لهذا السبب فلاحوا تطاوين يعترضون على التسعيرة الرسمية لبيع الأضاحي بالميزان    نتنياهو يتمسك باحتلال غزة وسموتريتش: سندمر ما تبقى منها    الخطوط التونسيّة تؤمن 44 رحلة لنقل 5500 حاج خلال موسم الحج لسنة 1446 هجري..    تزوجته عرفيا: تونسية تخفي جثة زوجها بوضع الملح عليه وتفر..تفاصيل ومعطيات صادمة..!    هذا موعد رصد هلال شهر ذي الحجة..#خبر_عاجل    النهائي يشتعل: النادي الإفريقي يواجه الاتحاد المنستيري بتحكيم مصري    إثارة الفريق ضد أولمبيك سيدي بوزيد: مستقبل القصرين يتوجه للقطب القضائي المالي    تنبيه/ تحويل جزئي لحركة المرور بهذه الطريق..#خبر_عاجل    عاجل/ محمد صالح العياري يحسمها ويكشف حقيقة فرض آداءات على إرسال التونسيين بالخارج أموالا لعائلاتهم المُقربة..    توقيت مباريات نصف نهائي كأس تونس    وزارة العدل تؤكد أنها اعتمدت "الشفافية والنزاهة" في ضبط قائمة الناجحين في مناظرة الخبراء العدليين    بالفيديو...حريق في قطار سوسة – تونس دون أضرار بشرية    غدا.. جلسة عامة للنظر في مشروع قانون يتعلّق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة    بنزرت: لا اختطاف ولا احتجاز.. توضيحات رسمية بشأن واقعة أطفال منزل عبد الرحمان    جريمة مروعة: ينهي حياة جاره طعنا بالسكين..!    الأسرة التونسية تصغر: من 5.5 أفراد إلى 3.4 فقط!    رابطة ابطال اسيا 2 : التونسي فراس بلعربي يقود الشارقة الاماراتي للقب    كرة سلة: تونس تحتضن البطولة العربية لمنتخبات الأكابر من 25 جويلية الى 2 اوت القادمين    إضراب سائقي التاكسي الفردي: هذه هي أبرز المطالب    تواصل اضطراب الرحلات في مطار أورلي لهذا السبب    عاجل/ العثور على مقبرة جماعية في ليبيا..    تونس تحتاج يوميًا إلى أكثر من 250 متبرعًا لتلبية الاحتياجات الاستشفائية    فياريال يصدم برشلونة في يوم احتفاله بلقب الليغا    لا تُضحِّ بها! هذه العيوب تُبطل أضحيتك    صفاقس إقلاع أولى رحلات الحجيج من مطار طينة.    اليوم : انطلاق امتحانات الثلاثي الثالث للمرحلة الابتدائية    استقالة الهيئة التسيرية للنادي الافريقي..#خبر_عاجل    ترامب يعرب عن "حزنه" إزاء إصابة بايدن بالسرطان    صحيفة: الأرز يتسبب بفضيحة تعصف بالحكومة اليابانية    أشغال بالطريق السيارة أ1 جنوبية ودعوة السائقين إلى الحذر    استشهاد 17 فلسطينيا في قصف العدو الصهيوني مناطق متفرقة من قطاع غزة    تصنيف لاعبات التنس المحترفات: أنس جابر تتقدم مرتبة واحدة    طقس الاثنين: ارتفاع في درجات الحرارة    أمينة الصرارفي: "اللباس التقليدي للمهدية والجبة التونسية مرشحان لتصنيف اليونسكو كتراث عالمي غير مادي"    تونس تدعو إلى تعاون مسؤول للحدّ من هجرة الكفاءات الصحية    رئيس الحكومة الليبية المكلفة: خطاب الدبيبة إدانة لنفسه وتنكر لمسؤولياته    تونس تدعو إلى تعاون مسؤول للحدّ من هجرة الكفاءات الصحية    صفاقس... الصالون المتوسطي للبناء «ميديبات»    لماذا تستعر نار التشكيك في ثوابت الأمّة العربية الآن وبكل حدة؟ حلقة 4    صناعة ابراهيمية ابستيمولوجية لتشكيل ذات صهيونية عالمية ونظام صهيوني عالمي    هكذا هنّأت النجمة يسرا الزعيم عادل إمام بيوم ميلاده    تونس تشارك في المنتدى الدولي «نحو الجنوب» بمدينة سورينتو الإيطالية    النادي الافريقي: استقالة جماعية للهيئة المديرة    الاختتام الجهوي لشهر التراث بولاية توزر    'كعكة الرئيس'.. فيلم عراقي يحاكي حكم صدام بمهرجان 'كان'    تونس تعزز شراكتها مع منظمة الصحة العالمية لتطوير اللقاحات والتكوين والبحث في الصناعات الدوائية المتقدمة    من تجب عليه الأضحية؟ تعرّف على الشروط التي تحدّد ذلك    إتيكيت استخدام الهاتف في الأماكن العامة    تحذير من ارتفاع نسبة التدخين بين الأطفال: مشروع جديد للوقاية في المدارس    ارتفاع صابة الغلال الصيفية ذات النوى في 2025    القيروان : حافلة تصطدم بمقهى    النسخة 29 من "الكومار الذهبي للجوائز الأدبية"/ بالأسماء..الاعلان عن قائمة المتوجين في المسابقة..    شجرة نخيل تهوي على ضيف بمهرجان كان السينمائي نقل إثرها إلى المستشفى    مجموعات غنائيّة هاوية بصفاقس ابدعت في آدائها ….الازهر التونسي    عاجل/ العدوان على غزّة: مفاوضات جديدة في قطر دون شروط مسبقة أو مقترحات    عاجل/ حياد مترو عن السكّة وهذه حصيلة الأضرار    جندوبة: يوم مفتوح لتحسيس وتقصي أمراض الكلى    وفد صيني يزور القيروان    









