رئيس الجمهورية قيس سعيّد.. المفسدون... إمّا يعيدون الأموال أو يحاسبهم القضاء    فاتورة استيراد الطاقة لا تطاق .. هل تعود تونس إلى مشروعها النووي؟    في علاقة بالجهاز السرّي واغتيال الشهيد بلعيد... تفاصيل سقوط أخطبوط النهضة    مذكّرات سياسي في «الشروق» (5) وزير الخارجية الأسبق الحبيب بن يحيى... يتكلّم الصادقية حاضنة المعرفة والعمل الوطني...!    أخبار المال والأعمال    تقديرات بانحسار عجز الميزانية الى 6.6 ٪ من الناتج المحلي    مع الشروق .. «طوفان الأقصى» أسقط كل الأقنعة.. كشف كل العورات    مع الشروق .. «طوفان الأقصى» أسقط كل الأقنعة.. كشف كل العورات    مزاد دولي يبيع ساعة أغنى راكب ابتلعه الأطلسي مع سفينة تايتنيك    الرابطة الثانية (ج 7 إيابا) قمة مثيرة بين «الجليزة» و«الستيدة»    مانشستر سيتي الانقليزي يهنّئ الترجي والأهلي    ترشح إلى «فينال» رابطة الأبطال وضَمن المونديال ...مبروك للترجي .. مبروك لتونس    فضاءات أغلقت أبوابها وأخرى هجرها روادها .. من يعيد الحياة الى المكتبات العمومية؟    تنديد بمحتوى ''سين وجيم الجنسانية''    ابتكرتها د. إيمان التركي المهري .. تقنية تونسية جديدة لعلاج الذقن المزدوجة    الكاف..جرحى في حادث مرور..    نبيل عمار يؤكد الحرص على مزيد الارتقاء بالتعاون بين تونس والكامرون    استشهاد خمسة فلسطينيين في قصف لطيران الاحتلال لمناطق وسط وجنوب غزة..#خبر_عاجل    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    ماذا في لقاء وزير الخارجية بنظيره الكاميروني؟    طقس الليلة    تسجيل مقدّمة ابن خلدون على لائحة 'ذاكرة العالم' لدى اليونسكو: آخر الاستعدادات    بطولة الرابطة 1 (مرحلة التتويج): حكام الجولة الخامسة    البطولة الافريقية للجيدو - ميدالية فضية لعلاء الدين شلبي في وزن -73 كلغ    توزر: المخيم الوطني التدريبي للشباب المبادر في مجال الاقتصاد الأخضر مناسبة لمزيد التثقيف حول أهمية المجال في سوق الشغل    نابل: الاحتفاظ بشخص محكوم بالسجن من أجل "الانتماء إلى تنظيم إرهابي" (الحرس الوطني)    أكثر من 20 ألف طالب تونسي يتابعون دراساتهم في الخارج    التوتر يشتد في الجامعات الأمريكية مع توسع حركة الطلاب المؤيدين للفلسطينيين    مواطن يرفع قضية بالصافي سعيد بعد دعوته لتحويل جربة لهونغ كونغ    مدير عام وكالة النهوض بالبحث العلمي: الزراعات المائية حلّ لمجابهة التغيرات المناخية    الجزائر تسجل حضورها ب 25 دار نشر وأكثر من 600 عنوان في معرض تونس الدولي للكتاب    المؤرخ الهادي التيمومي في ندوة بمعرض تونس الدولي للكتاب : هناك من يعطي دروسا في التاريخ وهو لم يدرسه مطلقا    كتيّب يروّج للمثلية الجنسية بمعرض تونس للكتاب؟    وزارة التجارة تتخذ اجراءات في قطاع الأعلاف منها التخفيض في أسعار فيتورة الصوجا المنتجة محليا    الرابطة 1 ( تفادي النزول - الجولة الثامنة): مواجهات صعبة للنادي البنزرتي واتحاد تطاوين    افتتاح المداولات 31 لطب الأسنان تحت شعار طب الأسنان المتقدم من البحث إلى التطبيق    تضم فتيات قاصرات: تفكيك شبكة دعارة تنشط بتونس الكبرى    يلاحق زوجته داخل محل حلاقة ويشوه وجهها    عاجل/ إصابة وزير الاحتلال بن غفير بجروح بعد انقلاب سيارته    القلعة الصغرى : الإحتفاظ بمروج مخدرات    تراجع إنتاج التبغ بنسبة 90 بالمائة    هام/ ترسيم هؤولاء الأعوان الوقتيين بهذه الولايات..    