جمعت الندوة العاشرة حول: ثورة الكرامة والديمقراطية الّتي نظّمتها مؤخّرا مؤسّسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات والّتي خصّصت للحديث حول تجربة الأستاذ أحمد نجيب الشابي في الحكومة المؤقتة ومستقبل الحزب الديمقراطي التقدمي في النظام السياسي الجديد، جمعت هذا الأخير –أحمد نجيب الشابي وجها لوجه مع السيّد محمّد بلحاج عمر ، فكان هذا الحديث الّذي به العديد من الحقائق والمعطيات حول العديد من المسائل السياسيّة والحزبيّة خاصة زمن الرئيس السابق، ومن ميزة هذا الحديث أنّه كان هادئا في مصطلحاته ومرنا في طرق وصيغ التواصل على الرغم من الاختلاف في التقييم للأحداث والتباين في وجهات النظر. أحمد نجيب الشابي: أقوم بالسياسة بما أراه مصلحة تونس أولا أراني مجبرا على الإدلاء بشهادة مختلفة قليلا عن شهادة صديقي سي محمد بالحاج عمر, حتى لا يقع الخلط في المفاهيم. في الحقيقة كنت من الناس الذين راهنوا على إمكانية الانتقال إلى الديمقراطية سنة 1987, وكنت من خلال قراءتي أن المجتمع المدني والسياسي في حالة انهيار تام وكانت البلاد على وشك الدخول في تطاحن أهلي دموي نكشف فيما بعد على اختراقات الأجهزة الأمنية والعسكرية وما وقع من تفجيرات في بعض الفنادق, وقد عجز المجتمع السياسي عن أن يحدث تغيير من خارج الدولة, فجاء من داخل الدولة ما قام به وزير الداخلية السابق وكان وزراء الداخلية يدخلون مستبدين إلى هذه الوزارة, فيخرجون منها مصلحين وديمقراطيين, سي أحمد المستيري وسي الطاهر بلخوجة وغيرهم حينما يدركون حدود القمع وضرورة الإصلاح السياسي لاستمرار النظام. شيء آخر, خطاب 7 نوفمبر جاء مقترنا بعديد الإجراءات في ذلك الوقت والتي كانت تسير في الاتجاه الذي كنا نتمناه (...) ثم لما وقعت انتخابات 1989 وكانت خيبة أمل كبيرة, التقيت بالرئيس السابق يوم 17 أفريل 1989 وكانت الانتخابات يوم 2 أفريل, لما تحدثت معه حول ما وقع في الانتخابات, قال لي سي نجيب فلنحاول أن نصلح ما وقع. في تلك الفترة كان ثمة دائما ضعف سياسي فرأيت أنه لا بأس بالإصلاح إذا توفرت الإرادة, ثم جاءت حرب العراق الأولى وكانت حالة وحدة وطنية لمناصرة العراق, وأجلت الخلافات السياسية, لكن مباشرة بعد ذلك تمكن بن علي من عزل حركة النهضة ثم الإجهاز عليها بالقمع الدموي الشرس, كنت أدرك أنه سيؤدي بالتجربة الديمقراطية وعارضته في ذلك, ومن خلال اتصالاتي بكل أعضاء الحكومة وكانت في ذلك الوقت الأبواب مفتوحة والثقة موجودة. وأوفدني ممثلا شخصيا له لدى عبد الله بن صالح «الله يريحنا منه» لطرح قضية حرب الخليج في ذلك الوقت, وكان موقفا مناصرا للعراق, بعد تلك الفترة كشف بن علي عن مخططه في إدارة تونس بالقمع والبطش والتعذيب والسجن, وكانت القطيعة ومنذ يوم 20 سبتمبر 1990 وإلى حد خروجه, لم ألتقيه ووقعت عديد المحاولات, منها المحاولة التي قام بها عبد الرحمان التليلي لإعادة الصلة بيني وبين بن علي, فرفضت لأنني لم أعد أرى معه أي أفق وقمت