لخّصت النّكتة العربية نكبة الشعوب العربية بحكام «ضحكت من أجلهم (عليهم) الأمم. ولعلّ تندّر الشارع العربي بحكامه يكشف مدى التسلط الذي مارسوه باغتصاب السلطة وتغييب الحقوق والكفاءات. التندر طال المديرين العامين وكل متنفّذ في الادارات العربية التي استولى عليها الأميون والقريبون من السلطة من متملقين و«لحاسين» ومتشعبطين... وكان اللجوء إلى النكتة «محاولة لقهر القهر» كما يقول فرويد أو هي بمثابة «ثورة صغيرة» على حد تعبير جورج أورويل... هذه الممانعة بالنكتة جعلت عبد الناصر يطالب في احدى خطبه بالامتناع عنها: «كفاية نكت»! ويقال إنه شكّل وحدة في الاستخبارات مسؤولة عن رصد النكت مثلما ترصد الزلازل! الدكتاتورية هي الأب الشرعي للنكتة والاستبداد في الادارة هو المولّد لهوّة النكت «لقهر القهر»... فرئيس العمل لا يرتاح إلا «للنطيحة والعرجاء وما أكل السبع» ولا يثق إلا في المرتشين وضعاف النفوس وكل من له ملفه الخاص بالفساد أفضل ضمان كي يستمر في الولاء ولا نفكر حتى مجرد التفكير في التمرد أو الانسلاخ عن سيده... الإدارة هي حكومة مصغرة تعكس الأعلى منها وهي اللبنة الأولى التي تتشكل منها منظومة الفساد. لذلك لا بدّ ان تسقط هذه اللبنات لأنه لا معنى لرحيل الطاغية وبقاء رموزه في الادارة سواء كان القطاع خاصا أو عموميا. الأعوان في الإدارة هم «طراطير» الطاغية: «قال زعيم عربي لمجموعة من آله وصحبه وأتباعه: فينا خائن الحرف الأول في اسمه يبدأ بحرف «ط». انتفض أحد أزلام الزعيم العربي قائلا «لست خائنا»!! قال له الزعيم: «ومن قال انك المعني بالخيانة؟! قال المتهم نفسه: «ألست تدعوني دائما ب«الطرطور»؟! هم طراطير إذن... وهم عصابة لصوص حين يجتمعون يعم الهدوء خارج اجتماعهم.. وتروي احدى النكت ان عصابة حكم عربي (ليكن للطرابلسية أو لآل القذافي أو لعاصبة علي عبد اللّه صالح) اجتمع أفرادها قبل أن يتذكر أحد أفرادها انه نسي سيارته مفتوحة وفي داخلها آلاف الدولارات فلما همّ بالخروج لجلب المال قال له أحد الحاضرين: «اطمئن لن يسرق مالك أحد لأن كل اللصوص مجتمعون هنا!!!» طراطير تطيع لصوصا احتكروا السلطة وعينوا أعوانهم مدى الحياة! «يروى ان مواطنا عربيا أهدى رئيسه سلحفاة (ربما ليغمز سلوكه الذي يعتمد البطء في الحركة) وقال له هذه السلحفاة تعيش 400 سنة فقال له الرئيس «سنرى ذلك»!! هو الوثوق بالخلود... وهؤلاء الرؤساء الأميون (معظمهم) يعتمدون على كاتب خطب غالبا ما تكون خطبهم خشبية وشخصيا أريد متابعة وزير وهو سفير حاليا كان يكتب خطب الرئيس المخلوع قضائيا لأنه دمّر حياتي بتلك اللغة الخشبية التي كان بن علي يتهجاها منتهجا بعبارات مثل «سيّما» و«لا مجال» وغيرها... كان أحد الزعماء مرهقا فطلب من كاتب خطبه أن يقتصر على صفحة واحدة... وعندما جاء ليلقي خطابه وجد أمامه أربع صفحات فألقى بها جانبا بغضب وصرخ في كاتب الخطاب الذي أوضح له الأمر بدم بارد: «إنها يا سيدي ورقة واحدة وثلاث نسخ منها!». أما الصحف الموالية للطاغية والتي غالبا ما تتلون وتغيّر جلدها وفق عقلية «اللّه ينصر من صبح» فلم تسلم من النكتة العربية: «كان أحد المواطنين العرب (نبعدو على تونس) يشتري صحيفة وينظر في الصفحة الأولى ثم يلقي بها في صندوق القمامة: سألوه عن السر فقال: قراءة الوفيات تكفي!! قيل له: لكن الوفيات ليست في الصفحة الأولى... قال من انتظر وفاتهم لا يعلنون عن موتهم إلا في الأولى!!!». وحتى نوجز حال الحكام العرب واذنابهم في الادارات العربية من أعلى إدارة إلى أصغر وحدة إدارية يحسن أن نتابع هذه النكتة: «قرر الشيطان هجرة بلد عربي فأسرع إليه شعبها وقالوا: نرجوك لا ترحل ستلقى فينا كذابين ومنافقين يرغبون في النار؟ فقال لهم أنتم لا تستحقون... الواحد منكم يأتيني فقيرا حافيا جوعان أجعله يسرق كي يأكل ويلبس ويغش لكي يتخرج بامتياز ويزوّر الانتخابات ويرشي كي يبقى عضوا بالبرلمان، وبمجرد أن يصبح رئيسا أجده قد علّق وراءه: «هذا من فضل ربي»!!! بوركت أيتها النكتة يا «هتاف الصامتين» و«رسالة المقبورين» و«الحرب الشعبية السرية ضدّ الحكام والسياسيين»...