تقلص العجز التجاري الشهري    الشابّة: يُفارق الحياة وهو يحفر قبرا    السعودية على أبواب أول مشاركة في ملكة جمال الكون    عاجل/ تحذير من أمطار وفيضانات ستجتاح هذه الدولة..    أخصائي في أمراض الشيخوخة: النساء أكثر عُرضة للإصابة بالزهايمر    التشكيلة المنتظرة للترجي في مواجهة صن داونز    تُحذير من خطورة تفشي هذا المرض في تونس..    عاجل : القبض على منحرف خطير محل 8 مناشير تفتيش في أريانة    دورة مدريد : أنس جابر تنتصر على السلوفاكية أنا كارولينا شميدلوفا    أمين قارة: إنتظروني في هذا الموعد...سأكشف كلّ شيء    هرقلة: الحرس البحري يقدم النجدة والمساعدة لمركب صيد بحري على متنه 11 شخصا    وصفه العلماء بالثوري : أول اختبار لدواء يقاوم عدة أنواع من السرطان    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور المنصف المرزوقي في حوار شامل ل «الشروق»: نريد بالمجلس التأسيسي بناء دولة لكل التونسيين
نشر في الشروق يوم 07 - 03 - 2011


حوار فاطمة بن عبد الله الكرّاي
تونس الشروق :
نراه عبر شاشات التلفزات الاجنبية، يصدع برأيه كلّما هم الملف شأنا تونسيا...
جوّعه نظام بن علي وهو الدكتور الاستاذ الجامعي، فقصد احدى بلدان أوروبا يشتغل بمؤهلاته العلمية والأكاديمية.
ابن «المرازيق» الذي تجد نفسك، حتى وان اختلفت معه، فإنك لابد وأن تجد مجالا للحوار والتواصل الفكري أو السياسي او الحضاري معه...
هو الدكتور المنصف المرزوقي الذي كان أوّل من قال لبن علي: ارحل... ونحن لا نصدّق خطابك...
سألته عن اللجان الثلاثة التي كوّنها بن علي والغنوشي، قبيل وبعيد 14 جانفي، فسارع الى القول: «كل هذه اللجان باطلة... وهي مضيعة للوقت... ويجب إعادة النظر فيها... وهو مع فكرة الاصلاح السياسي، ولذلك هو يستثني اللجنة الخاصة، من استثناءاته لكل ما جاء في عهد حكومة الغنوشي...
«الوضع غير مرضي في المشهد الاعلامي» هذا ما يقوله «سي المنصف» المرزوقي معرّجا بالقول: «أنا هنا أحتجّ على الاذاعة والتلفزة الوطنية فإلى حدّ هذه اللحظة، مناضلو حزبنا مقصيون من كل المنتديات والمساهمات عبر هذه الأجهزة الاعلامية العمومية... «عقليات الاعلام القديم» متواصلة يقول المرزوقي... وهو يرى أن القضية تنحصر في إيهام الناس بأن هناك تعددية في الاعلام... ولكن شيئا من هذا لم يحصل...
في هذا اللقاء الذي خصّ به «الشروق» يكشف المرزوقي مواقفه من «بن علي» الذي وافق الرأي في ما أبداه قائد السبسي من أنه اقترف الخيانة العظمى «ويجب أن تصدر فيه وزوجته بطاقة جلب ليحاكما»... معلنا أن أي هيئة تشرف على الاعلام يجب ان تكون محلّ تشاور مع الجميع وليست معينة كما وقع مع الغنوشي...
يقول معرّفا حزبه أنه حزب التحدّي ل «بن علي» وما يمثّله بن علي من قمع وفساد... «رفضنا أن نكون حزبا سريّا» يقول المرزوقي، وله في ذلك حكمة: «حتى لا يخترقنا البوليس السياسي»...
في هذا اللقاء الشامل، يتحدّث المرزوقي عن الثورة... وعن المناوئين للثورة... وكان اللقاء قد بدأ بهذا السؤال.
نبدأ من آخر الأخبار: حكومة الغنوشي رحلت تحت ضغط الشارع... وحكومة جديدة تحل محلّها وتستجيب الى أهمّ شعارات الثورة... كيف تحكم على هذه وتلك وماذا تقول؟
أوّلا حزب المؤتمر من أجل الجمهورية يُحيي نضالات القصبة والنضالات التي رفضت أن تسرق منها الثورة... فأجبرت حكومة الغنوشي على الرحيل، لأنها تواصل للنظام السابق...