خواطر قانونية حول الإصلاح الدستوري والإداري على أبواب ولادة الجمهورية الثانية
نشر في الشروق يوم 02 - 03 - 2011


(محام وباحث في القانون العام والعلوم الإدارية)
ملامح النظام السياسي المرجو:
ينتج عن كل ثورة هدم للنظام السياسي القائم وبناء نظام بديل عنه يختلف في المشروعية وفي الشكل. فهل يجب على النظام السياسي الجديد والمنتظر قيامه في تونس أن يقطع مع أسس النظام السابق ومع شكله أم أن الأمر يقتصر على تطهير النظام من الانحرافات؟ يمكن القول إن ثورة الكرامة إنما انتصرت بحق لفكرة الجمهورية القائمة على المواطنة والمشاركة لذلك فإن المطلوب من الإصلاح اليوم هو تجديد فكرة الجمهورية (1) وبناء أسس تنمية سياسية حقيقية (2) وذلك بتطوير شكل النظام السياسي لخدمة هاتين الفكرتين (3).
1- تجديد فكرة الجمهورية:
يظل النظام الجمهوري خيارا أساسيا للشعب التونسي عبر عنه عبر مجلسه التأسيسي يوم 25 جويلية 1957 باعتباره النظام الذي يمكن الشعب من ممارسة سيادته التي ناضل من أجلها جيل الاستقلال وقد اعتبر الآباء المؤسسون. أن النظام الجمهوري هو الكفيل بتحقيق الرّقي الاجتماعي للبلاد، غير أن فكرة الجمهورية سرعان ما وقع الانحراف بها منذ سبعينات القرن الماضي وذلك بضرب عناصرها الأساسية المتمثلة في المشاركة لكل فرد في الفضاءات العامة وفكرة المواطنة بمعنى الإحساس بالحياة المشتركة وبالمشترك Le commun من أجل تحقيق التضامن الاجتماعي والمساواة بين جميع الناس أمام هذا المشترك وهو الوطن والدولة في ظل عقد اجتماعي ينظم العلاقة بين الدولة والمواطن وبين المواطنين ومساواة الجميع أمام القانون وفي الحقوق والواجبات وإزاء الأعباء العامة وخضوع الجميع للقانون واحترام الحريات والحقوق، ذلك إن احتكار السلطة من طرف حزب واحد وتغليب جهة على جهة وخلق فجوة بين الطبقة الحاكمة والمحكومين وانتشار المحسوبية والزبونية Le clientélisme أدى إلى إفراغ فكرة الجمهورية من معناه زاده على المستوى السياسي ضرب الحريات وتأييد السلطة في شخص معين خاصة إبان «القوس النوفمبري» كما أن انتشار الفساد وتحويل الدولة إلى حكم مافيوزي أنتج مافيوزات جهوية وقطاعية ممّا دمّر فكرة المشترك والمساواة لدى المواطنين لتغيب فكرة المواطنة وتعوضها فكرة الفردانية والتغوّل الفردي وتدمير الثقة في مؤسسات الدولة وخاصة القضاء ثم الأمن ولعلّ هذا ما يفسّر النزعة التدميرية التي رافقت الثورة إزاء مؤسسات الأمن التي أصبح ينظر إليها كأداة قمع لذلك فإن إصلاح النظام السياسي يمرّ حتما عبر إعادة الاعتبار للمشترك بين المواطنين وذلك بإعادة بناء فكرة الجمهورية أي La chose publique وذلك من خلال إعلان جديد للجمهورية منبثق عن الثورة، ويجب أن يحدّد هذا الإعلان ملامح الجمهورية وأسسها وذلك بتكريس قيم الجمهورية وهي المواطنة والتسامح والمساواة في الحقوق والواجبات وأمام القانون وضمان الحرمة الجسدية ولما لا أن يتضمن إعلان الجمهورية إعلانا تونسيا لحقوق الإنسان والمواطن يبين الحقوق والحريات التي تضمنها الجمهورية التونسية والتي لا تقبل التصرف مع التنصيص على علوية هذا الإعلان على الدستور ذاته (علوية النظام الجمهوري كرسها التعديل الدستوري لسنة 2002 بمنع التعديلات التي تمس الشكل الجمهوري للدولة ولعل مثل هذا الإعلان يمكن من مراكمة مكاسب الجمهورية السابقة خاصة فيما يتعلق بحقوق المرأة ويطوّر الحقوق الأخرى مع جعل الجمهورية الجديدة جمهورية اجتماعية بالتنصيص على الحقوق الاجتماعية كالحق في الشغل والمسكن والصحة والتعليم والحق في التنمية وأن تضمن الجمهورية هذه الحقوق ضرورة أن المطالبة بهذه الحقوق هي التي كانت وراء اندلاع الثورة، إن تجديد فكرة الجمهورية سيمهد لإرساء تنمية سياسية للبلاد.
