قتلت 10% من سكان غزة".. تقرير عالمي عن تفوق إسرائيل على النازيين في قتل المدنيين    إطلاق نار بالقرب من سجن تحتجز فيه مساعدة جيفري إبستين    غدا.. غلق الطريق في اتجاه باجة أمام القادمين من باب عليوة ولاكانيا    تاريخ الخيانات السياسية (41) .. تسميم الخليفة المعتمد    أخبار الملعب التونسي : تغييرات في التشكيلة والخميسي يقود الهجوم    بين «الشفافية» و«التأثيرات الخفية» من يتحكم في منظومة التوجيه الجامعي...؟    في شارع بورقيبة بالعاصمة : خيمة تعريفية بأسطول الصمود المغاربي لكسر الحصار المفروض على غزة    اكتشاف جديد    كيفاش مناشف الحمام تولي بؤرة ميكروبات؟ وشنوة الحل؟    "لوموند": فرنسا تصدر مذكرة اعتقال دولية بحق دبلوماسي جزائري    تحذير من سمكة الأرنب السامة بشاطئ المريقب في منزل تميم    مشروع دعم التنوع البيولوجي بمنطقة سيدي محمد عين دراهم    انخراط 425 مؤسسة في موسم التخفيضات الصيفي    طقس الليلة: ضباب على الساحل وريح شرقية وهكا باش تكون السخانة    تونس – الطقس: سماء صافية وضباب في وقت متأخر من الليل    عاجل: ألسنة النار تلتهم قمة جبل الفراشيش والحماية المدنية تحارب النيران    مدنين : للمرة الثانية تاجيل اضراب بطاحات جزيرة جربة الى ايام 17 و18 و19 اوت    بطولة الرابطة المحترفة الاولى (الجولة الافتتاحية-الدفعة1): النتائج والترتيب    عاجل: موسم الحصاد 2025 يتصدر أفضل خمس سنوات في تونس    تونس تدين وبشدّة إعلان الكيان المحتلّ عن نواياه الدنيئة لإعادة احتلال قطاع    كرة اليد: منتخب الاصاغر يفشل في بلوغ الدور الرئيسي للمونديال    عاجل/ سمير الشفّي: لسنا مع تأجيج الأوضاع لكننا لن نصمت..    شنوة الفرق بين أنواع المياه المعدنية؟ وشنيا لازم تعرف قبل ما تشري    جامعة النقل تعلن تأجيل إضراب المطارات    الملح: القَتَالْ الصامت اللي يضرب صحتك...كيفاش؟    إيقاعات الراي تلهب مسرح الحمامات مع النجم الشاب مامي    وزيرة الثقافة تدعو إلى اعتماد رؤية إبداعية مُتجددة خلال أيّام قرطاج السينمائية والمسرحية    حركة تونس إلى الأمام "تدين الدعوة إلى تجميد وحل الاتحاد العام التونسي للشغل"    الترجي يفرض عقوبات مالية وتأديبية على المتأخرين عن بداية التحضيرات    رابطة أبطال إفريقيا .. الترجي يواجه القوات المسلحة من النيجر والاتحاد المنستيري يصطدم بأسود الشرق السيراليوني    القصرين: اختيار 60 مشاركاً لتمثيل الجهة في التصفيات النهائية للبطولة الوطنية للمطالعة    افتتاح فعاليات الدورة 38 للمهرجان الصيفي بزغوان بفضاء معبد المياه    ساقك فيها القلب الثاني... إهماله يسبب جلطات ومضاعفات خطيرة كيفاش؟    عاجل/ مقتل كهل داخل شقته في العوينة: هذا ما تقرّر ضد المشتبه بهم    كأس الاتحاد الإفريقي .. النجم الساحلي يواجه الأهلي مدني السوداني والملعب التونسي يصطدم بسنيم نواذيبو الموريتاني    أربع مواجهات قوية في افتتاح الموسم الكروي التونسي...التوقيت والقنوات    الشابة: القبض على مروج مخدرات    قبل بداية البطولة: تغييرات كبيرة في القوانين... وتنقيح جديد في مجلة العقوبات...شنيا صاير؟    عاجل/ إطلاق نار وسط نيويورك    عاجل - للتوانسة : إحذروا من فخ الجوائز الوهمية على الفايسبوك والإنستغرام!    