هذه الحكومة التي أهدرت وقتنا وأضاعت الوقت وسقط خلال مدّة «نيابتها» شهداء...
أهنئ الشباب على انتصاره... فانتصاره نصر للثورة... وبطبيعة الحال كانت استجابة الحكومة الجديدة لهذه المطالب أمرا طبيعيا... لأنه لو لم تستجب لتواصل الاعتصام.
إجمالا نحن نعتبر أن هذه الاستجابة أمر ايجابي... وننتظر الآن، وبيقظة التطبيق...لن نقبل أن يعاد أي سيناريو للالتفاف على الثورة.
على كل من يتآمرون وراء الستار، أن لا تضيّعوا وقتنا، ونقول للبعض منهم: إذهبوا الى بيوتكم وطلّقوا السياسة ولا تركبوا موجة لا يمكن أن تصلوا بها... ما أظهره الوضع الحالي في ثورة تونس والوطن العربي من حالة حراك واستقطاب، تجعل المستقبل مفتوحا وسنجاهد من أجل درء المخاطر.
الآن يبدو المشهد السياسي جديدا... والثورة تواصل ترجمة شعاراتها، وحكومة «قائد السبسي» تقطع، حسب كلامه مع النظام الماضي قطعا جذريا... كيف ترى دكتور المنصف المرزوقي هذا الامر؟
الأربعة أشهر هي مدّة قصيرة جدا وطويلة جدا..
طويلة جدا لأنه لابد وفي أقرب الأوقات أن يكون عندنا دستور ونظام سياسي. فالملفات التي تنتظر الحكومة ملفات مخيفة، هناك حالة تردّي في الجباية وحالة تردي في القضاء والتعليم كل هذه الحظائر الكبرى والورشات تعدّ ملفات خطيرة جدا محتاجة الى مباشرة وعلاج...
وفّق الله المسؤولين عن مباشرتها.
ان حجم الخراب الذي تركه بن علي لا يوصف...
والحكومة الحالية ليست لها الامكانيات...
حتى الحكومة التي ستنبثق عن المجلس التأسيسي ستجد عسرا، ولن يكون لها الوقت الكافي لانجاز ما يجب انجازه...
الملفات الرئيسية وفق ذلك ستكون معلّقة... كنت أتمنّى في ظرف 60 يوما أن تتمّ الانتخابات.
كأن في أكتوبر يكون عندنا دستور... إن أهم شيء هي الملفات النائمة، التي يعيش بها التونسيون وعلى حلها يتوقف مستقبل تونس...
كما أنّني أقول إن هذه المدّة، هي في نفس الوقت قصيرة لأنه مطلوب أن نحمي الأجيال المقبلة من الدكتاتورية، وأن نطرح للنقاش ما يجعلنا نجد الطرق التوفيقية.
فمثلا ضروري أن تكون الأقليات ممثلة في المجلس التأسيسي... حتى نبني دولة لكل التونسيين.
لا يجب ان ندخل في عقلية المنتصر والمهزوم...
يجب أن نكون كلنا منتصرين، لذلك أعتبرها مدّة قصيرة وطويلة في الآن نفسه.
هذه فرصة تتاح أمامنا الى أن نذهب الى المجلس التأسيسي لنعمّق النقاش.
الحريات الكبرى، كلنا نريد الدولة الديمقراطية تشكل النظام. نأخذه من تجارب الشعوب...
التونسيون الذين أبدعوا في خلق ثورة جديدة سوف يبدعون في خلق نظام سياسي جديد... لم لا. يجب ان ندخل بعقلية التأسيس للجديد.
من خلال تجربتك في مجال النضال من أجل الحريات، ومن خلال معرفتك بالمشهد التونسي، هل تعتقد أن بلادنا بحاجة الى ثقافة للحرّيات تؤسس في ما تؤسس الى واقع جديد؟
التونسيون لهم العديد من الخصال والذين ينظرون إليهم بدونية على أنهم عرب ومسلمون نسوا أن شعبنا وطوال الستينات والسبعينات راكم التجارب.. واليوم تجد الاسلاميين والعلمانيين في نفس المشهد النضالي.. من أجل الحرّيات واستطاعوا أن يبنوا المجلس الوطني للحريات. التونسيون لهم ثقافة حريات..
