دخلت الثورة الليبية منعرجا خطيرا باتخاذ مجلس الأمن الدولي بطلب من جامعة الدول العربية قرارا يجيز له فرض منطقة حظر جوي ضد الاجواء الليبية. والخطر هنا انه لن يكون بالامكان طي صفحة التدخل الاجنبي عبر القرار الذي اتخذه مجلس الأمن الدولي ليلة الجمعة، بنفس سهولة استدعائه للعب دور حيوي في ما يجري في ليبيا. وربما سهل اتخاذ قرار جامعة الدول العربية دعوة الليبيين انفسهم لاتخاذ قرار يمنع عنهم العمليات العبثية المجنونة التي يقوم بها النظام الليبي، غير انه سيكون من الصعب التكهن بتداعيات هذا القرار على مستقبل ليبيا والمنطقة عموما. وربما كان يجب ان تحذو الثورة الليبية حذو الثورتين بتونس ومصر في تكريس رغبة الشعب دون اي تدخل اجنبي، ولكن... لم يترك القذافي وابنه من فرصة لشعبه ولابناء امته غير «الاستنجاد» بمجلس الامن الدولي. العقيد الليبي شن حربا غير متكافئة ضد ابناء شعبه وهو المؤتمن على سلامتهم وكرامتهم. كما لم يراع جيرة او اخوة او شراكة في المصير عندما اعتدى بالقول والشتائم وعبر تصريحات نارية وغير مسؤولة، تداول مع ابنه على الادلاء بها ضد ابناء شعبه وجيرانه وامته، بما اذهل من حوله ممن يمكن ان يلعبوا دورا ما في تجنيب الشعب الليبي حمام الدم... الا انه ورغم كل شيء يظل الاستنجاد بمجلس الأمن الدولي فشلا عربيا جديدا في التعاطي مع القضايا العربية، كما يظل التدخل الاجنبي في حل هذه القضايا غير مأمون العواقب على ليبيا وعلى المنطقة عموما، خاصة اذا تم استغلال نقاط الغموض في قرار مجلس الأمن للتفكير في اشياء اخرى غير تجنيب الشعب الليبي المذبحة. كان الله في عون الليبيين الذين يقفون اليوم امام خيارات عديدة احلاها اشد مرارة من الاخر، المذبحة او التدخل الاجنبي او استمرار الاستبداد.