2- تركيز أسس التنمية السياسية:
يتفق علماء السياسة على أن تحقيق التنمية السياسية يتطلب عنصرين هي الشرعية والمشاركة لذلك فإن إصلاح النظام السياسي يتطلب صياغة شرعية جديدة (أ) وإتاحة فرص المشاركة (ب).
أ صياغة شرعية جديدة للنظام السياسي
لا نقصد بالشرعية هنا الشرعية القانونية ولكن المقصود هو المشروعية La légitimité التي انبنى عليها النظام السياسي القديم فقد انتقل النظام السياسي من مشروعية تاريخية نضالية متأتية من قيادة الحزب الدستوري بزعامة بورقيبة إلى المرحلة التحريرية وبناء الدولة الحديثة وذلك بالترويج لقيم مثلت الأساطير المؤسسة لهذا النظام مثل الوحدة القومية والجهاد الأكبر وتحقيق فرحة الحياة وقد تحولت هذه المقولات إلى ذريعة لضرب الحريات وكل نفس معارض بدعوى الخروج من الوحدة القومية زادها تهرم قائد الجهاد الأكبر انفضاحا وانكشافا كما أن فشل المنوال التنموي وما نتج عنه من هزات اجتماعية كشف أسطورة فرحة الحياة التي لم تشمل كل الفئات ولا كل الجهات، لذلك كان على النظام أن يجدد من شرعيته فكان الخطاب النوفمبري حول دولة القانون والمؤسسات وحقوق الإنسان والمعجزة الاقتصادية التونسية هو أساس مشروعية النظام السياسي طيلة 23 سنة، فقد اعتمد نظام بن علي ما يسمى بمشروعية الإنجاز La légitimité de pourwése أي تعديد الإنجازات في المجال الاقتصادي والاجتماعي وحقوق المرأة، كما بنى النظام السياسي لنفسه نوعا من المشروعية الأمنية بتقديم نفسه ضامنا للاستقرار في تونس والمنطقة (ولعلّي أتوقف هنا لأقول أن ما شهدته تونس خلال اليومين الأخيرين من هجرة سرّية مكثفة نحو إيطاليا ينبئ أن وراء الأكمة ما وراءها) إلا أن هذه المشروعية المدعومة بمشروعية انتخابية مزيفة سرعان ما تهاوت فلا المعجزة الاقتصادية تحققت ولا ضمن الاستقرار إذ سرعان ما ظهرت الفجوة التنموية بين الجهات وتفشت البطالة نتيجة لسياسة تعليمية فاشلة أما الجهاز الأمني والسياسي المتمثل في الآلة الإعلامية الضخمة المأجورة وحزب التجمع فإنه إنهار أمام أول أزمة سياسية تواجه النظام لقد أحدث نظام بن علي فراغا سياسيا وقيميا بدأت تظهر نتائجه بمجرد سقوطه وعبرت عن ذلك حالة الانفلات في المجتمع سواء كان ذلك على المستوى الأمني أو القيمي ولعل ما شهدته البلاد من تخريب وتنامي الاحتجاجات وسيطرة الفردانية L'individualisme في مواجهة المشترك (الانتصاب الفوضوي في الشوارع والساحات العامة) كل ذلك باسم الحرية في مواجهة النظام L'ordre الذي ارتبط في ذهن المواطن بالقمع والانغلاق L'hermitisme لذلك يجب إعادة بناء جدلية الحرية والنظام حسب تعبير أوغست كونت وذلك بتجاوز ميتافيزيقيا الثورة (الاحتجاج...) إلى إرساء علم الثورة أي إرساء وضعية ثورية Positivisme de la révolution وذلك بإعادة التوازن بين الحرية والنظام وذلك بخلق مشروعية سياسية للدولة وللنظام السياسي وذلك على أساس استرجاع الهوية الجمهورية L'identité républicaine وتجذير أخلاقية جديدة وقيم جديدة تتحد من الحضارة العربية الإسلامية مرجعا وبناء جديد تتخذ المواطنة بإعادة بناء المجتمع المدني الذي خرّب ورسم الحدّ الفاصل بين المجتمع السياسي والمجتمع المدني وإرساء ديموقراطية حقيقية بمعنى المشاركة السياسية وإرجاع السيادة للشعب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.