بعد المتلويوأم العرائس تحولنا الى الرديف التي يعرف الكثيرون حجمها ونضالها وشموخها رغم القمع والاضطهاد الذي شهده أبناء هذه المنطقة العريقة على مرّ السنين قبل أن تتجلى حقيقة الكوارث الاستبدادية لكل العالم بعد انتفاضة جانفي 2008 والتي استشهد فيها الكثيرون وزجّ بأغلب المتبقين في السجون وفي الغرف الانفرادية بالزنزانات... هذه المنطقة الشامخة لم يزدها القمع الا قوة والفقر الا صمودا ليتضح حرص أبنائها على التشبث بالحياة مقابل انتظار الاستشهاد في كل لحظة إذا لزم الأمر ذلك... وجدناها والحق يقال أسوأ من تلك الفترات التي كنا نزورها فيها باستمرار خلال الثمانينات قبل الاستقرار بالعاصمة حيث لا بنى تحتية ولا جمالية ولا يوجد غير التلوث والحفر والأوبئة المنتشرة في كل شبر من المدينة والحال أنها عريقة وتنتصب على ترابها وجبالها أعرق الحضارات وأقدمها ونعني بذلك حضارة العهد الآشوري حسب ما يؤكده المؤرخون... ولكن بلا جدوى ولا عناية وحتى مجرّد اعتراف بالماضي والحاضر ولا استعداد لبناء المستقبل رغم الكفاءات العالية والراقية والمستوى الثقافي الكبير الذي يتميز به أبناء هذه المدينة الشامخة والذي لا يفرز في ظل هذه اللامبالاة وهذا الاهمال غير الحديث عن السياسة والوعي السياسي الثوري منه والوسطي. بداية الحديث انطلقت مع أحد رموز المنطقة ثقافيا وسياسيا الذي وصله خبر اعادته الى عمله بعد سجنه اثر أحداث 2008 ونعني به بشير العبيدي الذي يعتبر قياديا في أحد الأحزاب السياسية بالبلاد وله صيته وطنيا ورأيه على كل الواجهات، حيث أكد ل «الشروق» أن مدينة الرديف مثل بقية المناطق الأخرى في الحوض المنجمي وأيضا في جهات أخرى من البلاد لم تنل حظها على مستوى التنمية وظلت منسيّة نتيجة لظلم واستبداد النظامين الفاسدين السابقين اللذين كانت سياستهما خرقاء وفاشلة ومتسمة بتصفية الحسابات مع كل الجهات المناضلة في تونس ككل... مردفا القول: المشاكل متعددة وبالجملة وذلك على كل الواجهات والمستويات والارادة السياسية ظلت غائبة تماما لذلك تسجل الرديف غياب البنية التحتية التي زادتها اللامبالاة بغياب المرافق الضرورية الشبابية والثقافية والترفيهية والبطالة «القاتلة» لتبرز من خلالها الأزمات في الفلاحة وفي الوضعية العقارية وفي التفجيرات التي تقوم بها شركة الفسفاط يوميا والتي بقدر ما تتسبّب في الأضرار بالمنازل فإنها تربك الأطفال والعزل فضلا عن عدم الاهتمام بالأودية التي تتسبب في الفيضانات على غرار ما حصل سنة 2009 والتي كان ضحاياها كثيرون بسبب اعتماد شركة الفسفاط الطريقة الحزامية التي وضعتها لتكون خطرا على المتساكنين حين تتجمع المياه في الأماكن التي غطتها الشركة بأتربة فواضل الفسفاط وغيرها وعندما تفيض يكون الفيضان قد مرّ على الأخضر واليابس هذا اضافة الى تردي أوضاع المساكن المهدّدة بالسقوط . وأشار محدثنا كان أنه ومن باب «استبلاه» المواطن الذي يدرك هذه الحقيقة بفضل فطنته وذكائه تم اختيار المقاول الذي تسبب في تلك الكوارث على مستوى البنية التحتية ليكون هو نفسه «المنقذ» لبناء هذه البنية التحتية حاليا ودون مناقصات ولا حتى ترخيص لمثل هذه الاشغال. ... وحتى الماء ملوّث؟!! وبشكل أو بآخر فإن تلبدات المشاكل في الحوض المنجمي ككل سواء في هذه المدينة أو تلك متشابهة وهو ما أكّدته المجموعة التي وجدناها الى جانب البشير العبيدي مثل السيد الرحيلي والسيد الامام والسيد علي وغيرهم والذين تحدثوا عن الفلاحة مشيرين الى مناطق السقدود والظهيرة وسيدي منصور وغيرها وضرورة انجاز سدّ جبلي