ماذا في لقاء وزير الخارجية بعدد من الكفاءات التونسية بالسينغال؟    لأجل غير مسمى.. إرجاء محاكمة ترامب بقضية "الوثائق السرية"    كوريا الشمالية: وفاة "مهندس تقديس الأسرة الحاكمة"    محرز الغنوشي: رجعت الشتوية..    سحب لقاح "أسترازينيكا" من جميع أنحاء العالم    البنك المركزي: ارتفاع عائدات السياحة بنسبة 8 بالمائة موفى شهر افريل 2024    مدنين: الجهة قادرة على توفير حاجياتها من أضاحي العيد وتزويد جهات أخرى (رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحة)    البرلمان يصادق على تنقيح القانون المتعلق بمراكز الاصطياف والترفيه لتشمل خدماتها فئات جديدة من الأطفال ذوي الهشاشة    جراد: الخونة والعملاء الذين تٱمروا على أمن الدولة يريدون استغلال ملف الهجرة لإسقاط قيس سعيد    سليانة: السيطرة على حريق نشب بأرض زراعية بأحواز برقو    الجزائري مصطفى غربال حكما لمباراة الترجي الرياضي والاهلي المصري    المرحلة التاهيلية لكاس الرابطة الافريقية لكرة السلة: الاتحاد المنستيري ينقاد الى خسارته الثالثة    دورتموند يفوزعلى باريس سان جيرمان ويصل لنهائي أبطال أوروبا    وزارة التربية تقرر تنظيم حركة استثنائية لتسديد شغورات إدارة المدارس الابتدائية بمقاييس تضمن الانصاف    أمطار أحيانا غزيرة بالمناطق الغربية وتصل الى 60 مم خاصة بالكاف وسليانة والقصرين بداية من بعد ظهر الثلاثاء    لإحتفاظ بعنصر تكفيري مفتش عنه وبحوزته مخدرات    سيدي حسين: القبض على منفذ عملية براكاج لمحل بيع الفواكه الجافة    فرقة "مالوف تونس في باريس" تقدم سهرة موسيقية مساء يوم 11 ماي في "سان جرمان"    وفاة المذيع والكاتب برنارد بيفو عن عمر يناهز 89 عاما    وزير السياحة: اهتمام حكومي لدفع الاستثمار في قطاع الصناعات التقليدية وتذليل كل الصعوبات التي يواجهها العاملون به    بمناسبة اليوم العالمي لغسل الأيدي: يوم تحسيسي بمستشفى شارل نيكول حول أهمية غسل الأيدي للتوقي من الأمراض المعدية    الخارجية المصرية.. لا يمكن أن تستمر الانتهاكات الإسرائيلية دون محاسبة    مصر: تعرض رجال أعمال كندي لإطلاق نار في الإسكندرية    باجة .. سفيرة كندا تبحث امكانيات الاستثمار والشراكة    اتحاد تطاوين.. سامي القفصي يعلن انسحابه من تدريب الفريق    الليلة في أبطال أوروبا ... هل يكسر بايرن مونيخ شفرة ملعب ريال مدريد؟    بعض مناضلي ودعاة الحرية مصالحهم المادية قبل المصلحة الوطنية …فتحي الجموسي    عاجل/ طلب عروض لإيواء مهاجرين بنزل: بطاقة ايداع ضد رئيس جمعية ونائبه    بنزرت: تنفيذ 12 قرار هدم وإزالة لمظاهر التحوّز بالملك العمومي البحري    ولاية رئاسية ''خامسة'' : بوتين يؤدي اليمين الدستورية    المهديّة :ايقاف امام خطيب بسبب تلفظه بكلمة بذيئة    نحو صياغة كراس شروط لتنظيم العربات المتنقلة للأكلات الجاهزة    من الحمام: غادة عبد الرازق تثير الجدل بجلسة تصوير جديدة    المتلوي: حجز 51 قطعة زطلة بحوزة شخص محل 06 مناشير تفتيش    هام/ الليلة: انقطاع المياه بهذه المناطق في بنزرت    عاجل : صحيفة مصرية تكشف عن الحكم الذي سيدير مباراة الاهلي و الترجي    قريبا: وحدة لصناعة قوالب ''الفصّة'' في الحامة    ليبيا تتجاوز تونس في تدفقات الهجرة غير النظامية إلى إيطاليا في 2023    انقلاب "تاكسي" جماعي في المروج..