إني أراسلكم بصفتي مواطن مناضل من أجل الحريات والديمقراطية، وقفت من أجلهما مواقف عديدة نزولا الى الميدان وكتابة. ومن جملة ما كتبت كتابا لم أستطع نشره سنة 2008، وسيصدر في الايام القليلة القادمة بعنوان: «القولاق والديمقراطية» (Goulage et Démocratie). إني، سيدي الوزير، في هذه الظروف العسيرة والحاسمة، أرى من واجبي التقدم إليكم بهذه المقترحات: 1) أن تكون الحكومة التي سترأسونها مكوّنة من وزراء دون انتماء سياسي. 2) أن تكون مؤلفة من وزراء جلهم، إن لم يكن كلهم، من الذين نزلوا الى الشارع، خصوصا من سيدي بوزيد والڤصرين والكاف وڤفصة، وحققوا بكفاحهم واستشهادهم ما كان حلما غير متوقع. كن، سيدي الوزير، على يقين أن الذين نزلوا الى الشارع، وسينزلون إليه من جديد إذا اقتضى الحال ذلك، لن يتركوا ثورتهم تسرق منهم من طرف البكم الصم الذين، في عهد الدكتاتور السارق المجرم زين الدين بن علي، دخلوا جحورهم يرتعشون خوفا ويأكلون خبز الذل بنهم، خبزا كان أحيانا مسروقا. إن الذين ارتكبوا في حق الشعب والوطن خيانة الاحبار (la trahison des clercs) لا حق لهم في أن يتزعموا الثورة، ولا يؤتمنون عليها. المواطن التونسي ليس بأبله، ولا ينسى ما كان وما بالعهد من قدم. نعم! المصالحة الوطنية واجب. لكن لا على حساب إجهاض الثورة. عندما تتحقق الاهداف، وترسخ قواعد الحريات والديمقراطية، عندها، لا قبل، يأتي حينها، وعندها عفا الله عما سلف، {وخُلق الانسان ضعيفا} (النساء 28). 3) أن تنحصر مهمة هذه الحكومة في تصريف الاعمال العادية، وحفظ الأمن على الخصوص. 4) أن تنكبّ الحكومة أولا على تنظيم انتخاب مجلس دستوري في أقرب أجل ممكن دون تمويه ولا تسويف. 5) أن يكون الانتخاب حرا شفافا تحت إشراف منظمة حقوق الانسان الدولية وبمراقبة منها حتى لا يقدح قادح في مصداقيته. إذ دون هذه المراقبة سيزعم لا محالة كل حزب لا ترضيه النتائج أن الانتخابات مزورة، فندخل حينئذ في متاهات من المزايدات لا تحمد عقباها، وقد تسفر عن حالة من الهلع والعنف والاضطرابات تعود بنا الى الدكتاتورية في أشنع مظاهرها. وأرجوكم، سيدي الوزير النجاح والتوفيق في مهامكم التاريخية.