بدوري في الصف الأول في معارضة سياسته منذ 1990. وفي الحقيقة موقفنا وموقف الوحدة الشعبية, لم يكن في نفس الموقف ونحن كنا الحزب المقصي من المشهد الرسمي ولا تمثيل له في البرلمان ولا حق في دعم صحيفتنا بشكل من الأشكال, القرار الوحيد الذي لم يتخذه ضدنا هو القيام بحلنا كحزب سياسي, وبقينا نشق الصحراء كما يقول الفرنسيون. وفي نهاية التسعينات بدأنا نلعب دورنا كفريق سياسي نشط وحيوي, لا يمكن أن ينكر أحد دورنا في قضية الرأي العام وبناء معارضة جدية ونزيهه(...). بالنسبة إلى استقبالي من طرف السيد محمد الغنوشي, كان أول اتصال بعد 20 سنة وكان عنوانه ضعف النظام, ولم يكن على أساس وساطات, وقد تلقيت مكالمة من طرف سي الودرني عياض أعلمني بأن سي محمد الغنوشي يريد مقابلتي, أنا رجل الحوار ولا أرفض الحوار مع أحد, قمت بمقابلته وطرح علي أشياء هي نفسها التي طرحها في الندوة الصحفية, ثم لما سقط بن علي أعاد استدعائي, وطرح علي تشكيل حكومة الوحدة الوطنية وأعطيت تقييمي لها, ومن لا يشاطرني هذا الأمر, فله ذلك, وأنا أعتز وأفتخر بأنني شاركت من خلال الحكم في تحقيق العديد من الأهداف التي آمنت بها ولا زلت وأنني لم أتورط في أي شيء مخالف لأخلاقياتي وبرنامجي وسلوكياتي ومن يعتبرني أخطأت فله ذلك, أنا أعتز بما قمت به وأتحمل مسؤوليتي مهما كانت. (....) بالنسبة إلى حركة النهضة والعلاقة معها, كانت من الناحية المبدئية والحقوقية, أنا دافعت عن كل الناس ولا يوجد شخص لم أدافع عنه كمحام أو كصحفي وكنت وفيا لكل من دافعت عنه في الجانب الذي دافعت عنه, ولم يسكن قلبي أي حقد على أي اضطهاد نزل بي أنا شخصيا في عهد الرئيس بورقيبة رحمه الله وأقول رحمه الله وغفر له حكم علي ب32 سنة سجنا أمضيت سنتين و7 سنوات في المهجر واخترقت الحدود بدون جواز سفر وأمضيت 3 سنوات ونصف السنة في العمل السري وأنا محكوم علي ب32 سنة, دخلت سرا إلى تونس وبقيت حتى وصول حكومة سي مزالي والذي كان لي الشرف أن أحضر موكب دفنه ووقفت على جثته, بالقصبة وقرأت الفاتحة, وسامحته, لأنه لم يدفعني أحد للنضال لا أحد طلب مني التضحية, أنا طلبت من تلقاء نفسي ليس لي كره لأي شخص ولدي حب لتونس. (...) المفروض هو إرضاء ضميري أولا وقبل كل شيء, أنا أقوم بالسياسة بما أراه مصلحة تونس, «موش بالبالة», بالتثبت (....), أحب تونس في إطار الحرية والعدل, كل من ظلم يأخذ حقه وكل من ظلم يقع تتبعه من طرف القضاء العادل لا القضاء الانتقامي. بالنسبة إلى الاتصال بالحكومة وغيره هو صدق ليس لي شيء أخفيه. , وأنا أقول لكم إن ضميري مرتاح تمام الراحة, على مشاركتي في هذه الحكومة وكنت أكون غير مرتاح الضمير وغير راض على نفسي لو أني بقيت متفرجا. محمد بالحاج عمر: نعم، نجيب رحّب بفكرة ترشحي للرئاسة... ما أريد قوله في البداية أن سي نجيب الشابي كان ولا زال صديقي وكنا متفقين على مستوى الأحزاب أكثر من بقية الأحزاب, فالتوجه هو توجه تقدمي وكنا في تحليلنا للمواضيع دائما نتفق إلا أنه