وهذه حصيلة الجرحى..    عرض الكرة الذهبية لمارادونا في كأس العالم 1986 للبيع في مزاد    سليانة: تخصيص عقار بالحي الإداري بسليانة الجنوبيّة لإحداث مسرح للهواء الطلق    تونس تسيطر على التداين.. احتياطي النقد يغطي سداد القروض بأكثر من ثلاثة اضعاف    اتصالات تونس تنخرط في مبادرة "سينما تدور" (فيديو)    تونس : 6% من البالغين مصابون ''بالربو''    المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك: "أرباح القصابين تتراوح بين 15 و20 دينار وهو أمر غير مقبول"    فتوى تهم التونسيين بمناسبة عيد الاضحى ...ماهي ؟    متى موعد عيد الأضحى ؟ وكم عدد أيام العطل في الدول الإسلامية؟    الكشف عن وفاق إجرامي قصد اجتياز الحدود البحرية خلسة    حوادث: 13 حالة وفاة خلال يوم واحد فقط..    الفنان بلقاسم بوقنّة في حوار ل«الشروق» قبل وفاته مشكلتنا تربوية بالأساس    رئيسة قسم أمراض صدرية: 10% من الأطفال في تونس مصابون بالربو    إشارة جديدة من راصد الزلازل الهولندي.. التفاصيل    البطولة الانقليزية : كريستال بالاس يكتسح مانشستر يونايتد برباعية نظيفة    أولا وأخيرا .. دود الأرض    مشروع لإنتاج الكهرباء بالقيروان    في لقائه بخبراء من البنك الدولي: وزير الصحة يؤكد على أهمية التعاون المشترك لتحسين الخدمات    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    العمل شرف وعبادة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عياض بن عاشور يتحدث ل«الشروق» عن: «الرئاسية».. اليحياوي.. «النهضة» وصراعات الهيئة

«لن أترشح لأي منصب سياسي... لن أترشح لا للرئاسة ولا لغيرها من المناصب السياسية...» قالها وهو يضحك، لأن السؤال أعيد على مسامعه عدة مرات... من جهات مختلفة... كانت تلك الكلمات هي آخر جواب له على آخر سؤال لي، في لقاء أمس الذي خص به الأستاذ عياض بن عاشور «الشروق»...
هو حوار شامل، مس جوانب الشخصية التي نحاورها وهم كذلك المشهد السياسي لتونس ما بعد الثورة... وتونس ما قبل المجلس التأسيسي... وخاصة تونس الجدل... والعراك السياسي والحراك الفكري الذي تلا القصبة (2)...
وجدته، وفق الموعد المسبق الذي حدد مدته بساعة، لكن اللقاء طال فوصل الساعة وأربعين دقيقة... وجدته في مكتبه بمقر الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والاصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي.. لبس جبة تونسية ناصعة البياض، وأظهر لي، وهو يرحب بي وبزميلي طارق سلتان، أنه صاحب صدر رحب، ويقبل النقد سيما وأنه كان يحمل صورة من الافتتاحية التي كتبتها في «الشروق» يوم 24 جويلية المنقضي تحت عنوان «الهيئة العليا... تلك حدود الله»...
بين لي أنه قد يكون نصح ممن حوله، بأن لا يعطيني فرصة محاورته على أعمدة «الشروق» لكنه وهو الذي ينشد الديمقراطية سبيلا لحكم البلاد، قبل اللقاء والحوار...
تحدث السيد عياض بن عاشور السياسي.... وتحدث بن عاشور الانسان التونسي الذي يقيم الأمور على السجية...
