عاجل/ هلاك ستيني في حريق بمنزل..    القضية الفلسطينية تتصدر مظاهرات عيد الشغل في باريس    إيراني يقتل 6 من أفراد أسرته وينتحر    عيد الاضحى 2025: الأضاحي متوفرة للتونسيين والأسعار تُحدد قريبًا    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    زاراها قيس سعيد...كل ما تريد معرفته عن مطحنة أبة قصور في الكاف    الصين تدرس عرضا أميركيا لمحادثات الرسوم وتحذر من "الابتزاز"    لي جو هو يتولى منصب الرئيس المؤقت لكوريا الجنوبية    الجولة 28 في الرابطة الأولى: صافرات مغربية ومصرية تُدير أبرز مباريات    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الثالثة والعشرين    نهائيات ماي: مواجهات نارية وأول نهائي لمرموش في مانشستر سيتى    لأول مرة في التاريخ: شاب عربي لرئاسة ريال مدريد الإسباني    الرابطة المحترفة الأولى (الجولة 28): العثرة ممنوعة لثلاثي المقدمة .. والنقاط باهظة في معركة البقاء    تشيلسي يهزم ديورغاردن 4-1 في ذهاب قبل نهائي دوري المؤتمر الاوروبي    سعر ''بلاطو العظم'' بين 6000 و 7000 مليم    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    طقس اليوم: أجواء ربيعية دافئة وأمطار رعدية محلية    عاجل/ أمطار أعلى من المعدلات العادية متوقعة في شهر ماي..وهذا موعد عودة التقلبات الجوية..    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    رئيس الجمهورية: تونس تزخر بالوطنيين القادرين على خلق الثّروة والتّوزيع العادل لثمارها    وجبة غداء ب"ثعبان ميت".. إصابة 100 تلميذ بتسمم في الهند    "نحن نغرق".. سفينة مساعدات متجهة إلى غزة تتعرض لهجوم جوي (فيديو)    سقوط طائرة هليكوبتر في المياه ونجاة ركابها بأعجوبة    صفاقس ؛افتتاح متميز لمهرجان ربيع الاسرة بعد انطلاقة واعدة من معتمدية الصخيرة    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستُحدد لاحقًا وفق العرض والطلب    توتنهام يضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي بالفوز 3-1 على بودو/جليمت    بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    بنزرت: إيقاف شبان من بينهم 3 قصّر نفذوا 'براكاج' لحافلة نقل مدرسي    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    تونس: تفاصيل جديدة عن متحيل يتجوّل 10 أيام كمستشار حكومي ويزور إدارات رسمية    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من أجل استقلالية القضاء (1)
نشر في الشروق يوم 20 - 02 - 2011

قبل كل شيء، تحية إجلال وإكبار الى كل من يسهر ويساهم، ولو بالشيء القليل، من موقعه وبطريقته الخاصة، في إنقاذ ثورتنا المباركة من الظلاميين والانتهازيين.
كل القوى الحيّة بالبلاد التونسية من حكومة مؤقتة وأحزاب معارضة ومستقلين واتحاد العمّال واتحاد الأعراف والهيئة الوطنية للمحامين والمنظمات بكل أنواعها والاعلاميين وكافة شرائح الشعب متفقة على ضرورة استقلالية القضاء. هذه القوى قدمت الكثير من المقترحات الجيدة لهذا الغرض. لكن على ما يبدو، وحسب تتبعي الضيّق والبسيط للأحداث، هناك نقطة هامة في هذا الموضوع لم يقع بعد التطرّق إليها: أعتقد أن من بين الشروط للاستقلال الفعلي للقضاء هو الاستقلال السياسي للحكومة المؤقتة: نزاهة وكفاءة وعزيمة الحكومة للمضي في الاتجاه السليم لا يكفي اذا كانت مكبّلة من أياد خفية تريد إجهاض هذه الثورة حتى يتسنى لها تحقيق مآربها على حساب الشعب التونسي. تذبذب الحكومة في قراراتها وتجوّل «رموز من النظام السابق» في مكتب السيد محمد الغنوشي عند لقائه الأول بعميد المحامين مع بقية الأحزاب «بعد هروب بن علي» يدلان على ذلك. العميد عبد الرزاق الكيلاني في حديث شامل مع جريدة «الشروق» (بتاريخ 10 فيفري 2011) ذكر في خصوص هذا التجوّل: «نحن لا نثق بالحاشية و[...] فهمنا أن هناك قرارات تطبخ... وقلنا له (للسيد محمد الغنوشي) أن هذه الحاشية لا تجعلنا نطمئن على المستقبل».