في الحقيقة هو رجل فطن وعالم بأمور السياسة, وأخطأ خطأ ثانيا, لا يجب أن ننسى أنه يوم 7 نوفمبر 10 ملايين تونسي كلهم صفقوا للبيان الذي جاء به الرئيس السابق بن علي. أنا استيقظت السادسة صباحا تلقيت مكالمة هاتفية, طلب مني فتح الراديو, سمعت البلاغ, وتأكد لي وقتئذ أنه بيان من بيانات حزب الوحدة الشعبية. كيف يمكن أن أسمع هذا ولا أوافق. في الحين دعوت إلى اجتماع المكتب السياسي وفي الحين أصدرنا برقية لأثمن على ما جاء في البيان وانساق كل الأحزاب في نفس الموضوع. أحمد المستيري قام بالعديد من الأعمال خاصة في 29 جويلية 1988 في ما يخص مؤتمر التجمع هو الذي قام بالتصريح وبإمكانكم الرجوع إليه, بن علي العظيم الذي ورط أحزاب المعارضة كلها برمتها في هذا الموضوع وسي أحمد نجيب الشابي بإمكانه الادلاء بالشهادة, إذن أظن أنه تقدم في 14 جانفي, فوجد نفسه مقترحا بأن يكون في حكومة في برنامج جديد, فقد وقع الاتفاق على أفكاره وعلى برامجه. كيف يمكنه تطبيقها؟ إذن فليس من المعقولية أن يرفض, هذه غلطة ثانية لأن نجيب الشابي كان في «صحفة العسل», هو كان من المقربين لبن علي, هو أقرب المقربين من أحزاب المعارضة, المهمة في الخارج يسلمها لنجيب الشابي ولم يسلمها لي أنا, كان لا يستبقيني, يقول لي بأن نجيب الشابي هو الذي يعرف أمور السياسة, بحيث عدم الاتفاق بيني وبين بن علي, كانت مسائل إيديولوجية للبرنامج الذي قمت به في الحملة الانتخابية لما قلته في مجلس التنمية وسي نجيب كان حاضرا حول المناطق النائية, حول البطالة والتعليم. قلت لهم يوم 6 جوان 1999 وكانت كل الحكومة حاضرة برئاسة الوزير الأول قلت لهم إني أتحداهم إن لم يكن شخص منهم له مشكل من المشاكل وخاصة البطالة, إذا كان المشكل غير قائم اليوم فإنه قادم غدا ولذلك أريد أن أقول إنه بالنسبة إلى نجيب المسألة ليست مسألة إيديولوجية, بحيث حضر في مؤتمر في الخرطوم وقابل سي راشد الغنوشي في المؤتمر القومي العربي, وتحدث معه ورأى في السيد راشد الغنوشي رجلا معتدلا, ويسعى إلى خدمة وطنه, فلما رجع إلى تونس اتصل ببن علي وصرح له بأن راشد الغنوشي قد ظلم وأعلن له أنه تحدث معه وحكى له عن كل الجزئيات فطلب منه الرئيس السابق كتابة تقرير بالموضوع فطلبت من نجيب عدم الكتابة, لأن الرجل ليس صادقا وجدت مظاهر تلاعبه يظهر للعيان. عندما أردت الترشح للرئاسة قمت باستشارة السيد نجيب فرحب بالفكرة وساندني فقلت له إن ترشحت هل سأحصل على صوتك قال لا. أنا من رأيي أن الأخ نجيب أخطأ عندما دخل الحكومة مع بعض رموز النظام السابق ونحن عرفناهم كاذبين وكانت لهم اليد في الواقع المتردي للبلاد, لأنهم هم الذين كانوا يتجسسون على المسؤولين وينقلون له الأخبار, هؤلاء الأشخاص قام بتربيتهم على منواله هو أراد أن يخلق منهم أناسا سياسيين ولكن هم ليس لهم أي علم بالسياسة, هناك مرة وقع استدعاء المعارضة من طرف 9 مستشارين ولكننا عبرنا عن آرائنا بكل ثقة بالنفس, وقلت لهم إنكم بصدد التصفيق لبن علي.