وقد قبل الأسئلة التي أوردها بحذافيرها، ونصها كما نقلتها له على مسامعه، فلم يتشنج عندما كان المجال فيه امكانية لذلك... ولم يكن غافلا عن مرامي السؤال وأهدافه في بعض الأحيان لكنه اعتمد أسلوب الشرح والتبليغ... وكثيرا ما تكون قفلة الجواب نقطة... وارجع الى السطر...
كشف عن علاقته بأعضاء الهيئة... وعلاقته بالاحزاب السياسية، وعلاقته بالسلطة وبالانتخابات...
بدأت بالسؤال الأول وقد جاء كالتالي:
أستاذ عياض بن عاشور، سوف نبدأ من آخر المستجدات داخل الهيئة: هيئة تحقيق أهداف الثورة والاصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي: هناك تململ لبعض الاحزاب وبعض الشخصيات والمنظمات داخل الهيئة... وصل حد الانسحاب... لكن أكثر انسحاب ربما بدا «لافتا» هو انسحاب حركة النهضة، فهل كانت مهمتك توفيقية أم لتفاهمات ما، أم هي رفض لوسيط ثالث حدث جدل بينك وبينه؟
(كنت أقصد القاضي مختار اليحياوي).
(....) آمل ان يتواصل عنصر الثقة والتبادل بيننا (يعني مع الصحافة بصفة عامة) لانارة الرأي العام... بالنسبة الى زيارتي للنهضة، صحيح أن زيارتي لحزب حركة النهضة كان نتيجة لفشل شاب المهمة التي قام بها السيد مختار اليحياوي، وهذا الفشل يتمثل في أن الحكم الذي اخترناه ليقرب الآراء فيما بيننا، ويذلل الصعوبات بيننا، فيكون حينئذ واسطة بين متنازعين ما راعنا الا أنه شرع يتهجم على أحد الطرفين وبهذا التهجم غير المعقول وغير العادل سحب عن نفسه صفة الواسطة وصفة الحكم ففقد مصداقيته وفشل في هذه المهمة التوفيقية، أمام هذا الوضع، كنت مختارا بين أمرين: اما أن أتجاهل الأمر وهو موقف غير مسؤول واما أن أواصل بنفسي مباشرة هذه المساعي التي ترمي الى تهدئة الأجواء وطمأنه الأطراف وارجاع النهضة الى مكانها بالهيئة.
وهذا ما أعلنت عنه في حديث لزملاء لك في قناة نسمة، قلت لهم هناك «لست في حاجة الى وساطة... سأطرق باب النهضة بنفسي وأظن أنهم لن يقدموا على طردي من منزلهم» وفعلا طرقت الباب وفتح لي الباب وحللت ضيفا عليهم واستقبلوني بود واحترام ووداعة وحصل بيني وبين الاستاذ حمادي الجبالي والسيد علي العريض والأخ زياد الدولاتلي لقاء وحوار ودام الحديث بيننا أكثر من ساعتين وربع الساعة «تبادلنا في اللقاء الآراء... كان حديثا شيقا ولهذا الحوار الذي جرى بيننا يومها يمكن ان نقول اننا مهدنا لامكانية رجوع النهضة الى مكانها...
طبعا لم يعدوني بشيء واضح، ولكن بامكاني أن أقول اليوم إن الجو أصبح أكثر ملاءمة وتهيئوا لرجوع حزب حركة النهضة الى مكانه صلب الهيئة.