3 وفيات و4 إصابات في انقلاب شاحنة محمّلة بالفحم الحجري بأوتيك    قابس : استكمال ربط محطة النقل البري الجديدة بمختلف الشبكات في وقت قريب    تنفيذ برنامج تنظيف الشواطئ بنسبة 80%.. #خبر_عاجل    زيلينسكي: لن نترك أراضينا للمحتل.. #خبر_عاجل    خزندار: الإطاحة بمتحيّل خطير محل 26 منشور تفتيش وأحكام تفوق 100 سنة سجناً    صيف المبدعين: الكاتبة سعاد الخرّاط: عشت في الحقول الشاسعة والأبراج المُسوّرة وبيتنا كان مزارا    تاريخ الخيانات السياسية (40): قتل الخليفة المهتدي    استراحة صيفية    أماكن تزورها...الشبيكة (توزر) روعة الطبيعة وسحر الواحات    مصيف الكتاب بالقلعة الصغرى.. احتفاء بالإصدار الأدبي «هدير الأمواج» للكاتبة نسرين قلص    إلى شتات أهل وسلات    الفنان مرتضى ... حضور ركحي متميز وطاقة فنية خلاقة أمام جمهور غفير للموسم الثالث على التوالي بمهرجان صفاقس الدولي    مهنة وصيف: بشير برهومي: »مشوي» على ضفاف شط الجريد    القمر يضيء سماء السعودية والوطن العربي ببدر مكتمل في هذا اليوم    كيفاش الذكاء الاصطناعي يدخل في عالم الفتوى؟ مفتى مصري يفسر    وزارة الشؤون الدينية تصدر بلاغا هاما بخصوص الترشّح لأداء فريضة الحجّ لسنة 2026..#خبر_عاجل    صندوق النقد العربي يتوقع نمو اقتصاد تونس بنسبة 2ر3 بالمائة خلال سنة 2025    في سهرة فنية رائقة ضمن فعاليات الدورة 45 لمهرجان صفاقس الدولي .. الفنان لطفي بوشناق يعانق الإبداع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حول مقال «كان أولى بالقضاة أن يطلبوا الصفح من الشعب التونسي» (3)
نشر في الشروق يوم 05 - 04 - 2011


بقلم: وليد العربي مساعد في القانون
بجامعة قرطاج
ثم قال السيد صلاح الشيحاوي بأن اللجوء إلى الإنابة العدلية ليس أمرا واجبا بل إن ما فرضه هو الواقع وذلك بحكم العدد المرتفع للملفات التي يباشرها قضاة التحقيق وكذلك بحكم قصر آجال الاحتفاظ. ولم أفهم بالضبط إن كانت الإنابة العدلية أمرا غير واجب أو أنها إجراء فرضه الواقع، فهل هي مفروضة أم غير مفروضة؟ يستخلص من الفصل 57 فقرة أولى من مجلة الإجراءات الجزائية أن الإنابة العدلية هي مجرد إمكانية «أمكن» ولكنها إمكانية مشروطة بأن يتعذر على قاضي التحقيق القيام بأعمال التحقيق بنفسه واللجوء بالتالي إليها يبقى أمرا استثنائيا لا يمكن أن يفرضه واقع ارتفاع عدد الملفات التي يباشرها قاضي التحقيق... ثم إن الاحتفاظ وقصر آجاله الذي ختم به قاضينا الجليل تعليله، هو أيضا إجراء استثنائي.
أما النقطة الثانية فتتعلق بمسألة المنطق الإجرائي وبالثورة الفرنسية. لقد استغرب السيد صلاح الشيحاوي صدور دعوة من أستاذ متخصص في القانون للخروج عن القانون وقال إنه لأول مرّة يرى ذلك. وهذا أمر يسعدني لأنني لست من المقلّدين ولا من النقليين بل من المبدعين أو على الأقل أحاول - بكل تواضع- أن أكون كذلك. ولكن للأسف سبقني إلى هذا التفكير عدد كبير من القانونيين، إذ توجد مدرسة بأكملها تدعو إلى التمرد وإلى الثورة على القانون الوضعي إن كان ظالما وجائرا وهذه المدرسة هي مدرسة القانون الطبيعي بكل تعبيراتها و التي ظهرت في القرن الخامس قبل الميلاد في اليونان ومزال لها إلى اليوم بعض المنادين على غرار الفيلسوف الفرنسي ميشال فيلاي. كما أنّ مؤسس المدرسة التقعيدية وأحد كبار منظري مدرسة القانون الوضعي الدولتي والتي تعتمد كمقولة أساسية أنه لا قانون خارج القانون الوضعي للدولة، وهو هانس كلسن قد ترك في نهاية المطاف، الباب مفتوحا أمام المواطن لنقد القانون الوضعي وللخروج عنه والتمرد وحتى الثورة عليه، إن كان ظالما. وأنا لست من الملتزمين بتعليمات مدارس القانون الطبيعي ولا من المتقيدين بضوابط مدارس القانون الوضعي بل إنني أحاول إيجاد أسس بديلة للقانون...