نعتبر أن لشعبنا مخزون كبير جدا من التحضر والدليل أن هذه الثورة لم ينتقم فيها شعبنا من أحد.. لولا بعض الفلول والميليشيات التي حاولت أن ترعب الشعب..
شعبنا لم ينصب المشانق ولم يعتمد سياسة الانتقام.. شعبنا متحضر يريد عبر ثورته أن يخلق تونس جديدة..
هناك شيء من الفوضى، ولكن يا ربي لك كالحمد، لي الثقة في التونسي وفي الأمة العربية وزاد ايماني بنضج شعبنا. الشجرة لا تحجب الغابة فمظاهر العنف والتكسير لم يقم بها الثائرون، بل معروف من هؤلاء الشعب التونسي والجيش أثبتا حسن التصرف لما تقارن موقف الشعب التونسي بشعوب أخرى قامت بثورات فإنك تجده يتمتع بذكاء جماعي والوعي الجماعي يختزل الثلاثة آلاف سنة حضارة وتحضّر لهذه البلاد.
كنت أول من نادى برحيل الدكتاتور.. وقد بدوت للبعض أنك لا تعي الواقع .. من أين كان منبع تقييمك لنظام بن علي؟
أنا وزملائي أسّسنا «حزب المؤتمر من أجل الجمهورية» سنة 2001 لاعتقادنا أن هذا النظام لا يصلح ويُصلح وضرورة مقاومته بطرق مدنية وسلمية.. مع الأسف هناك من لم يعتقد في هذا الأمر.
في 2006 دعوت إلى المقاومة المدنية، والقول أنه لا يجب أن نعمد الى العصيان المدني هو قول خاطئ.. منذ ذلك الوقت كنت أنادي بهذا المبدإ وقد حاولوا قتلي أمام سجن الكاف (كان يتجه لزيارة المحامي السجين محمد عبّو) عندها قرّرت الخروج وعبر «الفايس بوك» عملت على تحريض الشعب اضافة الى التصريحات.. وقد لعبت دورا متواضعا مع رفاقي في الحزب.
أنت أول من قال «لبن علي» ارحل، ولكن أين كنت فترة الثورة؟
نعم، قلت يجب أن يرحل.. عبر شاشات التلفزيون.. وكشفت قصة تبرّعه (بن علي) ب15 مليون دينار بينما طائرته اشترها ب400 مليون دينار .. لا يجب أن يضحك على الشعب.. هذا ما قلته علنا.. خضعت لعملية جراحية في المستشفى ورجعت الى تونس للمساهمة في الثورة.. هذه ثورة الشعب..
والشباب قام فيها بدوره كما قمنا بدورنا.. حين فتحنا الطريق بالفكر والتحريض وفضحنا الدكتاتورية والدكتاتور.
أعتبر أن الجميع قام بواجبه في ثورة تونس.. رجعت الى تونس لأخذ مكاني الطبيعي والمعركة لم تنته. فالبوليس مازال موجودا.. ربحنا المعركة رحيل الدكتاتور ولكن مشروع ترحيل الدكتاتورية لم ينته بعد..
كيف تعاملت مع الغنوشي، حكومة وأداء طوال الخمسة وأربعين يوما التي قضّاها على رأس الحكومة.. هل كانت لك معه حوارات أو مشاورات مثلا؟
منذ اللحظة الأولى، قلت أنه غير مقبول شرعيا،، الشرعية هي شرعية الثورة.
هذا رجل يقول «لا أعلم».. وفي القانون الذي لا يبلغ عن جريمة هو جزء منها.. الحدّ الأدنى لبقاء الغنوشي في السلطة كان مهزلة. أتصور بقيت من خلاله أيادي من وراء الستار والهزيمة هزيمة من هم وراء ا لستار وليس لشخصه.
الملامة هنا على الحزبين الذين دخلا معه في حكومته.. كان خطأ سياسيا لأنهم ركبوا باخرة كانت بصدد الغرق.. ثمّ خطيئة أخرى صدرت من هؤلاء، هي أن الشعب كاملا يطالب بانهاء الدكتاتورية ويطالب بمجلس تأسيسي وهذه أحزاب تقبل بركوب البحر حين بدأت سفينته تغرق.
ماهي آفاق العملية السياسية الآن، وهل كنت تتصور أن يهرب بن علي من البلاد؟
بالنسبة لي، هذا الرجل يمثل كل مفاسد الأخلاق، فهناك من يمثل مكارم الأخلاق، وهو ممّن يمثلون العكس.. الى درجة أني أتساءل عن سرّ فراره.. فقد كان قراره كإنسان جبان.. لكنه في الآن نفسه لم يفاجئني فذلك جزء من هذه الطبيعة. جرّبته في مرات عديدة.. وعرفت أنه على هذه الأخلاق.. مشكلتي ليست لأنه دكتاتور بل في الوسائل الخسيسة التي يأتيها وهي لا تليق «برجل دولة».