وفي إطار آخر ذكر ايضا أن قرارات الحكومة «تؤخذ دون تروّ أي باعتباطية». ولكن هنا يبدو أن العميد لم يكن دقيقا في وصف القرارات حتى لا يحرج رئيس الحكومة نظرا لكفاءته وحسه الوطني. الوصف الدقيق يصبّ في صلب وقلب هذا المقال وبالتالي وجب ذكره: أرى بالأحرى أن القرارات متذبذبة يكمن في عدم الاستقلال السياسي للحكومة بوجود هذه القوى الظلامية.
كيفية إحداث اللجان الثلاث، التركيبة الأولية للحكومة وتحويرها أكثر من مرّة كذلك طريقة تعيين الولاة والتخلّي عنهم فيما بعد وعدم اتخاذ الحكومة لقرارات تبدو بديهية تؤكد هذا الوصف.
يخال لي أن سيناريو أخذ القرار من طرف السيد الغنوشي هو التالي: طيب، انظروا (مخاطب القوى الظلامية مباشرة او بصفة غير مباشرة) ها أنا سأتخذ القرارات التي تبدو لكم صالحة ومقبولة بعض الشيء من الشعب وسترون أنها في الحين ليست مقبولة بالمرة وبالتالي سنواجه جبهة كبيرة وعارمة، لا حيلة لنا بها، للتصدي والرفض القاطع من جميع القوى الحيّة بالبلاد. عندما تثبت الأحداث توقعاته يقول للظلاميين: أرأيتم كيف كنت على حق حين أردت أخذ قرار مخالف لكم فاتركوا لي تصحيح، أو على الأقل تغيير بعض الشيء، القرار الأول...
هكذا أتخيّل الطريقة المتبعة من رئيس الحكومة ليحل بها المعادلة الصعبة بين ضغوط القوى الظلامية، سواء كانت أجنبية أو محلية، ورغبته الصادقة في المضي في الاتجاه الصحيح المتناغم مع روح الثورة. حتما هاته الطريقة ذكية ولها عدّة ايجابيات ولكنها تتضمن أيضا سلبيات خطيرة على البلاد: التذبذب والتراجع في أخذ القرار هو قبل كل شيء هدر للوقت (المثل العربي يقول: «الوقت من ذهب») وللطاقات كذلك، إذا تمّ الاستمرار فيه يؤدي حتما الى فقدان الحكومة مصداقيتها وإلى الأبد لدى الشعب التونسي. ولعمري هذه الطامة الكبرى: الرجوع الى نقطة الصفر وما ينجرّ عنه من خراب وتدمير ومزيد من هدر ثروات البلاد مما يوصلنا الى العجز في تدوير عجلة الاقتصاد وبالتالي إلى تدخل القوى الأجنبية. أرى أنّ من واجب أي مفكر أو اقتصادي أن يمدّ يد المساعدة الى الحكومة المؤقتة بالتفكير في السبل الأكثر نجاعة في حلّ هذه المعادلة الصعبة والقضاء نهائيا على تذبذب القرارات وعلى مطامح وأغراض أعداء الثورة.
من جهتي أتصور أن من بين الحلول تسليم السيد محمد الغنوشي مشعل رئاسة الحكومة إلى شخصية كبرى مستقلّة ومتفق عليها من طرف جميع القوى الحية بالبلاد وأخذه خطة مستشار أول لرئيس البلاد ولرئيس الحكومة الجديد. بذلك نحمي السيد محمد الغنوشي من ضغوط أعداء الثورة من جهة ونستغل كما يجب تجربته وكفاءاته العالية بدون ضياع الوقت.