هل هناك جديد يمكن أن تخص به قراء «الشروق»... متى تعود النهضة الى الهيئة؟
الجديد الجديد... كما تعلمون إلتأم اجتماع لعشرة أحزاب من ال12 حزبا الأعضاء بالهيئة، يوم الخميس الفارط، واجتمعوا كأحزاب سياسية بقطع النظر عن انتمائهم للهيئة، وأقول هذا بكل صراحة. الهيئة غير معنية بهذا الاجتماع، اجتمعوا كأحزاب سياسية كما قلت... وهذا الاجتماع كان يرمي الى تدعيم التوافق والى تهدئة الاجواء بين الاحزاب كي لا تسير هذه الأحزاب نحو الانتخابات (يوم 23 أكتوبر القادم) في جو من قلة ثقة ويتسم بالتطاحن... ويكون التنافس سيد الموقف... لأن التنافس أساس الديمقراطية والعراك... طبيعي في الديمقراطية، ولكن ما نريده هو أن الاحزاب التي تمثل الشعب ولها دور في انجاح العملية الانتخابية، يجب ان لا تكون العلاقات بينها علاقات متشنجة وخارجة عن اطار العمل السياسي الاخلاقي وهذه الاحزاب عليها ان تلتزم بقواعد تبعدها عن التطاحن غير المعقول وغير المشروع، فينقلها من جو التطاحن المشحون في التنافس السلمي... وهكذا يكون دور الاحزاب فعلا... ويكون الجميع ملتزمين بالتصدي لكل من يريد افشال المسار... الديمقراطي.
وما قمت به هو عمل مستهل ومقرب، ولا علاقة لهذا الاجتماع بمسألة رجوع النهضة من عدمه الى الهيئة...
هل تعود النهضة الى الهيئة؟
اجتماع الأحزاب لا علاقة له بهذا الهدف، ولكن اذا سهل الأمر... فليكن...
هل أن الاحزاب المجتمعة، أعلمتك مثلا بامكانية عودة النهضة؟
ليست هناك علاقة بين اجتماع الاحزاب وعودة النهضة
هناك من ينعت «الهيئة» بأنها كما «دودة الحرير» في كل مرة تخرج علينا بمنتوج يحمل شكلا غير سابقه... أي شكلا جديدا... سواء في مستوى المهام أو الشخوص... فهل لك، أن توضح للشعب التونسي عبر «الشروق» حدود وملامح ومهمات هذه الهيئة؟
الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة وقع تحديد مهامها بالمرسوم الذي ينظمها، وهو المرسوم عدد6 الفصل الثاني منه والمؤرخ في 18 فيفري 2011 مهام الهيئة التي تستنتجها من المرسوم، أول مهمة: «تتعهد الهيئة بالسهر على دراسة النصوص التشريعية ذات العلاقة بالتنظيم السياسي واقتراح الاصلاحات الكفيلة بأهداف الثورة... اذن الدور التشريعي الذي قامت به الهيئة، مثلا عند مصادقتها على القانون الانتخابي ثم مصادقتها على المرسوم المتعلق باحداث الهيئة العليا للانتخابات ثم قانون الاحزاب... والآن هي بصدد النظر في قانون الجمعيات ثم قانون الاتصال السمعي والبصري ثم وفي نهاية الأمر، مشروع قانون الصحافة.. كيف نبرر ذلك؟
أولا: المبرر هو الفصل الثاني الذي ذكرته منذ حين... المبرر الثاني هو أنه يتحتم على الهيئة ان تقترح جميع القوانين التي من شأنها تأطير الانتخابات ونجاح الانتخابات... فالقوانين التي صادقت عليها الهيئة أو هي بصدد النظر فيها الآن، لكنها لها صلة بالانتخابات، الاحزاب والصحافة والسمعي البصري.... اذن من هذه الناحية أي المعيار الانتخابي لم تخرج الهيئة عن اختصاصها بل بقيت في صلب اختصاصاتها يعني تأطير وتيسير المسار الانتخابي.
ثالثا وأخيرا نذكر كل من رأى أن الهيئة تحولت الى برلمان، أذكرهم أنها هيئة اقتراح وليست هيئة تقرير.
كيف نواجه هذه الهيئة وننعتها بأنها تمارس السلطة التشريعية والحال أنها سلطة استشارية، من المشرع الآن؟ في ظل المرحلة الانتقالية... يسند ذلك الى رئيس الجمهورية (المؤقت) الهيئة اذن ليس لها سوى سلطة الاقتراح وليس التقرير.
اذن الانتقاد الذي وجه الينا هو عين الظلم... والانتقاد غير المعقول هو عين الظلم أيضا.