ولكنني حين قلت إن الثورة في أحد وجوهها، هي تحرّر ولو إلى حين، من المنطق الإجرائي والشكلي، لم أفعل ذلك بصفتي مختصا في القانون بل بصفتي مواطن.
ويقول السيد صلاح الشيحاوي إن المنطق الإجرائي هو نتاج الفكر الغربي الحديث وتحديدا الفكر القانوني الفرنسي وإن ذلك قد جاء لحماية حقوق المتقاضين. هذا كله صحيح ولكن يجب إصلاح خطأ وحيد وهو أن من أسّس القواعد الإجرائية وكرّسها هم الإنقليز وليسوا الفرنسيين وذلك منذ «الشرعة الكبرى» لسنة 1215 ومختلف إعلانات الحقوق التي صدرت في القرن السابع عشر. وللفرنسيين أيضا دور هام في تأسيس المسائل الإجرائية ولكنهم لم يكونوا الأوائل في هذه العملية كما يدعي قاضينا الجليل أما بخصوص محاكم الثورة الفرنسية التي انتصبت لمقاضاة أعداء الثورة انطلاق من سنة 1792 فإنها لم ترتكب مجرد تجاوزات أو انتهاكات بل إنها ارتكبت فظاعات و سفكت و أراقت الدماء وذلك بمرور عدد كبير من الفرنسيين على المقصلة. ولكن إن كان لهذه المحاكم فضل ففضلها يكمن في أنها خلّصت الفرنسيين حتى من قادة الثورة مثل دونتون و مرا و روبسبيار وبالتالي جنبتهم إمكانه تأليه بعض البشر... أما فيما يتعلق بأن أبسط الضمانات و منها مبدأ التقاضي على درجتين لم تكن مضمونة أمامها فذلك يرجع أولا إلى منطق الثورة وثانيا إلى فكر روسو الذي يعتبر أن الإرادة العامة النابعة عن الشعب معصومة و لا يمكن أن تخطئ فجاءت تركيبة هذه المحاكم ممثلة في جزء منها للشعب الفرنسي.
وأخيرا حول ما قاله السيد صلاح الشيحاوي بأن العديد من الدارسين يعتبرون أن الثورة الفرنسية مثالا سيئا لثورات الشعوب وأن ثورتي اسبانيا والبرتغال نموذج يحتذى في الانتقال السلمي للديمقراطية، فإنني أقول بأنه إذا كان يقصد بالدارسين المؤرخين وعلماء الاجتماع والأنتروبولوجيا والقانونيين وعلماء السياسة، فإن هذه استحالة أن يكونوا قد قالوا ذلك بصفتهم دارسين. فدور الباحث لا يكمن في الاستحسان أو الاستقباح ولا في إصدار الأحكام القيمية بل يتمثل دوره في دراسة الظواهر بصفة موضوعية. أما الموقف الذي عبر عنه قاضينا المحترم ونسبه للدارسين فهو لا يعدو أن يكون سوى موقفا أخلاقيا أو سياسيا أو دينيا... ومع ذلك فإن هيقل ومارسيل قوشي وهشام جعيط مثلا، يقدمون الثورة الفرنسية كحدث جلّل في تاريخ فرنسا أولا وفي تاريخ الإنسانية ثانيا.
وأختم بالقول بأن الدعوة التي وجهها القاضي حامد المزوغي بأن ينوه الشعب التونسي بالقضاة، هي دعوة مرفوضة شكلا وأصلا لأن الشعب لا ينوه بأحد ولا يقف إجلالا لأحد سواء كانوا قضاة أو أساتذة أو غيرهم...
هذه بعض الردود عن المقالات التي انتقدتني وانتقدت مقالي وأرجو أن يكون مقالي هذا قد قرئ على ظاهره، دون بحث في نيتي ولا في خلفياتي وبعيدا عن تشنج الانتماءات التي أنا منها متحرّر ولا يحرجني بأن يقال مثلا إن سوء فقه القضاء يرجع إلى سوء فقه الشراح، مع أن كتابات ودروس هؤلاء تشهد بأنهم ما انفكوا ينقدون فقه القضاء ولكن هيهات...!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.