إنّ مهمة من سيأتي الآن الى الحكم ليست فقط تكوين جمهورية بل يجب أن يعيد هيبة الجمهورية. بالنسبة لي ذاك الهرب «داخل» في الخصال المشينة لبن علي ما استغربته هو سرعة انهياره كنت مصمّما أن نناضل ضدّه الى يوم يبعثون. لكن متى سينهار.. هذا ما كان مجهولا..
لقد رأيته في الخطاب الأخير عادة أكون ضدّه وأغضب من كلامه.. لكن هذه المرة أثار فيّ نوعا من «الشفقة» حطام بشري.. هذا الرجل ما فعله بنفسه وبتونس (...) إن شاء اللّه يكون عبرة لمن يعتبر.
السياسة بالنسبة لك، أخلاق أو لا تكون.. هذا ما صرّحت به عديد المرات، فما مقصدك من هذا الكلام؟
تونس بحاجة الآن الى شعار: «السياسة أخلاق أو لا تكون..» والذي لا يفهم هذا ويعمل عليه فهو لا يفهم هذا الشعب..أقول دائما شعار: السيد من يعطي المثل وليس من يعطي الأوامر. بن علي كان يعطي الأوامر ولا يعطي المثل.
الشعب التونسي اليوم متعطّش بالأساس الى اعادة الثقة لمن يفهمه والأخلاق قوام الفعل السياسي، حتى تعود الأمور إلى نصابها.
كيف تعرف بن علي؟ كنت في الرابطة وقد قابلته في بداية التسعينات، ما الذي تعلمنا به حول هذا اللقاء؟
اكتشفت أنه كاذب ومخادع، عام 1991 دعاني أنا والهاشمي جغام (...) وكان معنا عبد اللّه القلال والصادق شعبان وقال لي ما قصّتكم حول ما تقولون حول التعذيب.. قلت له نحن مع محاكمات عادلة للاسلاميين.. نحن نرفض التعذيب.. استمع إليّ بإنصات لمدة كلامي، وقلت له: هناك تجاوزات كرابطة نرفضها.. فقال نعم نعم: هذا «سي الصادق شعبان» تفاهم معه..
قلت طيب وصدّقته.. وأنا على فكرة قد أخدع لكن مرة واحدة.. وكان عبد اللّه القلال يصيح ويهدّد.. وبن علي يهدّئ من روعه وعاد وهدّدني في مكتبه (القلال) وقال لي: «توّ نشلكوك» ثم خرج بن علي وخرجنا ووقفت أنتظر الصادق شعبان وبعد أن التحق بنا قلت له: سي الصادق غدا آتيك الى مكتبك واتفقنا على الموعد. فقال لي: العاشرة صباحا.
عشرات الملفات حملتها في الغد وفي سيارة تاكسي، كان الطقس ممطرا، دخلت قرطاج ولم يأت شعبان.. انتظرت فقيل لي أنه مريض عدت وانتظرته غدا حسب الموعد الجديد ولكنه لم يأت.. عندها فهمت القصة فقد جاءت التلفزة وصوّرت اللقاء مع بن علي وبالنسبة لبن علي فإنه أعطاه تعليمات بأن يرفض.. ولم يكن الأمر سوى مسرحية..
فهمت الأمر ومن يومها لم أصدّقه مرة.. رئيس دولة يكذب؟ واضح أنه بنى نظامه على الخداع. لم أعد أثق فيه البتّة.
عندما قال اصلاحات.. (يوم 11 جانفي 2011) كتبت على «الفايس بوك» لا تصدّقوه.. وكان الأمر كذلك.
هذا الرجل مبني على الخداع وقصّة دخوله المستشفى (بالسعودية) لم أصدقها وليس لها أساس من الصحة. كل ما في الأمر أن الحكومة مطالبة بإصدار إنابة عدلية ضدّه.
بخصوص الحسابات البنكية في جينيف ذهبت الى هناك واتصلت بنواب بالبرلمان السويسري وقلت لهم لا يكفي التجميد بل الشعب التونسي في حاجة إليها (الأموال) مليار فرنك سويسري يجب أن تعيدوها لنا، قلت هذا ل«جون ثارل ريال» النائب السويسري وقد طرح الأمر في البرلمان.