طيب، لماذا لم توضحوا هذه الأمور الى الشعب التونسي صاحب المصلحة في معرفة هذه الجزئيات... فأنتم لا تنشطون صلب هيئة موجهة أعمالها الى أهل الذكر في مجال القانون أو علم السياس، بل للشعب الكريم؟ هناك تقصير في عملية التواصل ملقاة على عائق رئاسة الهيئة وكذلك على الاحزاب المنضوية تحت هذه الهيئة، على اعتبار ان الاحزاب السياسية هي الضامن للتواصل مع الشعب؟
لقد وضحنا مرات ومرات.... ولكن هناك أطراف لا تريد ان تسمع الا ما يناسبها من الكلام... وقد وضح زملائي صلب الهيئة، حيث لم تمارس الهيئة أيا من السلطات المخولة للسلطة التشريعية...
وهنا أقول ان الاعلام هو المسؤول...
كيف تقول ان الاعلام هو المسؤول... الاعلام ليس معلقا بين الأرض والسماء... أنتم كأعضاء هيئة،، عليكم تقع مهمة التواصل والاتصال والتوضيح... والاعلام ليس سوى وسيلة؟
ربما عديد الأطراف، هي مسؤولة عن هذا الوضع غير الواضح... الهيئة، وكل ما تقوم به، هو صلب اختصاصها المنصوص عليه في المرسوم.. وكل ما انجزته هو لفائدة تأمين انتخابات المجلس التأسيسي هناك هدف يجب ان يوحد الجميع اسمه انتخابات المجلس الوطني التأسيسي... لنأخذ العهد الجمهوري مثلا جاء، لكي لا تخرج الأحزاب عن منظومة التنافس... بأخلاقيات العمل السياسي، كذلك تمويل الاحزاب له صلة بالانتخابات، أليس كذلك؟... والاعلام والصحافة... كلها لها علاقة بالانتخابات كلها من أجل ضمان انتخابات نزيهة.
لا أفهم كيف توجه كل هذه الانتقادات... وخاصة أن جلها يأتي على لسان اختصاصيين في القانون!
هناك من يريد «تكسير» الهيئة و«تكسير» الانتخابات... ولكن سأفترض وأنا أعتقد ذلك، أن جل النقد والاحكام جاءت من حسن نية لنا مشكل اتصال نعم.. ولكن المسؤولية مشتركة...
انطلقت لجنة الاصلاح السياسي كلجنة تقنية أكثر منها سياسية عامة، ولكن مع الاعلان عن ميلاد الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة، وجدتم أنفسكم (في القيادة) كخبراء تقودون سفينة سياسية فيها من كل زوجين اثنين ولكن يحدث ان هذه السفينة تتقاذفها الطموحات، وأهداف الثورة وأهداف السلطة وحبّ الكرسي وقوى الردة... هل أن الاستاذ بن عاشور واع لهذه التجاذبات ومتى حصل الوعي بذلك ان هو حصل وهل ترى في ذلك خطرا ما.؟
أن أكون واعيا بذلك فهذا لا ريب فيه، كنت واعيا من أول لحظة ان الهيئة التي التأمت لأول مرة في 17 مارس 2011 كانت تحمل في روحها وفي جسدها جميع التناقضات التي تشق المجتمع التونسي، من تناقضات فكرية وايديولوجية... ولكن أنا أؤول ذلك، لا من باب العرقلة أو الصعوبة التي لا يمكن ان نتجاوزها، لكن من باب الواقع الذي يمكن ان نتصرف فيه... هذا هو واقعنا...
