التي تقطع مع الدكتاتورية والانفراد بالرأي وقمع الحريات وبإقرار الحريات العامة كحرية التعبير والصحافة والتنظم وبناء المؤسسات الديمقراطية والمستقلة التي تيسر المشاركة الشعبية. وأشار الى أن شعوب منطقة المغرب العربي تواجه اليوم لحظة تاريخية صعبة تتمثل في النضال من أجل التحرر والاستقلالية وكسب كل مقوّمات المواطنة الحقيقية عبر انتخابات نزيهة وبناء سلط جديدة قوامها القضاء المستقل والإعلام الحرّ ومؤسسات تشريعية ممثلة تخدم مصالح الشعوب المغاربية. وشدد على ضرورة التنسيق مع مختلف مكوّنات المجتمع المدني من أجل تعزيز التحوّلات الديمقراطية والدفاع عن الحريات النقابية والمدنية واحترام حقوق الانسان. مراجعة من جانبه، رأى الأستاذ في الاقتصاد والنقابي عبد الجليل البدوي ان الضرورة السياسية والاقتصادية في منطقة المغرب العربي تفرض مراجعة المنوال الاقتصادي الذي أدّى الى نشوب الثورة في تونس. ورسم الدكتور البدوي «خارطة طريق» تدفع مسيرة المغرب العربي الى الأمام تنطلق من التكامل والتعاون الاقليمي المغاربي ذلك ان شواهد التاريخ والجغرافيا تؤكد على الأهمية المطلقة المنوطة بالتجمعات الإقليمية وقدرتها على تجاوز الازمات المالية الكبرى (الاتحاد الأوروبي مثال). وأوضح في هذا السياق ان التكامل الحقيقي لا يتحقق الا بسقوط الأنظمة الديكتاتورية والاستبدادية وإقامة أنظمة ديمقراطية ذلك ان الأخيرة فحسب تقدم المصلحة الاستراتيجية البعيدة على المصالح الآنية القصيرة. وشدد على ان المحافظة على الثورة التونسية هي مساهمة في بناء المغرب العربي وأن تحسين الاندماج العمودي (ويعني به التعامل مع الاقتصادات القوية... والدولية) لا يكون الا بتحسين الاندماج الأفقي الاقليمي.. كما تتضمن «خارطة الطريق» ضرورة الانطلاق من المناخ الديمقراطي وإعادة النظر في المنوال الاقتصادي عبر ارجاع الاعتبار الى المؤسسات التي أصبحت فاقدة لكل مصداقية وإعادة الاعتبار للحكم الرشيد من خلال «سن سياسات صناعية جديدة» وإعادة تأثيث العلاقة بين العام والخاص في إطار تعاقديّ وتعاوني. وشدد الدكتور البدوي في هذا السياق ايضا على ضرورة مراجعة توزيع ثروة الدولة وإيلاء الأهمية المستحقة للجهات الداخلية فليس من المعقول ان يتركز 15٪ فقط من الاستثمار الخاص على الجهات الداخلية فيما يستفرد الشريط الساحلي بالنسبة الباقية. كما دعا الى إعادة النظر في دور الدولة وفي انتشارها في إطار «اللامركزية» و«اللامحورية» الحقيقيتين. وأضاف ان الانفتاح المغاربي سيثمر تكاملا كبيرا في الموارد التي ستفضي الى خلق أحلام كبيرة وبعث مشاريع تتوافق وحجم الموارد. وتابع ان الضامن لانكباب التحوّلات الديمقراطية على بناء المغرب العربي وبالتالي لا تشتت الرؤى والتصوّرات حيال العمل الاقليمي المشترك يتمثل في: 1 التداول على السلطة 2 فصل السلطات باعتبار ان مطلب الاندماج المغاربي هو مطلب شعبي يتبناه البرلمان ويدافع عنه. 3 الوعي بأن تكلفة «اللامغرب» باهظة جدّا. 4 الإدراك التام بأن المغرب العربي هو القاطرة الفعلية لحل المشاكل المحلية والإقليمية. ونبّه البدوي في ذات الإطار أن تحويل الثورة من مطلب لإنهاء الاستبداد والقمع الى مطلب تحسين الوضعية الاجتماعية والاقتصادية خطر كبير على الثورة مضيفا ان مسايرة المنهج المطلبي هذا إجهاض للثورة الشعبية. اليقظة والانتباه من جهته، رأى الأستاذ والنقابي مصطفى التليلي ان مسيرة المغرب العربي بدأت مع مسيرة البناء الديمقراطي في تونس، الأمر الذي يدعو كل مواطن الى أن يكون يقظا ومنتبها الى كل محاولات الالتفاف على الثورة. وأضاف التليلي أن الثورة التونسية حققت مكاسب يستحيل إجهاضها والتي من بينها تحريك الشوارع العربية التي كانت ساكنة بالأمس القريب. وأوضح ان نظرة صغيرة على الخارطة العربية وعلى الأقطار من شأنها التأكيد بأن العديد منها باتت تتحرك (اليمن ليبيا الجزائر البحرين...). وأردف ان الثورة التونسية دفعت بعضا من الزعماء العرب الى استباق حركة الشارع بإقرار اصلاحات اجتماعية واقتصادية وسياسية. وأشار الى أن الثورة التونسية هي نقلة تعيشها تونس نحو نظام سياسي ديمقراطي عصري ومجتمع حرّ ونشيط وبالتالي فإن كافة المعطيات تدل على أن دور تونس أقوى من قبل وستعطى الثورة لتونس موقعا مميزا يسمح لها بالمشاركة الفعلية في العمل النقابي المغاربي. واستدرك بأن المسيرة المغاربية في تراجع وتدنّ وتقهقر في حين ان التجربة الأوروبية ما انفكت تتطوّر وتتقدّم. وأضاف: لقد فقدنا الفرص والإمكانيات والوقت لبناء المغرب العربي ونعيش في أزمة خطيرة لأن الجميع يعلم ان غياب أي تعاون متين على مستوى المغرب العربي سيكلف نتائج باهظة على جميع المستويات.