أعتبر أن مثل هذا الاقدام من طرف رئيس الحكومة الحالي سيترجم بالقرار الشجاع والتاريخي بما أنه ساهم بنسبة كبيرة في كسب الحكومة لثقة الشعب وشل ضغوطات القوى المعادية للثورة حتى تدور العجلة الاقتصادية بدون هدر للطاقات وعلى استقلالية الحكومة لسياستها وبالتالي على الاستقلال الفعلي للقضاء (ضرب عدّة عصافير بحجر واحد). ولكن لا ننسى أنّ كيفية تطبيق القرار هو ذو أهمية لنجاعة القرار المتّخذ. فالقرار الجيّد والأنسب لا يكفي لوحده. اعتبر أنّ الأخذ بالجانب المعنوي في كيفية التطبيق شيء ضروري. تصوّري في الكيفية الناجعة يكمن بأخذ الاعتبارات التالية.
1 مباشرة بعد تسليم الحكومة الجديد للمشعل وجب اعطاء كل الاعتبار والتقدير لشخص السيد محمد الغنوشي من طرف الحكومة (خاصة رئيسها) ومن وسائل الاعلام وكافة القوى الحيّة التركيز والتنوير من وسائل الاعلام على أنّ خطة التنفيذ وأخذ القرار (Fonction line) والخطة الاستشارية (Fonction staff) هما خطتان متكاملتان لا تقلّ إحداهما أهمية عن الأخرى.
لا بدّ لرئيس الحكومة الجديد أن يقدم في خطابه الأول الى الشعب الشكر الكبير للسيد محمد الغنوشي على هذا الاقدام التاريخي وتفضيل مصلحة البلاد على مصلحته الخاصة وعلى الثقة التي وضعها في شخصه وأنّ كل القرارات التي سيتخذها تكون وليدة التشاور والإنارة منه كمستشار أول للحكومة.
2 ضرورة أن يملك الذي سيتسلم المشعل مواصفات رئيس حكومة أو رئيس البلاد. سبق لي أن ذكرت في مقالي الذي صدر في «الشروق» بتاريخ 4 فيفري 2011 تحت عنوان «حتى لا تسرق منّا ثورة الكرامة» (ركن كلمات حرّة، ص 19) هذه المواصفات. لتجنب التكرار فقط أذكر ملكة الخطابة حتى يساهم في طمأنة الشعب التونسي الأبي. بهذا نتجنّب إعطاء صفة الناطق الرسمي باسم الحكومة لوزير ما لأن ذلك يقلل من ثقة الشعب لكفاءة ومصداقية من هم على رأس الحكومة ويساهم في القطع على خلط الأوراق وعلى العمليات المشبوهة التي تقرأ بالحملة الانتخابية الضارة لعمل الحكومة المؤقتة ككل. فأي وزير ينتمي الى هذه الحكومة وجب عليه أن ينسى بصفة تامة ومؤقتة الحزب الذي ينتمي اليه.
3 تمثيل شرعية الثورة بمجلس. لنجاعة عمل هذا المجلس وجب تحديد أهدافه بدقة وتسميته ومن ثم دوره وتركيبته.
الأهداف والتسمية: التسميات تنوّعت حسب تنوّع المصادر والمبادرات والتبنّي. من بين التسميات أذكر مجلس إنقاذ الثورة، مجلس رعاية الثورة، مجلس حماية الثورة. أعتقد أن التسمية يجب أن تكون صدى ورموزا لأهدافها السامية دون ذكر الأهداف. بعبارة أخرى، التسمية لوحدها تعبّر عن الأهداف. لنبدأ إذن بتحديد الأهداف. أعتقد أن الذي سعى اليه المبادر الأول لهذا المجلس (السيد أحمد بن صالح) يعبّر جيّدا عن الأهداف، خاصة السامي منه، وروح الثورة ومتطلباتها. في هذا الصدد يقول المناضل أحمد بن صالح: «الذي سعيت إليه هو أن يجد الشارع وأن تجد الثورة مجمعا يحيا معها ويسمعها وتطمئن إليه. [...] مجلس يحقق الفاتحة الأولى لنصرها» («الشروق» الجمعة 4 فيفري 2011 ص20). لذا أقترح هذه التسمية:
مجلس سماع نبض الثورة ونصرتها أو مجلس نصر الثورة
يتبع
٭ بقلم: يوسف النابلي (دكتور في التصرف)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.