مشكل الهيئة أننا لا نجد فيها سلطة أو حزبا فيه أغلبية... ولا نجد توافقا بين الآراء... ولا نجد توافقا بين الآراء... والمواقف... ولا يوجد حد متوسط من التوافق والوحدة... فالهيئة هي ضحية طبيعتها أو لنقل ضحية جنسها فيها ممثلين عن الاحزاب وعن الشخصيات الوطنية... فيها تمثيلية عن الجهات وعن المنظمات الكبرى... كل هذه القوى تحمل تناقضات جمة... اللحمة الوحيدة التي تجمع جميع أعضاء الهيئة هي مقاومة النظام السابق... وكره كل ما يمثل الدكتاتورية السابقة... هذه الوحدة أو اللحمة، هي لا تكفي، كي تكون هذه اللحمة بناءة وخلاقة بعد الاطاحة بالنظام الدكتاتوري... فوجدنا أنفسنا أمام اشكال عويص وهو تشتيت الاتجاهات وتشتيت الرؤى، ومن هنا وجدنا أنفسنا أمام تكاثر النزاعات وهذا ما شاهدناه في عدة اجتماعات وأزمات أزمة الفصل الخامس عشر من القانون الانتخابي... من الذين يمنعون من الترشح... الأزمة الأولى هي أزمة تركيبة الهيئة وتمثيليتها والأزمة التالية تعلقت بالفصل الثامن، من مرسوم الهيئة العليا للانتخابات... الأزمة الرابعة بمناسبة تأجيل تاريخ الانتخابات الأزمة الخامسة التصويت على نص مشروع قانون الاحزاب السياسية وهذه الازمات هي التي تفسر الأزمة الداخلية للهيئة، التي أدت الى انسحاب بعض الاحزاب، مع العلم ان هناك بعض الأعضاء من داخل الهيئة يهاجمون الهيئة في الخارج ويقدحون في مصداقيتها وهم أعضاء في الهيئة، وأنا لا أعرف لأي أغراض يتم ذلك... ربما لأغراض البروز... على الشاشات... لأني لا أفهم ان عضوا في هيئة معينة، ويجعل من التهجم على الهيئة عمله اليومي... وهذا ما لا أفهمه... أما ان تحافظ على الحد الأدنى من الانتماء، أو تستقيل أما تصريحات ساخنة ضد الهيئة وتبقى داخلها... ولكن هم قلة والحمد لله.
الهيئة العليا تنبثق أو تعين غداة المجلس التأسيسي وعادة تتأسس أو يعلن عن مثل هذه الهيئات من أجل تسهيل عمل وخطة ومهام المجلس التأسيسي، مجلس يأتي بعد استقلال أو ثورة، ونحن في تونس نعرف التجربتين، ولكن ما يحصل الآن، خاصة في ما يهم تعيين الأعضاء، جاء والقول للناقدين: اما ل«مرضاة» ما ، أو أن الأمر لم يخضع الى غربلة أو منافسة، وهناك من يقول ان الهيئة تضم شخصيات عملت مع بن علي وبورقيبة، في خنق الحريات... ماذا يقول الاستاذ عياض بن عاشور؟
تركيبة الهيئة، ليست نتيجة «أخذ بالخاطر» أو «استحباب»...
تركيبتها قائمة على معايير موضوعية تتعلق بالاحزاب والشخصيات والمنظمات.
من هؤلاء، لا أعرف واحدا من هؤلاء تعامل مع دكتاتورية بن علي... الاحزاب كلها قاومت وناضلت ضده... أما الجهات فهي منبثقة من مجالس حماية الثورة...
أنا ليس لي شأن بتعيين أعضاء الهيئة... لا يد طولى ولا يد قصرى في تركيبة الهيئة...
ولكن هناك أحزاب وتيارات قاومت دكتاتورية بن علي وكذلك بورقيبة، وعرفت السجون والمنافي مثل القوميين وحزب العمال الشيوعي التونسي؟
حزب العمال الشيوعي التونسي والقوميون عندهم موقف سياسي... من الهيئة يرفضونها...
بالنسبة للأحزاب كان معيار الاختيار هو معاداة الدكتاتورية والمشاركة ومساندة الثورة... والتأشيرة في الحصول على الاحزاب، ليس لي شأن ولا دخل في تكوين الاحزاب، هذه قنبلة وضعوها بيدي....