يمكن أن يعزز القطاع الفلاحي ويجعله مساهما في انارة سبل المستقبل كما أشاروا الى التلوث بكل أشكاله الهوائي وأيضا المائي بسبب فواضل الفسفاط وفواضل التطهير التي تسبّبت في انتشار عديد الحشرات خاصة منها تلك التي تسكن في الجحور وتخرج لتترك آثارها على صحة المواطنين خاصة على مستوى الجلدة فضلا عن نفس الاشكال الذي تذمر منه أبناء أم العرائس والمتمثل في التلوث الذي أثر ايضا على نوعية المياه التي قالوا إنها «صالحة للشراب» والمتأتية من منطقة تباديت والحال أنها تسبّبت في انتشار أمراض الضغط على التنفس وعلى الفشل الكلوي والسرطان. ضرورة الاسراع ببعث الفروع الادارية ولأن التشغيل هو المطلب الملحّ فإن شباب منطقة الرديف اقترح الاسراع بفض الاشكال والتعجيل باحداث الفروع الادارية المختلفة مثل «الستاغ والصوناد والضمان الاجتماعي والكنام والفلاحة والتجهيز والبنوك» وكل ما له علاقة بالمواطن الذي يجد نفسه مجبرا على التنقل وفي ظروف صعبة جدا الى المدن المجاورة ومركز الولاية. تصدّعات في المنازل وانهيار واضح ومهما اختلفت الآراء فإن مشكل النفق الذي تستغله شركة الفسفاط لنقل الفسفاط وهو يشق المدينة والمسمى «ز 6 Z6» تسبب في عديد التصدعات للمنازل قبل انهيار بعضها وخروج أهالي بعض المنازل الأخرى المهدّدة بالسقوط وعددها كبير جدا والحال أن شركة الفسفاط كان بامكانها طالما أنها تريد استغلال كل شيء على حساب المواطنين نقل الفسفاط في شريط فوقي ولا تحتي على غرار ما هو متوفر في المتلوي. مجالس التصرّف؟؟!! ظاهرة مجالس التصرف المرتبطة بعهد البايات والتي انتهت صلاحياتها منذ مدة قبل أن تمدّد سلطة الفساد والاستبداد الفترة دون سابق اعلام وبشكل غريب ومشبوه تبقى في حاجة الى الحل واعادة النظر فيها باعتبارها لا تتماشى وزمن الانترنات ولا مبادئ الثورة حتى يتم اسناد الأراضي الى مستحقيها ويكون أمرها جليا دون استغلال فاحش من قبل مجموعة يقال إنها تمثل مجلس التصرف وقد غاب عنها التصرف الشفاف والمتسم بالانصاف. الملكية العقارية مرفوضة شباب الرديف تحدث أيضا عن الملكية العقارية المرفوضةبسبب العقد المبرم في بداية القرن الماضي (1902 تقريبا) وذلك بين شركة الفسفاط وأهالي المنطقة من ممثلي «العروش» على أن يتضمن هذا العقد استغلال شركة الفسفاط باطن الارض لاستخراج الفسفاط مقابل بقاء سطح الأرض ومنابع المياه تحت تصرف الاهالي ولكن الشركة استغلت كل شيء ولم تترك شيئا للمواطنين قبل أن تتم اعادة الصياغة (سنة 1997) خلال فعاليات احتفال شركة الفسفاط بمائويتها واستصدار جملة من القوانين يكون بموجبها امتلاك الاراضي وسطحها وأنفاقها وكل شيء وهو ما جعل المواطنين يتساءلون عن الأسرار وراء ذلك وعن أسماء الممضين والمنح التي تسلموها على حساب الأهالي ككل حاضرا ومستقبلا لتتضح عمليات الفساد والاستبداد واستغلال النفوذ وتدليس الوثائق... وهو ما يجعل الملكية العقارية مرفوضة لأبناء الرديف والحوض المنجمي ككل؟!! حوض منكوب... ومسلوب المشاكل متشابهة في كل مناطق الحوض المنجمي المنكوب والمسلوب من كل حقوقه بكل آليات القمع والاضطهاد والاستبداد ولكن دون أي تدخل من نظامي الفساد والتجاهل للحوض المنجمي الذي ظل منسيا منذ 1956 على الرغم من مجهود أبنائه الذي يدرّ على البلاد آلاف المليارات التي يتم اكتشافها حينا في قصر بن علي وأخرى في قصور زبانيته فضلا عن التي شيّدوا بها المشاريع في جهات لا تمت بصلة للمناطق المنتجة للفسفاط على أن يبقى الحوض «فارغا» بلا مشاريع تنموية ولا شيء غير البطالة والفقر والنسيان.