هذا أقوم به كمواطن ومن المفروض أن تقوم به الدولة حتى ترجعه هو وزوجته للمحاكمة.
أتوجه الى الحكومة السعودية لكي تفهم أن اللجوء السياسي لا يكون مع اللصوص.
هل توافق سي الباجي قائد السبسي أنه (بن علي) مارس الخيانة العظمى؟
نعم هي خيانة عظمى بدأت من تعامل مع الموساد تفويت في استقلال تونس لصالح الأطراف الأجنبية تزوير الانتخابات وضرب الحريات.
هذا (بن علي) مصيبة وصفحة سوداء في تاريخ تونس. أنا ضدّ الاعدام، لكن جلبه ضروري لاكتشاف الحقائق ولكي تكون محاكمته ومساءلته عبرة أمر ضروري.
كيف ترى تصفية تركة بن علي في المحاسبة؟
المستوى الأول الذين قتلوا وعذّبوا واستولوا على أموال الناس.
المستوى الثاني، هناك من ارتكبوا أخطاء بسيطة وكانوا مغلوبين بقرارات هؤلاء، يطلبون العفو و«والسماح» من الشعب.. حتى تكون المصالحة.
المستوى الثالث، هناك من سكت لأن اللّه لا يكلف نفسا إلاّ وسعها يجب أن نفرّق بين الحالات الثلاث من أجل السلم المدني.
هل أنت مع اقرار مبدإ المحاسبة في القوانين التونسية؟
نعم، ورئيس الجمهورية يكون الأول الخاضع للمحاسبة فلا مواطن فوق القانون كل الموظفين سواسي ويجب أن يحاسبوا، وهو في السلطة هناك مسؤولية خاصة، منع جريمة الدولة والاجرام بالدولة، هذا يجب ان يكون فصلا خاصا في أعلى قانون... ومن يجرم بالدولة يكون عقابه ثقيلا...
وإذا لا يقوم الرئيس بمسؤولياته يُخلع.
إذا اجتمع المال والسلطة والطبيعة البشرية...
حتى في أوروبا الغربية والشمالية وأمريكا فإن الفساد يكون ممكنا ولكن ما الفرق بيننا وبينهم: هم عندهم آلة لقلع... «النّجم» (أعشاب طفيلية) وحرية الصحافة واستقلال القضاء بحيث إذا اعترضتهما هذه الاعشاب الطفيلية فإن المشهد لن يستقيم...
لابد من اقرار، مجلس أعلى لمحاربة الفساد، بصلاحيات احالة أي شخص بما فيه رئيس الدولة على القضاء فيه شخصيات وطنية العقود الطائرات والمراكز النووية ومجلس لحماية المال العام... يجعل الفساد ليس مستحيلا بل صعبا... عندما تكون الحديقة منتجة للورود، يغيب عنها العشب الطفيلي.
«سي المنصف» أسألك سؤالا وبكل صراحة، أنقل لك ما اتهمت به من بن علي وأزلامه، أنك «متاع الخارج» تمويلا وفكرا... ماذا يقول ابن «المرازيق» د. المنصف؟
تاريخي شاهد على من أكون... والدي مناضل ضد الاستعمار الفرنسي... كان ينتمي الى اليوسفيين... مات في المغرب الاقصى ودفن هناك... ناضل الى اخر رمقه ضد الاستعمار ومن أجل رفعة الأمّة... أنا منفيّ منذ 10 سنوات... لم يتّصل بي أي طرف سياسي غربي ولا مموّل... لم أتلقّ دعما ماليا من أية جهة أجنبية... وقد دافعت على الاسلاميين... الجهات الغربية، تعتبرني عروبيا وأن أعتقد أن الشعب يعرف من هو المرزوقي... كل له تاريخه... وأنا أفخر بماضيّ وحاضري وسلالتي... ولا شيء في هذه المكوّنات يحملني على الخجل... أنا الى اليوم لا أملك سيارة... وسيارة الاجرة هي وسيلة تنقلي...
لا خوف بعد اليوم... حقوقنا نمارسها ولا نطالب بها...
لا نتعامل مع الدكتاتورية نعمل على بناء الديمقراطية وتعميق الهوية العربية الاسلامية الانسانية. التاريخ أثبت صحّة تحليلنا وأعطانا التاريخ الدور في أن نكون جزءا من بناء الديمقراطية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.