كثر الكلام حول لجنة الاصلاح السياسي أنها لجنة كونها بن علي قبيل 14 جانفي، كيف توضح لنا الأمر من جانبك، فأنت الذي عينت لرئاستها... متى تم اشعارك بالمهمة قبل أو بعد 14 جانفي؟
هذه الاجابة بدقة: أعلمت بانشاء هيئة الاصلاح السياسي، يوم 15 جانفي على الساعة الواحدة والنصف نهارا، وعندما توجهت الى الموعد مع السيد محمد الغنوشي وجدت سي الصادق بلعيد يومها والهيئات الثلاث أعلمت بوجودها لأول مرة، في مكتب الوزير الأول السيد محمد الغنوشي، يوم السبت 15 جانفي 2011، وأعلموني أن السيد محمد الغنوشي يناديك... لموعد في قصر الحكومة، وأقول هنا إنني ولمدة 20 سنة لم أضع قدمي في القصبة ولا غيرها... كنت مع المعارضة، أكتب... وبعد استقالتي من المجلس الدستوري سنة 1992.
أعلمني الغنوشي باللجان الثلاث، واقترح علي ان أترأس هيئة الاصلاح السياسي فقبلت منه ذلك، هذا ما وقع كما عشته... لكن لا أدري ان كانت الفكرة موجودة من قبل لا أدري...
استقالتك سنة 1992 شابتها ملابسات، هل تذكرها لنا؟
كنت كما جميع التونسيين رغم أن لي شيئا من الاحتراز، كنت آمل ان يقع تغيير حقيقي في شؤون البلاد بعد 7 نوفمبر 1987... بين 1987 والتسعينات (البداية) نظام بن علي مازال لم يظهر حقيقته... لا ننسى اعلان 7 نوفمبر والميثاق الوطني ورجوع اللاجئين السياسيين والتنقيح في الدستور سنة 1988، كل هذه كانت مؤشرات ايجابية تنبئ بأن هناك ارادة سياسية لاصلاح الوضع السياسي في البلاد.
جميع الاحزاب واكبت هذا الأمر... اليسار والنهضة... آمنا بالحدث... وهذا ما جعلني أقبل الانتماء الى المجلس الدستوري سنة 1988، وشاركت في المهمة الاستشارية... وسنة 1992 عرض على المجلس مشروع تنقيح قانون الجمعيات، وكان هذا المشروع يهدف الى تصفية الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان... فعندما أخذ المجلس ينظر في هذا المشروع تبين لي أن كل المؤشرات لهذا القانون تشير أنه مخالف لدستور 1959 كان يخالف أدنى درجة من الضمير القانوني، فعندما صادق المجلس على هذا القانون، ونشر بالرائد الرسمي، استقلت بمعية صديقي سي عبد الفتاح عمر... ووضحت لرئيس الجمهورية في رسالة استقالتي، مرفوقا بتقرير في 4 صفحات حول عدم دستورية القانون، وقلت له في نص استقالتي، ان هذا القانون ينافي الضمير القانوني لرجال القانون... يعني أبعد من مسألة مخالفة الدستور... ووقتها كتبت الاستقالة، الا ان رئيس المجلس تخوف من اعادة الاستقالة... ولم تقبل الاستقالة من مكتب الضبط للمجلس الدستوري، لكننا عدنا وسجلنا الاستقالة في مكتب الضبط بكلية العلوم القانونية... من موقعي رفضت الأمر... وانتهى.
لم نعرفك أستاذ عياض بن عاشور طرفا سياسيا، لك ميولات لحزب ما... ولكن بعد الثورة وجدنا «الاستاذ» وكأنه في قاعة محاضرات أو مدرج بكلية... أمامه كل ألوان الطيف السياسي بالبلاد، فهل تمكنت من أن تكون مدرسا أم ان السياسي فاض فعوم «الاطار» الأكاديمي؟
الشيء الوحيد الذي يمكن ان أقوله، هو أن مهنة الاستاذ والبيداغوجيا المهيئة هي التي مكنتني من التعامل مع هذه الهيئة لا أدعي أنني نجحت، ولكن اذا يمكن ان يحسب لي، أقول انني مدين لتكويني البيداغوجي.
