الحرية الحمراء: ليس من السهل الوصول الى الحرية في أبسط مطالبها مثل حرية التعبير وحرية الاجتماع والاحتجاج في الأماكن العامة وهي مجرد مفتاح لحريات أخرى مثل حرية التنظيم وتأسيس الأحزاب والجمعيات وهذه الحريات بدورها تؤدي الى الحق في معرفة الحقيقة وحرية الوصول الى المعلومة الصحيحة عن طريق الاعلام والصحافة المستقلة الى جانب حرية اختيار المسؤول والمساهمة في اخراج القانون ثم قبوله ودون كل هذه الحريات الاساسية كثير من التضحيات والشهداء وقديما قال الشاعر أحمد شوقي: وللحرية الحمراء باب ... بكل يد مضرّجة يُدق الحرية مطلب كل المجتمع: والحرية المنشودة بمحتواها الاجتماعي مطلوبة عند كل الناس المختلفة المصالح والمطامح للبطال والمعوز يريد موطن عمل قار والمضطهد يريد حقه في الأجر والترسيم والترقية والجماعات المهنية تريد مجموعة من الحقوق وهي تدرك جيدا ان حرياتها تنتهي حيث تبدأ حرية الآخرين وأصحاب المال والاعمال والعقارات يريدون تخفيف الاداءات وعدالة الجباية وكذلك اسناد المناقصات والبتات العمومية في كنف الشفافية وكل هؤلاء يتطوقون الى الحرية ويعرفون أو عليهم ان يعرفوا ان القوانين والتشريعات فوق الجميع ويأمل الشعب ان يساهم في اخراجها بصور مباشرة أو غير مباشرة مع ضمان تغيير متواتر للمسؤولين بعد المحاسبة وكشف الحساب بعدما كان المسؤولون يتنحون من مسؤولياتهم دون أن نعرف السبب الحقيقي لتغيير وزير أو والي وهو ما نريد ان نعرفه في مستقبل الأيام والسنين. هذه ابعاد هامة تدخل في المطلب الاول الذي هو الحرية والديمقراطية وهي متممة له. إعادة هيكلة الدولة: إن لجنة الاصلاح السياسي تعمل على تصور الخطوط الكبرى لاصلاح الدولة وخاصة المجلة الانتخابية وقانون الاحزاب وقانون الصحافة والنشر وكذلك مراجعة الدستور الا أن هذه التطورات ستساعد على اختيار الاولويات والصلاحيات فبعضها يمكن انجازه من طرف مراسم رئاسية وبعضها يحتاج الى مجلس تأسيسي مثلما هو الحال في موضوع الدستور الذي يحتاج الى وقت ولا يمكن اصلاحه بشكل سريع او بمرسوم لأن إعادة بناء هياكل الدولة وشكلها وهو بالمناسبة بفضل أن يكون جمهوريا برلمانيا وكذلك فصل هياكل الدولة الوسطى والدنيا عن التقلبات والنزعات الحزبية والايديولوجية ودوام الاستقرار للبلاد ومثل ذلك القوى الأمنية والسلط الجهوية والمحلية تماما كما حصل مع المؤسسة العسكرية وبعض القوانين العامة وهي تتطور مع مرور الزمن وتتفاعل مع المجتمع والعالم وهنا فقط يبرز الثابت والمتحول. الأغلبية والاقلية: ينقسم المجتمع عادة الى فئات تختلف مصالحها لكنها يمكن ان تجتمع على أهداف مشتركة لتتبلور في هيكلة جديدة للدولة تحقق الحرية لجميع الفئات الاجتماعية والأحزاب السياسية ولو كانت تختلف في الأفكار والمكاسب وهذه ابعاد نسبية للحرية لأنه من المحتمل أن تدار الدولة بأغلبية نسبية أو أغلبية مطلقة وفي هذه الحالة ستوجد أقلية لا يعجبها القرار وهو ما يعبر عنه في البلاد المتقدمة بالمعارضة فبقدر ما تستطيع ان تفرض وجهة نظرها وهنا لابد من ضرورة حرية التعبير وتوفر وسائله لتبليغ وجهة نظر الاقلية وتعديلها حتى تصبح أكثر اقناعا للمجموعة الوطنية وقابلة للتطبيق. إرضاء الناس غاية لا تدرك: إن كان ارضاء كل الناس غاية لا تدرك فإن اغضاب جل الناس هو قمة الظلم والاضطهاد إلا أنه يمكن ارضاء الاغلبية والاحتفاظ برأي الاقلية لمزيد الدرس وربما يصبح مع الزمن مقبولا من طرف أغلبية شعبية ويخرج في شكل قوانين وقرارات. ولكن الناس في كل الحالات يجمعون على ضرورة معرفة وضع البلاد من حيث الاكتفاء الذاتي الغذائي والمديونية ووضوح الاستثمار الاجنبي والصورة التي يحصل بها التفويت في الممتلكات العامة طبعا هذا الى جانب حق اختيار المسؤولين ومعرفة كيف تدار المؤسسات والصناديق ذات الموارد المالية الهامة وأوجه صرفها لأموالها الى جانب شركات النقل المختلفة وشركات الخدمات الاساسية وغيرها وكل هذه المسائل تنعكس على الحياة اليومية للناس سلبا وايجابا ومنها ما هو محل اجماع مثل المسائل المتعلقة بالهوية والموقف من الاستعمار القديم والجديد والموقف من التدخل الأجنبي والموقف من الكيان الصهيوني ولا تبقى الا التفاصيل التي تراها كل فئة أو مجموعة سياسية أو جهوية حسب مصلحتها الخاصة وهو أمر لابد ان يقنع بقية الشركاء في الوطن ليأخذ موقفه الطريق نحو التطبيق كموقف وقرار وطني.