لا أرى تناقضا بين مهمة المثقف ومهمة الاستاذ ومهمة السياسي، الشيء الذي أرفضه ورفضته، أن يتعامل المثقف مع نوع من الحكم السياسي: الدكتاتور.
لم أكن أنظر الى «الأكاديمي» برجا عاجبا... ما عملت من أجله طيلة مسيرتي، هو أن المثقف ورجل القانون خاصة، لا يجب ان يتعامل مع نظام الدكتاتورية ولكن مع الأسف الشديد وجد النظام القديم كثيرا من رجال القانون أحجم عن تسميتهم تعاملوا مع الدكتاتورية ووضعوا له المنظومة القانونية التي حكم بها.
كثيرا ما رفضت تسميات للهيئة مثل «هيئة بن عاشور» أو هيئة «الالتفاف على الثورة»... هل في هذا ايلام لشخصك؟
أريد ان أقول لك، هناك تناقض في كل ما نشاهده في تعليق عضويه في الهيئة وبين أن ندعي ان الهيئة هي «بن عاشور»... هذه هيئة فيها مواجهات كثيرة داخلها، تدل أنها هيئة مستقلة ولا تمتثل لتعليمات «عمرو» أو «زيد» فهذا الكلام.. الذي قيل هو انتقادات وظلم... والظلم يمر علي كالهواء.. عندي ترفع ولا أكترث للمبالغات اللفظية.. أو المشاكسة والمبالغة في التهجم والانتقاد... لم أكترث بمثل تلك السلوكات والهيئة، هي ناطقة عن نفسها... كيف يمكن لعاقل من الاحزاب، أو الشخصيات الوطنية، أن تقودها شخصية أو هناك صلة ولاء بين رئيس الهيئة... هذا كلام يحيد عن الصواب والعدل والحق... وأحسن دليل الحوار والنقاش داخل الهيئة تجاه الرئيس وضده... أحيانا.
هل ستترشح للرئاسية؟
كما قلت سابقا... هناك من يريد ان لا يفهم... بكل صراحة انا مثقف أستاذ، لي مكانتي داخل بلادي وخارجها.
ثانيا، اليوم في هذه الفترة القصيرة، تحولت الى رجل عمومي ورجل سياسي أقول لك بكل صراحة، بين المثقف الذي كنت والسياسي الذي تحولت اليه اليوم، لا أرتاب ولا أتردد فاختار بصفة قطعية وحاسمة: المثقف وحياة العلم والمعرفة أفضل ذلك بدون أي تردد ولا أي ذرة من الشك... على صفة الساسة الذي تعلمت في 6 أشهر عن الساسة والمجتمع أكثرمما تعلمته طوال 30 سنة في حياتي.
أي نظام لتونس يرى المثقف عياض بن عاشور؟
أولا: المشكل ان المسألة السياسية لا تفض جوهر مشاكل البلاد، السياسة هي شرط، من شروط الشرعية والمشروعية والدستورية، وهي كلها شروط للأمن والراحة... ولكن المسألة السياسية والدستورية لا تفض كبريات المشاكل للبلدان ثانيا مشكلنا ليس سياسيا فقط بل يتمثل في العدالة الاجتماعية في العدالة بين الجهات، وهذا لن يفضها لا الدستور... ولا الانتخابات.
الدستور يمكن ان يكون الاجمل.. أقول نعم للاصلاح السياسي، وأنا أعمل صلب هذا الموضوع ولكني واع بأن المسألة السياسية لن تفض مشاكلنا بعصا سحرية... يجب ان تنكب بصفة خلاقة، على الملف الاجتماعي... هذه المشاكل الحقيقية.
لا أحد يؤمن بأن المجلس التأسيسي سيفض المشاكل،لكن هو مرحلة لابد من حكومة شرعية... تفض المشاكل... الاجتماعية خاصة...
السياسة مهمة نبيلة فيها أخلاق التعامل مع الشأن العام.. وشأن السياسة شأن رفيع جدا...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.